شهدت عدة مدن ليبية، اليوم الجمعة، احتفالات عارمة بمناسبة مرور ست سنوات على اندلاع ثورة فبراير، التي أنهت حكم الديكتاتور معمر القذافي عام 2011. وقد تركّزت الفعاليات في مصراتة وطرابلس على وجه الخصوص، وسط تشديد أمني كبير، لا سيما في ساحة الشهداء وسط طرابلس، بالإضافة إلى مدن عدة في غرب البلاد، وبشكل أقل جنوبها. لكن اللافت غياب مظاهر الاحتفال عن مدن شرق ليبيا، حيث تسيطر قوات اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، والسلطة السياسية الموالية له.
وإزاء هذا التراجع الكبير في احتفال الليبيين بثورتهم، بالنسبة إلى سنوات الثورة الأولى، يبرز السؤل مجدّدًا: هل حققت الثورة أهدافها؟ وهل ارتسم المشهد السياسي والاقتصادي المأمول من الثورة؟
احتفالان في طرابلس
العاصمة طرابلس، على سبيل المثال، شهدت احتفالين تبعًا للسلطتين المتمركزتين فيها، ففي ميدان الشهداء ثمة قوات موالية لحكومة الوفاق تطوقها وتشدد الإجراءات الأمنية فيها، كما أن رئيس المجلس الرئاسي، فائز السراج، حرص على الظهور وسطها ليل البارحة للاطلاع على الاستعداد للاحتفال، بينما أقامت حكومة الإنقاذ الوطني في جنوب العاصمة مراسم احتفالها في مطار طرابلس الدولي، حيث أعلن رئيس الحكومة، خليفة الغويل، في أثناء كلمته التي ألقاها بين عدد كبير من المسلحين، ورفقة ضباط موالين لحكومته، أن "المطار سيكون مستعدًّا لاستقبال وتسيير الرحلات الدولية والداخلية قريبًا جدًّا" في خطوة تصعيدية منها لإعلان مزيد من التحدي لسلطة حكومة الوفاق.
وفي جنوب البلاد، تناقلت صفحات التواصل الاجتماعي مناشير وكلمات مقتضبة لأصحابها، تعكس استياء كبيرًا في أوساطهم إزاء الإهمال الذي يعيشه أهلهم في الجنوب، بل عبّر بعضهم عن ندمه لـ " تأييد الثورة التي لم تجلب سوى مزيد من المعاناة".
الثورة مغيّبة في مهدها
أمّا في شرق البلاد، فلم تعلن الحكومة المسيطرة على المنطقة أي استعداد لاستقبال هذه الذكرى، والتي انطلقت شرارتها قبل ست سنوات من بنغازي، كبرى مدن الشرق، بل انشغلت وسائل إعلامها بنقل جديد معارك قوات ما يعرف بــ"عملية الكرامة".
وعلى عكس ما قد يبدو "تشاؤمًا"، وربما ارتدادًا وتراجعًا في تأييد الليبيين لثورتهم، لا يزال قطاع كبير منهم يعتقد أن للحالة الليبية خصوصية، رغم أن نسائم الربيع العربي وصلتهم بعد دول أخرى، بعضها مجاورة، مثل تونس ومصر، فالقذافي الذي سيطر على البلاد لمدة 42 سنة، سطّر شكلًا جديدًا من أشكال الديكتاتورية يتسم بالتعقيد الشديد، فجاءت الثورة وهي تحمل بدورها خصوصية أيضًا، فما إن قوبلت المظاهرات السلمية بالرصاص الحي؛ حتى تحولت في ظرف يومين إلى ثورة مسلحة، لتسري شرارتها بشكل سريع جدًّا وتشمل مدنًا في جنوب البلاد وفي غربها كان هدفها إسقاط النظام.
وإن حاولت بعض وسائل الإعلام المعادية للثورة إطلاق توصيفات سلبية عليها، من قبيل "حركة التمرد والمتمردين"؛ إلا أن أيًّا منها لم يستطع أن ينكر أنها حراك شعب للانعتاق من ظلم القذافي، الذي أجمع كل العالم على أنه ديكتاتور حوّل بلاده إلى ما يشبه "مزرعة خاصة به وأسرته".
اقــرأ أيضاً
بدأها الشعب وضيّعتها الفصائل
وفي سياق تفسير محللين لحالة الانقسام والتشظي التي تعيشها البلاد حاليًّا، يعتبر بعضهم أن الثورة، التي انطلقت من الشعب، ولم يتولّ توجيهها وإدارتها زعيم أو قائد أو حزب، أنتجت في ما بعد الاختلاف على تنفيذ وتطبيق أفكارها، فجعلت الكل يظن أنه الأصلح لقيادتها والحفاظ على مكتسباتها.
وتبعًا لعدم امتلاك هذه الثورة الشعبية أي مشروع سياسي يمكن تنفيذه بعد إسقاط الديكتاتورية، انساقت البلاد إلى مسارات متشابكة وحالة من الفوضى الأمنية والتشظي السياسي، الذي بات اليوم واضحًا من خلال اقتسام ثلاث سلطات للبلاد:
- البرلمان وحكومته وجيشه: المفارقة هنا هي أنّ المؤسستين السياسيّتين الأوليين، البرلمان والحكومة، هما وليدتا الأخير، فرغم انبثاق البرلمان من رحم الانتخابات الشعبية؛ إلا أن بعض النافذين والمقربين في مشروع اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي سبق أن أطلق عملية عسكرية تحت مسمى "الكرامة" في بنغازي، استثمر الخلاف حول إجراءات التسليم والاستلام بين سلطة المؤتمر الوطني (البرلمان وقتها) وبين السلطة التشريعية الجديدة، ومكّن أعضاء البرلمان عن شرق البلاد ومواليهم في المناطق الأخرى من الاجتماع في طبرق، والإعلان عن انطلاق جلسات البرلمان وأعماله ليوفر مظلة وواجهة سياسية لحراك حفتر العسكري، فيما سارعت دول إقليمية ودولية داعمة لمشروع حفتر إلى الاعتراف بشرعية انعقاده، والاعتراف بالحكومة المنبثقة عنه.
- المؤتمر وحكومته: وهو أول برلمان منتخب بعد نجاح الثورة، واستمر في قيادة البلاد إلى حين اندلاع الخلافات الإجرائية حول التسليم والتسلم من المؤتمر إلى البرلمان الجديد، ورغم الاعتراف الدولي بالبرلمان شرق البلاد سلطة تشريعية؛ إلا أنه عاد إلى الواجهة السياسية في طرابلس بعد صدور حكم المحكمة العليا الذي طعن في شرعية عقد البرلمان جلساته في طبرق، وسلامة إجراءات تسلمه للسلطة، فكلّف حكومة ووفر غطاء سياسيًّا لمجموعة من كتائب الثوار التي التأمت تحت مسمى "عملية فجر ليبيا "وقتها، ومنذ مارس/آذار الماضي، غاب المؤتمر وحكومته عن المشهد، إذ تمكنت حكومة الوفاق من دخول طرابلس، ليرجع المؤتمر من جديد في سبتمبر/أيلول الماضي معلنًا عن عودته لمقاره السابقة، باعتباره لا يزال صاحب الشرعية في البلاد.
- حكومة الوفاق الوطني: ونتجت عن اتفاق الصخيرات الموقّع بين الأطراف الليبية المتحاورة في الصخيرات المغربية في ديسمبر/كانون الأول من عام 2015. ورغم قرب مرور عام على وجودها في طرابلس؛ إلا أنها ما زالت تتلمس خطواتها وسط اتهامات متصاعدة بفشلها، بعد أن عجزت عن فرض سلطتها على الأرض، ونزع أسلحة المجموعات المسلحة، وتكوين مؤسسة عسكرية موحدة، والتخفيف من معاناة المواطن، بالإضافة إلى فشلها في نيل ثقة البرلمان، ليصل رئيسها، فائز السراج، إلى ما يشبه الإعلان عن فشله عند حديثه عن أسباب تعثّر لقائه بحفتر، عندما اعتبر أن "فرصة ثمينة ضاعت كان يأمل أن تكون مدخلًا لإنهاء الانقسام".
تركة القذافي؟
وعلى الرغم من ذلك، فثمة كثير من المراقبين يرون أن الواقع الذي تعيشه البلاد هو أمر طبيعي بعد أربعة عقود من التجريف الثقافي والتصحر السياسي، فنظام القذافي ظلّ ممسكًا بخيوط سياسته التقليدية "فرق تسد" طيلة عقوده الأربعة، وقد كرّسها من خلال إحياء العصبيات والنعرات القبلية، وبروز الجهة والقبيلة في خضمّ الصراعات القائمة اليوم هو نتاج طبيعي لذلك.
ويتّفق هؤلاء أيضًا على أن الخارطة المتصارعة اليوم هي الخارطة ذاتها، التي خطها القذافي خلال سنوات حكمه الأربعين، فالمدن والقبائل التي اتخذها أركانًا له كان قد سلّط بلاءها على خصومها التاريخيين، ومن الطبيعي أن ينخرط هؤلاء الخصوم ضمن موجة الغاضبين المنتفضين على حكمه للانتقام من حلفائه القبليين. تلك التركة لم تنهِ، لا سيما مع بروز رفيق القذافي القديم، حفتر، الذي يسير الآن على خطاه، متّخذًا له حلفاء من القبائل ذاتها، ومن المناطق التي انطلق منها "الزعيم الليبي" في مشروعه العسكري الديكتاتوري عام 1969، فضلًا عن أنه يعمل على محاربة أي حراك مدني سياسي، كما فعل عندما أزاح الشخصيات المدنية التي تترأس البلديات، ليستعيض عنها بحكام عسكريين، واستحوذ على قرار البرلمان، أعلى سلطة سياسية في البلاد.
وكتب أحد النشطاء مغردًا على صفحته: "لا يمكن لشعب عاش أربعة عقود من الظلم والاستبداد أن يسقط نظاماً ديكتاتوريًّا اليوم، ويصبح ديمقراطيًّا في اليوم التالي.. البناء يعقب الهدم، وهذا شيء طبيعي، ويبدو أن الثورة لم تهدم كل أركان حكم الديكتاتورية حتى الآن، وبالتالي فالحديث عن البدء في مرحلة البناء قرار مستعجل".
اقــرأ أيضاً
وإزاء هذا التراجع الكبير في احتفال الليبيين بثورتهم، بالنسبة إلى سنوات الثورة الأولى، يبرز السؤل مجدّدًا: هل حققت الثورة أهدافها؟ وهل ارتسم المشهد السياسي والاقتصادي المأمول من الثورة؟
احتفالان في طرابلس
العاصمة طرابلس، على سبيل المثال، شهدت احتفالين تبعًا للسلطتين المتمركزتين فيها، ففي ميدان الشهداء ثمة قوات موالية لحكومة الوفاق تطوقها وتشدد الإجراءات الأمنية فيها، كما أن رئيس المجلس الرئاسي، فائز السراج، حرص على الظهور وسطها ليل البارحة للاطلاع على الاستعداد للاحتفال، بينما أقامت حكومة الإنقاذ الوطني في جنوب العاصمة مراسم احتفالها في مطار طرابلس الدولي، حيث أعلن رئيس الحكومة، خليفة الغويل، في أثناء كلمته التي ألقاها بين عدد كبير من المسلحين، ورفقة ضباط موالين لحكومته، أن "المطار سيكون مستعدًّا لاستقبال وتسيير الرحلات الدولية والداخلية قريبًا جدًّا" في خطوة تصعيدية منها لإعلان مزيد من التحدي لسلطة حكومة الوفاق.
وفي جنوب البلاد، تناقلت صفحات التواصل الاجتماعي مناشير وكلمات مقتضبة لأصحابها، تعكس استياء كبيرًا في أوساطهم إزاء الإهمال الذي يعيشه أهلهم في الجنوب، بل عبّر بعضهم عن ندمه لـ " تأييد الثورة التي لم تجلب سوى مزيد من المعاناة".
الثورة مغيّبة في مهدها
أمّا في شرق البلاد، فلم تعلن الحكومة المسيطرة على المنطقة أي استعداد لاستقبال هذه الذكرى، والتي انطلقت شرارتها قبل ست سنوات من بنغازي، كبرى مدن الشرق، بل انشغلت وسائل إعلامها بنقل جديد معارك قوات ما يعرف بــ"عملية الكرامة".
وعلى عكس ما قد يبدو "تشاؤمًا"، وربما ارتدادًا وتراجعًا في تأييد الليبيين لثورتهم، لا يزال قطاع كبير منهم يعتقد أن للحالة الليبية خصوصية، رغم أن نسائم الربيع العربي وصلتهم بعد دول أخرى، بعضها مجاورة، مثل تونس ومصر، فالقذافي الذي سيطر على البلاد لمدة 42 سنة، سطّر شكلًا جديدًا من أشكال الديكتاتورية يتسم بالتعقيد الشديد، فجاءت الثورة وهي تحمل بدورها خصوصية أيضًا، فما إن قوبلت المظاهرات السلمية بالرصاص الحي؛ حتى تحولت في ظرف يومين إلى ثورة مسلحة، لتسري شرارتها بشكل سريع جدًّا وتشمل مدنًا في جنوب البلاد وفي غربها كان هدفها إسقاط النظام.
وإن حاولت بعض وسائل الإعلام المعادية للثورة إطلاق توصيفات سلبية عليها، من قبيل "حركة التمرد والمتمردين"؛ إلا أن أيًّا منها لم يستطع أن ينكر أنها حراك شعب للانعتاق من ظلم القذافي، الذي أجمع كل العالم على أنه ديكتاتور حوّل بلاده إلى ما يشبه "مزرعة خاصة به وأسرته".
بدأها الشعب وضيّعتها الفصائل
وفي سياق تفسير محللين لحالة الانقسام والتشظي التي تعيشها البلاد حاليًّا، يعتبر بعضهم أن الثورة، التي انطلقت من الشعب، ولم يتولّ توجيهها وإدارتها زعيم أو قائد أو حزب، أنتجت في ما بعد الاختلاف على تنفيذ وتطبيق أفكارها، فجعلت الكل يظن أنه الأصلح لقيادتها والحفاظ على مكتسباتها.
وتبعًا لعدم امتلاك هذه الثورة الشعبية أي مشروع سياسي يمكن تنفيذه بعد إسقاط الديكتاتورية، انساقت البلاد إلى مسارات متشابكة وحالة من الفوضى الأمنية والتشظي السياسي، الذي بات اليوم واضحًا من خلال اقتسام ثلاث سلطات للبلاد:
- البرلمان وحكومته وجيشه: المفارقة هنا هي أنّ المؤسستين السياسيّتين الأوليين، البرلمان والحكومة، هما وليدتا الأخير، فرغم انبثاق البرلمان من رحم الانتخابات الشعبية؛ إلا أن بعض النافذين والمقربين في مشروع اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي سبق أن أطلق عملية عسكرية تحت مسمى "الكرامة" في بنغازي، استثمر الخلاف حول إجراءات التسليم والاستلام بين سلطة المؤتمر الوطني (البرلمان وقتها) وبين السلطة التشريعية الجديدة، ومكّن أعضاء البرلمان عن شرق البلاد ومواليهم في المناطق الأخرى من الاجتماع في طبرق، والإعلان عن انطلاق جلسات البرلمان وأعماله ليوفر مظلة وواجهة سياسية لحراك حفتر العسكري، فيما سارعت دول إقليمية ودولية داعمة لمشروع حفتر إلى الاعتراف بشرعية انعقاده، والاعتراف بالحكومة المنبثقة عنه.
- المؤتمر وحكومته: وهو أول برلمان منتخب بعد نجاح الثورة، واستمر في قيادة البلاد إلى حين اندلاع الخلافات الإجرائية حول التسليم والتسلم من المؤتمر إلى البرلمان الجديد، ورغم الاعتراف الدولي بالبرلمان شرق البلاد سلطة تشريعية؛ إلا أنه عاد إلى الواجهة السياسية في طرابلس بعد صدور حكم المحكمة العليا الذي طعن في شرعية عقد البرلمان جلساته في طبرق، وسلامة إجراءات تسلمه للسلطة، فكلّف حكومة ووفر غطاء سياسيًّا لمجموعة من كتائب الثوار التي التأمت تحت مسمى "عملية فجر ليبيا "وقتها، ومنذ مارس/آذار الماضي، غاب المؤتمر وحكومته عن المشهد، إذ تمكنت حكومة الوفاق من دخول طرابلس، ليرجع المؤتمر من جديد في سبتمبر/أيلول الماضي معلنًا عن عودته لمقاره السابقة، باعتباره لا يزال صاحب الشرعية في البلاد.
- حكومة الوفاق الوطني: ونتجت عن اتفاق الصخيرات الموقّع بين الأطراف الليبية المتحاورة في الصخيرات المغربية في ديسمبر/كانون الأول من عام 2015. ورغم قرب مرور عام على وجودها في طرابلس؛ إلا أنها ما زالت تتلمس خطواتها وسط اتهامات متصاعدة بفشلها، بعد أن عجزت عن فرض سلطتها على الأرض، ونزع أسلحة المجموعات المسلحة، وتكوين مؤسسة عسكرية موحدة، والتخفيف من معاناة المواطن، بالإضافة إلى فشلها في نيل ثقة البرلمان، ليصل رئيسها، فائز السراج، إلى ما يشبه الإعلان عن فشله عند حديثه عن أسباب تعثّر لقائه بحفتر، عندما اعتبر أن "فرصة ثمينة ضاعت كان يأمل أن تكون مدخلًا لإنهاء الانقسام".
تركة القذافي؟
وعلى الرغم من ذلك، فثمة كثير من المراقبين يرون أن الواقع الذي تعيشه البلاد هو أمر طبيعي بعد أربعة عقود من التجريف الثقافي والتصحر السياسي، فنظام القذافي ظلّ ممسكًا بخيوط سياسته التقليدية "فرق تسد" طيلة عقوده الأربعة، وقد كرّسها من خلال إحياء العصبيات والنعرات القبلية، وبروز الجهة والقبيلة في خضمّ الصراعات القائمة اليوم هو نتاج طبيعي لذلك.
ويتّفق هؤلاء أيضًا على أن الخارطة المتصارعة اليوم هي الخارطة ذاتها، التي خطها القذافي خلال سنوات حكمه الأربعين، فالمدن والقبائل التي اتخذها أركانًا له كان قد سلّط بلاءها على خصومها التاريخيين، ومن الطبيعي أن ينخرط هؤلاء الخصوم ضمن موجة الغاضبين المنتفضين على حكمه للانتقام من حلفائه القبليين. تلك التركة لم تنهِ، لا سيما مع بروز رفيق القذافي القديم، حفتر، الذي يسير الآن على خطاه، متّخذًا له حلفاء من القبائل ذاتها، ومن المناطق التي انطلق منها "الزعيم الليبي" في مشروعه العسكري الديكتاتوري عام 1969، فضلًا عن أنه يعمل على محاربة أي حراك مدني سياسي، كما فعل عندما أزاح الشخصيات المدنية التي تترأس البلديات، ليستعيض عنها بحكام عسكريين، واستحوذ على قرار البرلمان، أعلى سلطة سياسية في البلاد.
وكتب أحد النشطاء مغردًا على صفحته: "لا يمكن لشعب عاش أربعة عقود من الظلم والاستبداد أن يسقط نظاماً ديكتاتوريًّا اليوم، ويصبح ديمقراطيًّا في اليوم التالي.. البناء يعقب الهدم، وهذا شيء طبيعي، ويبدو أن الثورة لم تهدم كل أركان حكم الديكتاتورية حتى الآن، وبالتالي فالحديث عن البدء في مرحلة البناء قرار مستعجل".