حذّر نواب وخبراء أمنيون من تدهور الأوضاع الأمنية في محافظة القصرين، وسط غرب تونس، الأمر الذي قد يستغله "الإرهابيون" والمهربون للتحرك والتسلل، فيما حضرت، صباح اليوم الأربعاء، وحدات من الجيش الوطني بوسط المدينة، لحماية المنشآت والمرافق العمومية من النهب والسرقة والتخريب، بعد أن عمد مجهولون، ليل أمس، إلى اقتحام مستودع البلدية وسرقة محتوياته وغلق الطريق.
وتشهد الجهة حالياً، هدوءاً حذراً بعد حالة من الاحتقان والمواجهات التي عاشها، أمس، حي النور بالقصرين ليلاً، ما أجبر قوات الأمن والجيش على التمركز والانتشار بالحي تحسباً لأي طارئ. وتم صباح اليوم، القبض على خمسة أشخاص يشتبه في قيامهم بأعمال التخريب وسرقة المستودع البلدي.
وقال مسؤولون في المدينة إن السبب الحقيقي للاحتجاجات يعود إلى القبض على أحد المهربين، وإن أغلب المحتجين من المراهقين.
وأكد المدوّن فتحي محمدي، من حي النور بالقصرين، لـ"العربي الجديد"، أن الاحتجاجات كانت في البداية ذات طابع سلمي للمطالبة بالتنمية والتشغيل، ولكنهم فوجئوا بعملية السرقة التي تمت ليلاً، ما أجبر شباب القصرين على الانسحاب. وأكد أنهم يرفضون عمليات العنف والتخريب، مرجحاً أن يكون هناك مجهولون أو مأجورون وراء أعمال الشغب التي حصلت.
وأضاف محمدي أنّ القصرين تعيش حالة احتقان في صفوف الشباب، لأن الأوضاع لم تتغير رغم مرور 5 أعوام على الثورة، ولكنهم في الوقت نفسه ضد التخريب، ومع الدفاع عن مطالبهم باحتجاجات سلمية بعيدة عن كل أعمال العنف.
ولفت إلى أنهم شاهدوا أشخاصاً تحوم حولهم شبهات إجرامية، يقودون الاحتجاجات ليلا، معتبرا أن الدستور التونسي يسمح لهم بالنضال السلمي لنيل مطالبهم المشروعة، ولكن ليس التسلل ليلا واستغلال الوضع للسطو والسرقة.
وأكدّ النائب عن القصرين والقيادي في حركة النهضة، وليد البناني، لـ"العربي الجديد"، أنّ القصرين من المناطق الساخنة، وأن الأوضاع تتأجج عادة في شهر يناير/ كانون الثاني من كل عام، مبينا أن الحكومة وللأسف لم تهتد إلى طريقة تمتص بها غضب الشباب في المناطق المهمشة.
وأشار إلى أنّ الكثير من الوعود لم تنفذ رغم تعاقب العديد من الحكومات، ما يجعل الإرادة السياسية شبه غائبة في القصرين، وبالتالي لا أفق ولا مشاريع واضحة، وأغلب الوعود لا تزال تراوح مكانها، هذا إلى جانب الوضع الاجتماعي والاقتصادي الهش. واعتبر أن الدعوات إلى التحرك قد تكون تلقائية ومتوقعة، وهو ما سبق التنبيه إليه وتحذير الحكومة من تأجج الأوضاع، لافتاً إلى أنّ هذا لا يمنع استغلال بعض الأطراف الأخرى لما يحصل.
بدورها، اعتبرت الخبيرة الأمنية، ورئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس، بدرة قعلول، أنّ شباب القصرين عادة يتحركون في مثل هذه الفترة للتذكير بمطالبهم المشروعة في التشغيل والتنمية، ولكن المريب أن هذا الاحتجاج اندلع ليلاً، وأن المواجهات رافقتها أعمال شغب لا علاقة لها بالتنمية. وتساءلت عن أسباب سوء تأطير الاحتجاج، وترك الفراغات للعناصر المخربة والتي يعرف عنها استغلالها لمثل هذه الأوضاع والتسلل بين المحتجين للقيام بتجاوزات كبيرة.
وشددت قعلول، لـ"العربي الجديد"، على أنّ على الدولة الالتزام بمسؤوليتها، وأن صمت الأطراف الرسمية لا يجب أن يطول أكثر، لأن عليهم الكشف عن الجهات التي تقف وراء ما يحصل في القصرين. واعتبرت أن الوضع في الجارة الجزائر محتقن نوعاً ما بسبب اندلاع احتجاجات، ثم يأتي هذا التحرك في القصرين، التي هي على مقربة من الحدود الجزائرية وبالتالي تصبح العملية وكأنها جس نبض أو تحضير لما هو أخطر.
كما حذّرت من أنّ الوضع الاجتماعي المحتقن، والوضع الاقتصادي المضطرب، قد يؤديان إلى ما لا تحمد عقباه في ظل تواجد أرضية هشة، الأمر الذي قد يسهل الفوضى، مؤكدة أنّه لا بد من التعقل لانفراج الأوضاع تدريجيا خاصة في ظل الحديث عن عودة وشيكة لـ"لإرهابيين" ومحاولات استغلال البعض منهم تدهور الأوضاع الأمنية.