وقالت الشرطة البلدية في برشلونة، إنّ نحو 300 ألف شخص تظاهروا، اليوم الأحد، في المدينة من أجل وحدة مملكة إسبانيا، وذلك بعد يومين من إعلان برلمان كتالونيا استقلال "جمهورية كتالونيا".
من جهتها، قدرت منظمة "المجتمع المدني الكتالوني" التي نظمت التظاهرة تحت شعار "كلنا كتالونيا"، عدد المشاركين بنحو 1.1 مليون شخص.
ويقول منظمو التظاهرة، إنّ الهدف هو الدفاع عن وحدة إسبانيا ورفض "هجوم غير مسبوق في تاريخ الديمقراطية".
وتحالف قادة الأحزاب المؤيدة للوحدة من تيار المحافظين الحاكم، والأحزاب الليبرالية الموالية لرجال الأعمال والاشتراكيين، تحت شعار "كلنا كتالونيا.. منطق التعايش".
وتدفق المتظاهرون إلى ساحة بوسط برشلونة، ولوح الكثيرون منهم بأعلام إسبانيا وكتالونيا وأعلام الاتحاد الأوروبي وسط أجواء احتفالية، حيث لم ترد تقارير عن وقوع حوادث.
وكانت منظمة "المجتمع المدني الكتالوني" نفسها، قد نظمت تظاهرة حاشدة، قبل ثلاثة أسابيع، اجتذبت مئات الآلاف إلى شوارع برشلونة، في أضخم استعراض لقوة التيار الموالي للوحدة في السنوات الأخيرة مقارنة بالمسيرات الضخمة التي ينظمها مؤيدو الانفصال.
وقال أليكس راموس رئيس المنظمة، وفق ما أوردت "أسوشييتد برس"، "نظمنا أنفسنا مؤخراً، لكننا هنا لإظهار أنّ هناك أغلبية من أبناء كتالونيا لم تعد صامتة وأنّها لم تعد تريد أن يخرس (أحد) صوتها".
كما شارك في تظاهرة، اليوم الأحد، أعضاء في حكومة إسبانيا المركزية، من بينهم وزيرة الصحة دولورس مونسرات، وإنريك ميلو ممثل مدريد لدى كتالونيا.
وبينما يستبعد أن تنظم مسيرات موالية لانفصال كتالونيا، اليوم الأحد، يُترقب رد فعل المؤيدين للاستقلال بعد دعوة رئيس إقليم كتالونيا المعزول كارليس بوغديمونت، للمشاركة في معارضة سلمية لإجراءات مدريد إنهاء الحكم الذاتي للإقليم، وفرض الوصاية المباشرة.
وكان تصويت النواب المؤيدين لاستقلال كتالونيا، أول أمس الجمعة، وما تلاه من رد مدريد بتفعيل غير مسبوق لسلطات دستورية لسحب سلطات الإقليم، بمثابة ذروة أسوأ أزمة سياسية تشهدها إسبانيا منذ عقود.
وأعلن رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي، حل البرلمان الكتالوني، ودعا لانتخابات إقليمية جديدة، في 21 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
ولم يفز الانفصاليون سوى بنسبة 48% من الأصوات في كتالونيا، في آخر انتخابات إقليمية عام 2015، رغم أنّهم فازوا بمقاعد أكثر، بسبب قانون الانتخابات الإسبانية الذي يمنح المناطق قليلة السكان ثقلاً تشريعياً أكبر.
وأراد كبار قادة الأحزاب الموالية للوحدة استغلال تظاهرة، اليوم الأحد، كمنصة لانتخابات حاسمة تجرى في غضون ستة أسابيع.
وقال ألبرت ريفيرا زعيم حزب "المواطنين" (تيار يمين الوسط)، إنّه "حان الوقت للسيطرة على الشوارع وصناديق الاقتراع".
في المقابل، كتب أوريول جونكيراس نائب رئيس حكومة الإقليم المعزول، في خطاب مفتوح لصحيفة "ألبونت أفوي" الكتالونية، اليوم الأحد، إنّه ينبغي على الانفصاليين التفكير في المشاركة في الانتخابات، وذلك رداً على دعوات بعض الانفصاليين لمقاطعة الانتخابات.
وجاء اقتراع الجمعة في البرلمان الكتالوني على الانفصال، بعد استفتاء محظور أُجري في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول في كتالونيا، وانتهى لصالح تأييد الانفصال.
ودعا رئيس إقليم كتالونيا المعزول كارليس بوغديمونت، في خطاب تلفزيوني، أمس السبت، لمعارضة قرارات الحكومة المركزية بشكل سلمي، وقال إنّه هو وباقي مسؤولي الإقليم المعزولين من قبل مدريد سيواصلون "العمل لبناء دولة حرة".
وعبّرت تصريحات بوغديمونت، عن رفض مستتر لقرار عزل حكومته الذي أصدرته السلطات المركزية في مدريد.
وبعد قرار العزل الرسمي، لم يعد بوغديمونت وأعضاء حكومته المؤلفة من اثني عشر وزيراً يتقاضون رواتب رسمية اعتباراً من يوم أمس السبت.
بلجيكا مستعدة لمنح رئيس كتالونيا المعزول اللجوء
واليوم الأحد، قال وزير الهجرة البلجيكي، إنّ منح زعيم كتالونيا المعزول، اللجوء السياسي في بلجيكا "ليس بعيداً عن الواقع"، إذا طلب ذلك، مؤكداً موقف بلاده المخالف للرأي السائد في الخلاف الذي تعيشه إسبانيا.
ولم ترد أي إشارة على نية بوغديمونت الذهاب إلى بلجيكا، لكن البلاد واحدة من بضع دول في الاتحاد الأوروبي تسمح لمواطني دول أخرى في التكتل بطلب اللجوء فيها.
وقال وزير الهجرة البلجيكي ثيو فرانكين، لقناة "في تي إم"، "إنّه أمر ليس بعيداً عن الواقع نظراً للظروف". وأضاف فرانكين وهو عضو في الحزب القومي الفلامنكي "إنّهم يتحدّثون بالفعل عن حكم بالسجن. السؤال هو إلى أي مدى سيلقى محاكمة عادلة". وأشار إلى أنّه سيكون من الصعب على إسبانيا ترحيل بوغديمونت في هذه الحالة.
وفي حين التزم أغلب زعماء أوروبا الصمت وامتنعوا عن التعليق على الأزمة الإسبانية قائلين إنّها شأن داخلي وإنّ الدستور يجب أن يُحترم، دعا رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل إلى الحوار بين مدريد وبرشلونة.
ويقود ميشيل الذي ينتمي لتيار الوسط ائتلافاً حاكماً مع الحزب القومي الفلامنكي منذ 2014، وهدأت خلال هذه الفترة مطالبات الحزب بمزيد من الاستقلال لشمال بلجيكا الناطق بالهولندية.
وتوترت العلاقات بين إسبانيا وبلجيكا بسبب مشكلات مشابهة، في تسعينيات القرن الماضي، والعقد الأول من الألفية الثالثة، عندما رفضت بلجيكا تسليم زوجين إسبانيين مطلوبين لمزاعم عن تورطهما مع جماعة "إيتا" الانفصالية في إقليم الباسك.
(العربي الجديد)