الاحتلال يعترف بتفاصيل كمين لحزب الله قبل 20 عاماً

12 مايو 2017
اتهامات متبادلة داخل أجهزة جيش الاحتلال لمدة 20 عامًا(Getty)
+ الخط -
كلما أخفقت عملية لجيش الاحتلال، سواء أكانت عملية محدودة داخل الأراضي المحتلة أو في عمق إحدى البلدان العربية، أم غزوًا وعدوانًا شاملًا، كالذي حدث في لبنان عام 2006، وفي قطاع غزة عام 2014؛ تطايرت الاتهامات داخل صفوف أجهزة الجيش، وأذرعه المختلفة حول المسؤولية عن الفشل، وهل كان الفشل محتومًا بفعل قصور ذاتي، أم لأسباب تتعلق بميدان العملية المستهدف.

وينسحب هذا الكلام، اليوم وبعد عشرين عامًا، على عملية ضرب واستهداف قوة من وحدة "الكوماندوز" البحري التابعة لجيش الاحتلال، عند إنزالها في الأراضي اللبنانية ليلة 4-5 سبتمبر/أيلول من العام 1997، لتنفيذ عملية ضد أحد مواقع "حزب الله". لكن العملية سرعان ما فشلت، وأسفرت عن مصرع 12 جنديًّا وضابطًا في القوة، إضافة إلى طبيب من قوة الإنقاذ التي هرعت لإخراج الجنود.


وعلى مدار عشرين عامًا، تبادلت أجهزة الأمن الإسرائيلية الاتهامات حول حقيقة ما حدث، مع إسقاط خيار كون القوة وقعت فريسة لكمين حزب الله في الموقع، والافتراض، حتى فترة طويلة آخرها قبل أشهر، أن ما حدث هو انفجار للألغام التي حملها أفراد القوة على أجسادهم، وكان يفترض فيهم زرعها في الأرض اللبنانية.

وأخيرًا، بيّن تقرير خاص نشره المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، أمس الخميس، أن الصورة مغايرة كليًّا، وأن القوة وقعت في كمين لحزب الله، الذي كان قد تمكن، أيضًا، من اعتراض تسجيلات دامت 5 ساعات في إحدى الطائرات بدون طيار، وحافظ على الصمت في شبكات اتصاله العسكرية والمدنية، بما أوهم الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، أن الحزب تراجع إلى الوراء، بينما يتضح الآن أن سلاح البحرية الإسرائيلية، أخفق في نقل رسائل استخباراتية حول تغيير حزب الله انتشار قواته.


وبحسب التقرير، فإنّ تراشق الاتهامات بين سلاح الاستخبارات العسكرية "أمان"، تحت قيادة موشيه يعلون، وسلاح البحرية، استمر أكثر من عقد، وقد استخفّت وهزأت شعبة الاستخبارات العسكرية من أسلوب عمل ونشاط سلاح البحرية، ولا سيما تفعيل طائرات المراقبة بدون طيار، فيما اتهم سلاح البحرية شعبة الاستخبارات بالفشل في تحليل المعلومات التي حوّلت إليه، علمًا بأن قائد قوة "الكوماندوز" البحرية، المعروفة باسم "السرية 13"، كان آنذاك الجنرال احتياط والوزير الحالي، يوآف غالانت.

وبحسب التقرير، فإنه بات مؤكدًا اليوم أن حزب الله كان قد علم، بعد اعتراض الاتصالات، بأمر العملية الإسرائيلية القادمة، واستعد لها عبر إعداد كمين من الألغام والمتفجرات على طريق قوة السرية 13، وتفجيرها مع وصول أفراد السرية المذكورة، مما أدى أيضًا إلى انفجار الألغام التي كانوا يحملونها معهم.

ويضيف التقرير أن الوحدة كانت في طريقها لتنفيذ مهمة أطلق عليها اسم "أغنية الصفصاف"، في قرية الأنصارية في العمق اللبناني، لزرع لغمين من صناعة الجيش الإسرائيلي، بعد أن تمت عملية الإنزال شمال مدينة صور. وبينما كانت تلك الوحدة تقطع الطريق، رصدت الطائرة الإسرائيلية، التي كانت تواكب القوة من الجو، توقف سيارة جيب، بالقرب من المحور الذي انفجرت فيه لاحقًا عبوات حزب الله، وتم نقل تقرير عن توقف السيارة اللبنانية في المكان، لكن لم يتم التعامل مع هذه المعلومة بالجدية المطلوبة، خاصة بعد أن تم تحديد موقع توقف المركبة اللبنانية بشكل خاطئ من قبل غرفة قيادة العمليات، بحيث تم تحديد مرورها في محور يبعد عن منطقة وهدف نشاط القوة البحرية الإسرائيلية. ويقول الجنرال غالانت للصحيفة إن هذه المعلومة كانت مصيرية.

لكن ما يبدو الآن محلّ اتفاق، هو أن القوة الإسرائيلية وقعت في قلب كمين لحزب الله، استغرق التوصل إليه أكثر من عشرين عامًا، خاصة وأن تحقيق شعبة الاستخبارات العسكرية توصل إلى نتيجة مفادها أن مقتل الجنود لم يكن ناجمًا عن "نشاط أو تدخل لطرف معاد". في المقابل، ذكر تقرير لجنة تحقيق رسمية، بقيادة الجنرال غابي أوفير، في العام ذاته، أن أفراد القوة قتلوا بفعل انفجار ألغام زرعها حزب الله في الموقع، ولكن لم يكن استهداف القوّة مقصودًا، وهي النتائج التي تبنّاها الجيش الإسرائيلي.

وفي العام 1998، أقرت لجنة تحقيق أخرى أن أفراد القوة قتلوا بفعل انفجار عبوات زرعها حزب الله، بشكل مقصود، على أساس معلومات سابقة تمكنت من الحصول عليها. وقد رفض رئيس أركان الجيش هذه النتائج. وتم تشكيل لجنة جديدة عام 1999، بقيادة الجنرال زوهر، خرجت باستنتاج أن حزب الله كان قد نصب كمينًا في الموقع، لكن دون أن يكون قد عرف بأمر العملية التي كان أفراد القوة يعتزمون تنفيذها في قرية الأنصارية.

وفي العام 2010، تم تشكيل لجنة جديدة برئاسة الكولونيل أغمون، وقد توصل الجيش الإسرائيلي، لأوّل مرّة، إلى استنتاج أنّ حزب الله كان قد اعترض تسجيلي الطائرة بدون طيار، وفك أسرارهما، وبناء عليهما أعد الكمين في الموقع المحدد، وغيّر تشكيلة قواته في المنطقة، بما شمل فرض الصمت على شبكات اتصالاته العسكرية والمدنية، وهو ما ضلل عمليًّا شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش. وقد أقرّ الجيش، أخيرًا، أن نتائج التحقيق للجنة الجنرال أغمون معقولة ومنطقية.