البرلمان المصري يقر تشريعاً حكومياً يقضي ببيع الجنسية للأجانب

07 يوليو 2019
من جلسة سابقة للبرلمان (Getty)
+ الخط -
وافقت أغلبية مجلس النواب المصري، اليوم الأحد، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم (89) لسنة 1960، في شأن دخول وخروج وإقامة الأجانب بأراضي جمهورية مصر العربية، والقانون رقم (26) لسنة 1975 عن الجنسية المصرية، وإحالته إلى مجلس الدولة (جهة قضائية) للمراجعة، وسط اعتراضات واسعة من أعضاء تكتل الأقلية المسمى "25-30".


ونص مشروع القانون على "أنه يجوز لرئيس مجلس الوزراء منح الجنسية المصرية لكل أجنبي اشترى عقاراً مملوكاً للدولة، أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، أو أنشأ مشروعاً استثمارياً وفقاً لأحكام قانون الاستثمار، أو بإيداع مبلغ مالي بالعملة الأجنبية كإيرادات مباشرة تؤول إلى الخزانة العامة للدولة، أو كوديعة في حساب خاص بالبنك المركزي".
ونص تعديل القانون على أن يُقسم الأجانب من حيث الإقامة إلى الفئات الآتية: "أجانب ذوي إقامة خاصة - أجانب ذوي إقامة عادية - أجانب ذوي إقامة مؤقتة"، على أن تضاف إلى قانون الجنسية المصرية مادتان جديدتان، تستهدف الأولى إنشاء وحدة بمجلس الوزراء تختص بفحص طلبات التجنس المقدمة، وإبداء الرأي في شأنها.
ونصت المادة التي حملت رقم (4 مكرراً 1) على أن "يصدر بتشكيل الوحدة، وتحديد اختصاصاتها الأخرى، ونظام عملها، وقواعد وإجراءات تقديم طلبات التجنس، والبت فيها، والبيانات والمستندات اللازم توافرها، قرار من رئيس مجلس الوزراء، على أن تضم في عضويتها ممثلين عن وزارات الخارجية، والداخلية، والاستثمار والتعاون الدولي، والجهات الأمنية المعنية".
كذلك نصّت على أن "يكون للوحدة أمانة فنية، يصدر بتشكيلها وتحديد مهامها وقواعد العمل بها قرار من رئيس الوحدة"، في حين نصت المادة (4 مكرراً 2)، على أن "يُقدم طلب التجنس في مقر الوحدة أو على موقعها الإلكتروني، مستوفياً البيانات والمستندات المطلوبة، وذلك بعد أداء رسم قيمته عشرة آلاف دولار أميركي، أو ما يعادله بالجنيه المصري، بموجب تحويل بنكي من الخارج".
ونصت المادة على أنه "لمقدم الطلب إبداء رغبته في الحفاظ على سرية طلبه، وما يتصل به من قرارات، على أن تقوم الوحدة بفحص الطلب، والبت فيه بصفة مبدئية، في موعد أقصاه ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمه، مع مراعاة اعتبارات الأمن القومي".
وفي حالة الموافقة المبدئية على الطلب من رئيس مجلس الوزراء، يُمنح طالب التجنس حق الإقامة المؤقتة في مصر لمدة ستة أشهر، وذلك لاستكمال الإجراءات والبيانات والمستندات اللازمة لاستصدار القرار النهائي بشأن الطلب، حسب مشروع القانون.
ويتعيّن على الوحدة الانتهاء من فحص الطلب، وعرض توصيتها النهائية بشأنه في ضوء اعتبارات الأمن القومي، على رئيس مجلس الوزراء لإصدار قراره النهائي، وذلك كله في موعد أقصاه ثلاثة أشهر من تاريخ استيفاء البيانات والمستندات المشار إليها.
وقال رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان، لواء الاستخبارات السابق كمال عامر، إن مشروع القانون استهدف استحداث نظام جديد لمنح الجنسية المصرية مقابل الاستثمار، بما يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية للدولة، مشيراً إلى أن منح الجنسية المصرية لا يصدر به قرار من مجلس الوزراء إلا بعد استطلاع رأي الجهات الأمنية المعنية، بما يتماشى مع متطلبات الأمن القومي.
وزعم أن منح الجنسية المصرية "يُسهم في دعم التنمية الاقتصادية لمصر، وبالتالي يدعم أمنها القومي، ويستهدف تشجيع استثمار الأموال العربية والأجنبية في المشروعات الاقتصادية، مع التيسير على الأجانب ذوي الارتباط الطويل والقوي بمصر، والعمل على توفير جو من الثقة والاستقرار، ليطمئن المستثمرون على أموالهم ومشروعاتهم".
وعزا عامر إلغاء الشرط المتعلق بوجوب إقامة الأجانب ذوي الإقامة بوديعة في مصر لمدة خمس سنوات متتالية سابقة على تقديم طلب التجنس، إلى أنه يمثل عقبة في سبيل الحصول على الجنسية المصرية، على حد تعبيره.
إلى ذلك، شهدت الجلسة العامة للبرلمان جدلاً واسعاً حول مشروع القانون ما بين مؤيد ورافض، بعدما وجه رئيس ائتلاف الأغلبية المسمى "دعم مصر"، عبد الهادي القصبي، الشكر إلى الحكومة ولجنة الدفاع والأمن القومي على إعداد مشروع القانون، قائلاً "التعديلات حافظت على متطلبات الأمن القومي، وستساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية إلى مصر".
وهو ما أيده النائب سامي رمضان، بالقول إن "التشريع جاء محققاً التوازن المطلوب، وخرج حريصاً على الأمن القومي"، مستطرداً "لدينا أجهزة أمنية تحرص حرصاً كاملاً على الأمن القومي المصري، والكل يدور في فلك تشجيع الاستثمارات، وتنمية الاقتصاد، والقانون مشجع للاستثمار، من خلال منح الجنسية لأي مستثمر جاد".

في المقابل، قال النائب مصطفى بكري: "أرفض هذا القانون لأن الوطن مستهدف، وهذه المؤامرة المسماة بالشرق الأوسط الجديد ترى أن مصر هي الجائزة الكبرى"، مضيفاً "كوننا نعرف أن الحروب تشن من كل اتجاه، فإننا يجب أن نرفض هذا القانون، وأرى أن مصادر المال كثيرة ومتعددة، لكن الجنسية المصرية غالية، ولا يستحقها إلا من بذل الدماء لهذه الأرض".
بدوره، أعلن النائب هيثم الحريري رفضه مشروع القانون، متسائلاً عن علاقته بما يسمى إعلامياً بـ"صفقة القرن"، والتي تتضمن بنوداً تشمل توطين الفلسطينيين في مناطق سيناء. وقال إن "مشروع القانون باطل يراد به باطل، خصوصاً أن رجال الأعمال في مصر يرسلون أولادهم للتعلم في الخارج، فما هو الجاذب في مصر لرجال الأعمال الأجانب؟".
وأضاف الحريري: "أين دراسة الأثر التشريعي التي وعدت الحكومة بتقديمها بشأن مشروع القانون الذي أقره المجلس (البرلمان) منذ أشهر قليلة، وكان يسمح ببيع الجنسية المصرية مقابل وديعة بنكية لمدة 5 سنوات بقيمة 7 ملايين جنيه؟"، مستدركاً "التشريع السابق كان يشمل العديد من الضمانات التي ألغاها تعديل القانون، والذي يمنح الجنسية مقابل امتلاك أي وحدة سكنية بعد أن كانت مقابل وديعة".
وتابع: "مصر ترحب بجميع المستثمرين، ولكن دولة شقيقة مثل السعودية تمنح الإقامة المميزة للمستثمرين، ولا تمنح أحداً منهم الجنسية السعودية. نحن نرحب بقدوم المستثمرين بعائلاتهم من دون منحهم الجنسية"، مواصلاً "لماذا ربط الاستثمار بالجنسية، لا سيما أنه يمكن منحها لدولة بيننا وبينها عداء، وهو ما قد يحدث مع الإقرار بدور الأجهزة الأمنية التي نقدرها".
وعقب رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، قائلاً "الشروط التي تحدث عنها القانون، مرجعها إلى وزير الداخلية، وهناك مغريات كثيرة جداً في مصر، ومن لا يعرف قيمة هذا البلد عليه أن يدرس التاريخ جيداً، وعليه أن يعود إلى الكتاب الرائع (عبقرية مصر)"، مضيفاً "لا توجد دولة في العالم لا تمنح الجنسية بناءً على الاستثمار، وأرفض إدخال عبارة ذات طابع سياسي مثل (صفقة القرن)".


وزاد عبد العال: "القيادة السياسية الحالية لن تسمح ببيع الجنسية للأعداء، ومن حارب لا يقبل ببيع الأرض على الإطلاق"، ما أيده رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي، بقوله: "الجنسية لن تمنح إلا بقرار من رئيس الوزراء، وتعديل القانون يسمح بسحب الجنسية المصرية في أي وقت بشروط معينة، إذا ما ارتكب الحاصل عليها جريمة مخلة بالشرف".