وتشير المعلومات التي حصل عليها "العربي الجديد"، من مصادر في وزارة الخارجية اليمنية، إلى أنه بالفعل استقال، بعد أن برزت خلال الأشهر الأخيرة، تباينات بينه وبين الرئيس عبدربه منصور هادي، بالترافق مع تصاعد الانتقادات للجانب الحكومي واتهامه بالإخفاق في مسار مفاوضات السلام، إلى جانب تدهور العلاقة بين الحكومة اليمنية وبين الأمم المتحدة بوصفها الوسيط في السياق.
وعلى الرغم من المعلومات بشأن الاستقالة، هناك من ينظر إلى ما جرى الاثنين باعتباره "إقالة"، خصوصاً أن الاستقالة لم تُعلن على حسابات الوزير الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي، بقدر ما جرى تسريبها إلى وسائل الإعلام.
ويشير توقيت الاستقالة/الإقالة، إلى ارتباط وثيق بين التطور اللافت، وبين أزمة الحكومة مع الأمم المتحدة، إذ جاء الإعلان عنها بالتزامن مع توجه مساعدة غوتيريس إلى الرياض، حيث من المقرر أن تلتقي روزماري ديكارلو مع الرئيس هادي ومسؤولين سعوديين للتباحث بشأن الأزمة التي برزت بين الشرعية والمبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، إذ إن الحكومة ترفض استقبال الأخير، ومنحته الشهر الماضي "فرصة نهائية"، بعد ان اتهمته بارتكاب تجاوزات على ضوء التطورات المرتبطة باتفاق استوكهولم بشأن مدينة وميناء الحديدة غربي البلاد.
وكان خالد اليماني، بوصفه وزيراً للخارجية، رئيساً للوفد الحكومي المفاوض في مشاورات السويد التي عُقدت في ديسمبر/كانون الأول 2018، بين الحكومة وجماعة أنصار الله (الحوثيين)، وقبل ذلك ترأس الوفد في جولة المفاوضات المتعثرة بجنيف في سبتمبر/أيلول، وهي المحطة التي انتهت من دون أن تُعقد، وأطلق اليماني خلالها تصريحات تنتقد موقف المبعوث الأممي غريفيث.
اليماني ووارسو
من أبرز المحطات، أو السقطات إن صح التعبير، في مسيرة خالد اليماني في منصب وزير الخارجية اليمني، والتي كان لها دور محوري في تراجع حظوظه بالبقاء في المنصب، مشاركته في مؤتمر وارسو الذي عُقد فبراير/شباط الماضي، إذ جلس في المقعد المجاور لنتنياهو، على نحوٍ بدا أقرب إلى رسالة "تطبيع"، خصوصاً أن اليماني قام بإعارة ميكروفونه لنتنياهو، بعد أن ادعى الأخير، أن الميكرفون الخاص به معطل، وهو ما أدى إلى ردود فعل يمنية وعربية ساخطة، وصلت إلى المطالبة بإقالة اليماني.
اليماني ووزارة الخارجية
خلافاً لأغلب الوزراء والمسؤولين اليمنيين، الذين صعدوا من خلفيات حزبية أو سياسية متنوعة، وصل اليماني إلى منصب وزير الخارجية باعتباره أحد موظفي الوزارة الذين تدرجوا في السلم الوظيفي، وجاء تعيينه خلفاً لوزير الخارجية السابق عبدالملك المخلافي، بما يتمتع به الأخير من تاريخ وخبرة سياسية لعقود، جعلت من تغييره واستبداله باليماني، بنظر بعض اليمنيين، خطوة غير محسوبة من قبل الشرعية، منذ البداية.
ولد خالد حسين محمد اليماني، في مدينة عدن عام 1960، ونال الشهادة الجامعية ودرجة الماجستير في الصحافة من جامعة هافانا بجمهورية كوبا عام 1990. وإلى جانب لغته العربية، يجيد اليماني الإنكليزية والإسبانية، وعمل منذ عام 2003 مختصاً ومساعداً في مكتب وزير الخارجية عن ملف العلاقات اليمنية مع دول الأميركيتين.
اعتباراً من عام 1991، بدأ خالد اليماني العمل في الإصدارات الإعلامية الخاصة بالوزارة حتى عام 1994، ثم مسؤولاً عن ملف أفريقيا في مكتب وزير الخارجية حتى عام 1998، ثم مسؤولاً سياسياً وإعلامياً في سفارة اليمن بماليزيا، حتى عام 2000، ثم في المنصب نفسه ولكن في سفارة اليمن لدى واشنطن حتى عام 2003.
وعقب ذلك، عُين في عام 2005 وحتى 2009 نائباً لسفير اليمن لدى بريطانيا، ثم نائباً لمدير مكتب وزير الخارجية، ولاحقاً عمل بين أكتوبر/تشرين الأول 2009 وحتى ديسمبر/كانون الأول 2010، كبيراً لمفاوضي الوفد الدائم لليمن لدى الأمم المتحدة في نيويورك، وفي الفترة من 2011 وحتى 2012، عمل نائباً لرئيس دائرة مكتب وزير الخارجية ثم رئيساً للمكتب حتى عام 2013.
واعتباراً من يوليو/تموز 2013 وحتى ديسمبر/كانون الأول 2014، عمل اليماني نائباً للمندوب الدائم لليمن لدى الأمم المتحدة، ثم مندوباً دائماً خلفاً لخالد بحاح، الذي عُين أواخر عام 2014 رئيساً للحكومة، ونال اليماني درجة وزير مفوض عام 2009 ودرجة سفير في وزارة الخارجية بقرار جمهوري عام 2014.
وقبل تعيينه وزيراً للخارجية، كان المنصب الأهم الذي شغله اليماني، مندوباً دائماً لليمن في الأمم المتحدة، خلال السنوات الأخيرة، وقد عين الرئيس اليمني في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، محمد عبدالله الحضرمي، نائباً لوزير الخارجية، وهو القرار الذي بدا مؤشراً على بدء تدهور العلاقة بين الرئيس والوزير المستقيل، علماً أن الأخير أطاح أحد رجال هادي، وهو أحمد عوض بن مبارك، من منصبه مندوباً دائماً لليمن في الأمم المتحدة، بعد أن كان بن مبارك يشغل المنصب إلى جانب كونه سفيراً لليمن في واشنطن، وهو المنصب الذي لا يزال يشغله حتى اليوم.