أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رغبته بتغيير وإعادة تسمية برنامجٍ للحكومة الأميركية يهدف إلى مكافحة الأيديولوجيات العنيفة، حتى يركّز فقط على "التشدّد الإسلامي"، وفق ما قالت خمسة مصادر لـ"رويترز"، في وقت انتقدت مجموعة مستقلة إدارة ترامب، معتبرة أنّ مقتل مدنيين في عملية إنزال أميركية، الأسبوع الماضي، ضد تنظيم "القاعدة" في اليمن، "لا يبشّر بالخير".
وكشفت المصادر لـ"رويترز"، أنّ اسم برنامج "مكافحة التطرّف العنيف" سيتغيّر إلى "مكافحة التشدّد الإسلامي"، أو "مكافحة التشدّد الإسلامي المتطرف"، ولن يستهدف بعد ذلك جماعات مثل تلك التي تؤمن بتفوّق البيض، ونفذت تفجيرات وعمليات إطلاق نار في الولايات المتحدة.
وسيعكس هذا التغيير ما قاله ترامب أثناء حملته الانتخابية، وانتقاده للرئيس السابق باراك أوباما بالقول إنّه ضعيف في قتاله لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ويرفض استخدام عبارة "الإسلام المتطرّف" لوصفه.
ويهدف برنامج "مكافحة التطرّف العنيف"، إلى ردع الجماعات أو منفذي الهجمات المنفردة المحتملين من خلال شراكات مجتمعية وبرامج تعليمية، أو حملات مضادة بالتعاون مع شركات مثل "غوغل" و"فيسبوك".
ويخشى البعض من أن يؤدي تغيير اسم البرنامج، إلى جعل عمل الحكومة أكثر صعوبة مع المسلمين الذين هم مترددون في الوثوق بالإدارة الجديدة، لا سيما بعد الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب، يوم الجمعة، بمنع دخول مواطني سبع دول تقطنها أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة. لكن بعض مؤيدي البرنامج قالوا إنّه غير فعال، إذ يركّز على من يقطنون الولايات المتحدة ولا علاقة له بجهود الجيش الأميركي لمكافحة التشدّد على الإنترنت.
من جهةٍ أخرى، انتقدت مجموعة الأزمات الدولية، أول عملية أميركية تأمر بها إدارة ترامب، واستهدفت تنظيم "القاعدة" في اليمن، مشيرة إلى أنّ العملية "تجاهلت السياق المحلي" وأدت إلى "خسائر كبيرة بين المدنيين".
وفي تقرير نشرته اليوم الخميس، بعنوان "القاعدة في اليمن: قاعدة في طور التوسع"، أوضحت المجموعة المستقلة التي تحلل النزاعات حول العالم، أنّ الفرع اليمني لتنظيم "القاعدة"، "أقوى من أي وقت مضى".
وأشارت المجموعة في التقرير، إلى كيفية استفاد تنظيم "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" ومنافسه تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، من الفوضى والحرب المستمرة في اليمن منذ العام 2014.
ورغم الانتكاسات التي لحقت به، فإنّ تنظيم "القاعدة" في اليمن، بحسب التقرير، "يزدهر وسط بيئة انهيار للدولة، وطائفية دينية متنامية، وتغيير التحالفات، والفراغات الأمنية والحرب الاقتصادية المتفاقمة".
وشددت مجموعة الأزمات الدولية، على أنّه "من أجل قلب هذه التوجّه، يجب إنهاء النزاع الأساسي"، وتعزيز الحكم في المناطق المعرّضة للخطر، واستخدام الوسائل العسكرية بتعقّل وبالتنسيق مع السلطات المحلية".
وفي هذا الصدد، أشار مركز الأبحاث الذي يتخذ من بروكسل مقراً، إلى أنّ "تلك الجهود ستقوّض في حال أقدمت بلدان، كالولايات المتحدة، مهتمة بقتال القاعدة في جزيرة العرب والفرع الناشئ لتنظيم "الدولة الإسلامية"، على اتخاذ إجراءات عسكرية تتجاهل السياق المحلي وتسبب خسائر كبيرة بين المدنيين"، بحسب التقرير.
واستشهدت المجموعة الدولية بعملية الإنزال التي قامت بها القوات الأميركية بأمر من إدارة ترامب، الأسبوع الماضي، ضد تنظيم "القاعدة" في محافظة البيضاء، وسط اليمن.
ورأى التقرير أنّ ذلك "لا يبشّر بالخير أبداً" في الجهود المبذولة من أجل "مواجهة القاعدة في جزيرة العرب بذكاء وفعالية"، لافتاً إلى أنّ العملية أسفرت عن مقتل "العديد من المدنيين، بينهم على الأقل عشر نساء وأطفال"، بالإضافة إلى رجال قبائل محليين، ما يعزز حجة التنظيم الذي يؤكد أنّه "يدافع عن المسلمين ضد الغرب".
وأقرّت الولايات المتحدة، أمس الأربعاء، بمقتل مدنيين في تلك العملية، بعدما كانت وزارة الدفاع (البنتاغون) قد تحدّثت عن 14 قتيلاً "بينهم مقاتلات" في صفوف القاعدة، ومقتل جندي أميركي من قوات النخبة، في حين أشار تنظيم "القاعدة" إلى 30 قتيلاً بينهم نساء وأطفال.
في المقابل، تحدّث مسؤول يمني لـ"رويترز"، عن مقتل 41 عنصراً من تنظيم "القاعدة" بينهم قيادي، بالإضافة إلى ثماني نساء وثمانية أطفال.
وخلص تقرير مجموعة الأزمات، إلى أنّ "كل أطراف النزاع اليمني، من محليين وأجانب، ساهموا في صعود القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، حتى ولو أكدوا أنّهم أعداء الجهاديين".
(رويترز, فرانس برس)