أنهى قرار مجلس الأمن الدولي 2402 بشأن اليمن، آمال أنصار الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، وحزبه، برفع العقوبات، خصوصاً عن نجله الأكبر (أحمد)، المتواجد في الإمارات، الذي أمل أنصاره تأديته دوراً في لملمة شتات الحزب الذي كان برئاسة أبيه. كما خرج القرار من دون إدانة الدور الإيراني في اليمن، من خلال إسقاط القرار الذي قدمته روسيا، مشروع القرار البريطاني، الذي كان مدعوماً من الولايات المتحدة والسعودية، وكان شاملاً اتهام طهران بتهريب أسلحة إلى جماعة أنصار الله (الحوثيين).
وبعد يوم من اعتماده بالإجماع، من قبل أعضاء مجلس الأمن الدولي، سادت حالة من التباين في المواقف اليمنية، تجاه القرار. أما الحكومة الشرعية فتحفّظت، حتى مساء أمس الثلاثاء، على إعلان موقف رسمي مرحّب أو معترض، وكشفت مصادر فيها لـ"العربي الجديد"، أن "هناك تبايناً في أوساط الشرعية، بين حالة من الرضا غير المعلن لدى العديد من المسؤولين والأطراف التي كانت متخوّفة من حصول تعديلات جوهرية على القرار 2216، بما يشمله من عقوبات، على أفراد، كصالح ونجله. غير أن هناك انزعاجا، في المقابل، من قبل الحكومة الشرعية، ومثلها دول التحالف بقيادة السعودية، من الموقف الروسي، بإسقاط مشروع القرار البريطاني، الذي كان يشمل إدانة لإيران".
وخلال الفترة الماضية، التزم نجل صالح البقاء في أبوظبي، باعتباره خاضعا لـ"الإقامة الجبرية"، بموجب العقوبات الدولية، إلا أنه متمتع بدعم من أبوظبي، التي سعت، في الفترة الماضية، لدعم إمكانية رفع اسمه من قائمة العقوبات الدولية، للسماح له بالقيام بدور مناهض للحوثيين، إلا أن الجدل حول مصير العقوبات، وهي حجر الزاوية، في جلسة مجلس الأمن الدولي، الاثنين الماضي، حُسم لصالح تمديد قرار العقوبات عاماً كاملاً.
وكان من الواضح أن نجل صالح انتظر رفض العقوبات مطولاً، إذ وفور اعتماد القرار الجديد، أعلنت وسائل إعلامية مقربة منه، أنه "سيطلّ للمرة الأولى بخطاب متلفز، عبر قناة (اليمن اليوم) الفضائية، ومن شأن التمديد، أن يضع قيوداً تحدّ من أي دورٍ يمكن أن يؤديه في الأشهر المقبلة. الأمر الذي ينظر إليه كثر، حتى من أوساط الشرعية، بإيجابية. ويرون أن تمديد العقوبات من شأنه أن يحبط أيضاً أبوظبي التي تدعمه، في ظل الخلافات المتفاقمة بينها وبين الحكومة الشرعية".
وعلى الرغم من العلاقة التي ربطت بين صالح والجانب الروسي، وبرزت مع إغلاق موسكو سفارتها في صنعاء في ديسمبر الماضي (بعد أيام من مقتل صالح)، إلا أن هذه العلاقة، لم تنعكس على موقف موسكو في العقوبات، بل تقدمت بمشروع القرار، الذي مددها عاماً إضافياً، رغم أنها كانت الدولة التي أرسلت نائب وزير خارجيتها، ميخائيل بوغدانوف، إلى أبوظبي، للقاء نجل صالح وتعزيته في وفاة والده.
الجدير بالذكر، أن محور الاعتراض الروسي، الذي أطاح بمشروع القرار البريطاني المدعوم من الولايات المتحدة وفرنسا، كان مقتصراً بإيران، وإدانتها أو اتهامها بعدم الالتزام بالتدابير المطلوبة لمنع توريد الأسلحة إلى البلاد. واستطاعت موسكو، بحق النقض (فيتو) الذي استخدمته ضد مشروع القرار البريطاني، إسقاط جهود امتدت أشهراً، بذلتها الرياض وحليفتها واشنطن، باتهام طهران بتهريب صواريخ بالستية للحوثيين. ففي الفترة الماضية، رددت واشنطن أنه قد آن الأوان لردع إيران، بقرار دولي، وكل ذلك انتهى بـ"فيتو" روسي.
وأضاف الأصبحي، أنه "ليس في القرار ما يهم اليمنيين الذين يبقيهم تحت العقوبة، ولكن فيه ما يدعم إيران ويعزز حلف موسكو - طهران في المنطقة. فقد دافع الاتحاد الروسي بضراوة لإبعاد أي جملة إدانة ضد إيران"، معتبراً أن "موسكو لم تدافع عن طهران لتعزيز دور الحوثيين، كما قد يتوهم البعض، ولا حتى محبةً في إيران، ولكنه موقف يقول لمجلس الأمن وللاعبين الدوليين والإقليميين: نحن هنا". وأكد أن "اللاعب الثاني إقليمياً هو إيران، التي كسبت من الموقف الروسي مرتين، أولاً كسباً مباشراً عبر تجنيبها التنديد الدولي حول دورها في دعم مليشيات الحوثيين وزعزعة أمن المنطقة والعالم، وربحت ثانياً بشكل غير مباشر عبر جعلها طرفاً يُشار إليه في أزمة اليمن، وسينتقل قريباً من الإشارة إلى المشاورة".
ووفقاً لوثيقة القرار 2402، فإنه يكاد يكون نسخة مطابقة لآخر قرار دولي صدر بشأن اليمن تقدمت بها بريطانيا، مع تغييرات طفيفة فيما يتعلق بالتواريخ (التمديد إلى 2019 بدلاً عن 2018)، على نحو جعل القرار فنياً بحتاً، ولم يُضف أي جديد حول الأزمة اليمنية، باستثناء تمديد العقوبات، بما فيها حظر السفر، ومراقبة الأصول، لعدد من الأشخاص، أبرزهم صالح ونجله أحمد، وكذلك زعيم "أنصار الله"، عبدالملك الحوثي، إلى جانب شقيقه عبدالخالق الحوثي، والقيادي في الجماعة عبدالله يحيى الحاكم (المعروف بأبي علي الحاكم).