لم يصمد إعلان الحوثيين، غير المقرون بأي أدلة، على تسليم ميناء الحديدة أمس السبت، طويلاً، بعدما تصدت الحكومة الشرعية لـ"المسرحية" منذ أمس، قبل أن تخرج الأمم المتحدة ببيان واضح اليوم الأحد شككت فيه بتسليم الحوثيين الميناء، وأوصلت رسالة واضحة للحوثيين عن استيائها من إدارة الجماعة الملف.
وفيما تتحدث معلومات متقاطعة حصلت عليها "العربي الجديد" عن تحركات لاحتواء العرقلة الجديدة، فإن المخاوف تجددت من انهيار التفاهمات بشأن الحديدة، مع ما تحمله من خطر اشتعال المعارك مجدداً في المدينة وإطاحة أحد الاختراقات القليلة التي تم التوصل إليها في مشاورات السويد التي جرت مطلع ديسمبر/ كانون الأول الحالي.
وفيما تتحدث معلومات متقاطعة حصلت عليها "العربي الجديد" عن تحركات لاحتواء العرقلة الجديدة، فإن المخاوف تجددت من انهيار التفاهمات بشأن الحديدة، مع ما تحمله من خطر اشتعال المعارك مجدداً في المدينة وإطاحة أحد الاختراقات القليلة التي تم التوصل إليها في مشاورات السويد التي جرت مطلع ديسمبر/ كانون الأول الحالي.
الأمم المتحدة مستاءة من الحوثيين
وبحسب بيان صادر عن المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، اليوم الأحد، فإن رئيس فريق المراقبين الدوليين في مدينة الحديدة غربي اليمن، الجنرال باتريك كاميرت، تلقّى بلاغاً من الحوثيين السبت ببدء إعادة الانتشار في الميناء، ورحب بالجهود المبذولة لتنفيذ اتفاق استوكهولم، إلا أنه أشار إلى أن تدابير بناء الثقة والاتفاق ينبغي أن تتم بالتزامن وأن أي خطوة بـ"إعادة الانتشار" لن تكون ذات مصداقية إلا إذا تمكّنت جميع الأطراف والأمم المتحدة من مراقبتها والتحقق بأنها تتماشى مع اتفاق السويد.
وكانت مصادر محلية قريبة من قوات الشرعية قد أفادت لـ"العربي الجديد"، أمس السبت، بأن اتفاق لجنة التنسيق وإعادة الانتشار على مرور قافلة إغاثية عبر منطقة "كيلو 16"، التي تسيطر فيها القوات الحكومية، تعثر، واتهمت الحوثيين بالتنصل من الاتفاق، الذي كان من المفترض أن تقوم الجماعة على ضوئه بإزالة الحواجز في طريقه.
وفي محاولة لإنقاذ اتفاق الحديدة ووقف المحاولة الالتفافية للحوثيين على الاتفاق، قال دوجاريك إن "كاميرت يعتزم لقاء ممثلين عن الجانبين (غداً) الثلاثاء، لمناقشة خطط إعادة توزيع الأطراف وآلية الاتصال والرصد والتنسيق التي ستكون مهمة لرصد وقف إطلاق النار وضمان تحقيق عملية إعادة نشر موثوق بها".
وكان الحوثيون قد أعلنوا يوم السبت أنهم بدأوا إعادة الانتشار في ميناء الحديدة وقاموا بتسليمه إلى قوات خفر السواحل، إلا أن القوات المسؤولة عن الاستلام تعد جزءاً من القوات الخاضعة لهم.
وفي السياق، قال مسؤولون، تحدثوا لوكالة "أسوشييتد برس" شريطة عدم ذكر أسمائهم لأنهم غير مخولين للتحدث إلى وسائل الإعلام، إن ما يقدر بنحو 300 من قوات خفر السواحل في الحديدة لم يعملوا منذ أشهر وتم استبدالهم بأفراد موالين للحوثيين.
عودة الحديث عن الخيار العسكري
ودفعت هذه التطورات مسؤولي الحكومة الشرعية إلى اعتبار ما جرى "مسرحية". وفي السياق، قال عضو الوفد الحكومي في مشاورات السويد، عسكر زعيل، إن ادعاء الحوثيين انسحاب مليشياتهم من ميناء الحديدة، أول من أمس السبت، يمثل بداية سلبية تجاه التطبيق العملي لاتفاقيات مشاورات السلام في السويد.
وأكد في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، الخاضعة للشرعية، أن هذه الخطوة تقلل من فرص السلام، وتكشف عن نوايا المليشيات ومساعيها الحثيثة في إفشال الاتفاق الذي تم برعاية أممية. وأضاف أن "إقدام الحوثيين على إعلان قيامهم بإعادة الانتشار في ميناء الحديدة وتسليمه لعناصر تابعة لهم، وبحضور رئيس لجنة إعادة الانتشار الأممية الجنرال الهولندي باتريك كاميرت، أمر مرفوض وغير مقبول، ويعد تناقضاً صريحاً لاتفاق استوكهولم، ويستوجب التوضيح الكامل من المبعوث الأممي لهذا الإجراء غير المسؤول".
وشدّد على أن اتفاق استوكهولم بشأن مدينة الحديدة وموانئها واضح وصريح ولا لبس فيه، وهو أن من يتسلم إدارة الموانئ وأمنها هي الجهات الرسمية التابعة للحكومة اليمنية، وفقاً للقانون اليمني. وأشار إلى أن الحكومة تنتظر موقف المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث واللجنة المشرفة على تنفيذ الاتفاق برئاسة الجنرال باتريك كاميرت من ادعاءات كهذه تناقض ما أقر في مشاورات استوكهولم.
كذلك علمت "العربي الجديد" من مصادر أخرى مقربة من الشرعية أنه تجرى محاولات مكثفة من قبل البعثة الأممية وسفراء الدول الفاعلة في المشهد اليمني لاحتواء مشاكل تنفيذ اتفاق الحديدة.
وبحسب المصادر فإن الضغط الذي واجهته الشرعية بعد حركة الحوثيين في الميناء بحضور مسؤولي الأمم المتحدة تحول إلى ضغط على الأمم المتحدة، لذلك بدأت حركة دبلوماسية لسفراء دول عدة ومسؤولي الشرعية عبروا فيها للأمم المتحدة عن غضبهم، خصوصاً أن محاولة الحوثيين الترويج للانسحاب من الميناء ترافقت مع رفضهم إحراز أي تجاوب في تنفيذ الاتفاق ووقف تعزيزاتهم، بل على العكس من ذلك لجأوا إلى تعزيز قواتهم وتحصين مواقعهم العسكرية، بما في ذلك حفر الخنادق، فضلاً عن شنهم هجمات يومية في المدينة.
وفيما لا يزال سبب انقلاب الحوثيين على تنفيذ الاتفاق يثير التساؤلات، أجمع مسؤولون سياسيون وعسكريون في الشرعية على أن الحوثيين في حال استمروا في هذا التعطيل فإنهم لا يفرضون سوى خيار واحد للتعامل معهم وهو الخيار العسكري، ما يعني عودة المعارك إلى المدينة.
وفي السياق، حذّر عضو الوفد الحكومي إلى مشاورات السويد، عبد العزيز جباري، في تغريدة على تويتر، من أن "الحوثي يخدع نفسه فقط إذا اعتقد أن القيادة والجيش والمقاومة الوطنية سيقبلون ببقاء عنصر حوثي واحد في الحديدة، وعليه أن يدرك أن اتفاق السويد سينفذ حتمً وتنفيذه سلماً أجدى وأنفع للجميع".
وتؤكد مصادر الشرعية أن قواتها الموجودة في الحديدة قادرة على الرد على هجمات الحوثيين بهجمات، مذكرة بالتقدّم الذي أحرزته في المدينة على حساب الحوثيين طوال الأشهر الماضية.