يشكل سيناريو محتمل لقيام قوات برية من "حزب الله" بمباغتة دولة الاحتلال واختراق الحدود إلى الداخل الإسرائيلي، بل احتلال موقع أو مستوطنة إسرائيلية لبعض الوقت، أحد أشد السيناريوهات المقلقة لدولة الاحتلال، التي تردد الحديث عنها في أكثر من مناسبة، وفي أكثر من تقدير عسكري رسمي، يعرض خطط الحزب القتالية في المواجهة القادمة حال اندلاعها، سواء بقرار من الحزب، أو بتوجيه من إيران، في سياق مسعى الأخيرة لإشغال إسرائيل بمواجهات عسكرية في الجبهة اللبنانية أيضا.
ومع أن هذا السيناريو بات مستبعداً، بحسب تقديرات مسؤولين عسكريين سابقين مؤخراً، أجرى جيش الاحتلال أكثر من مناورة وتدريبات عسكرية مكثفة في هضبة الجولان لوحدات قتالية مختلفة، بينها تدريبات لقوات جفعاتي وغولاني، تخللتها أيضا محاكاة للقتال في قرى وبلدات لبنانية مأهولة بالسكان، انطلاقا من كون هذه البلدات مواقع متقدمة للحزب، وقد تشكل طرقاتها كمائن فتاكة.
وكشف المراسل العسكري لموقع "يديعوت أحرونوت"، يرون بن يشاي، الجمعة، عن أن آخر هذه التدريبات هو دورة تدريبات مكثفة لقوات المظليين، عند الحدود بين لبنان وإسرائيل، استمرت ثلاثة أشهر لتدريبات الصيف، بهدف إيجاد رد إسرائيلي للسيناريو الأكثر رعبا من وجهة نظر الاحتلال، الذي يجري الاستعداد له كجزء من استخلاص العبر في الحرب الثانية على لبنان، عام 2006، والعدوان الأخير على غزة عام 2014، من خلال وضع خطط ميدانية لنقل عشرات آلاف المدنيين من المناطق الحدودية إلى قلب إسرائيل بصورة منظمة لتفادي مناظر فرار آلاف الإسرائيليين من المستوطنات الحدودية خوفا من صواريخ "حزب الله".
ووفقا لما نقله المراسل العسكري لـ"يديعوت أحرونوت"، باعتباره شاهد عيان رافق القوات في أحد التدريبات، فإن المظليين تدربوا أيضا على الانتشار برا وسط عمليات تمويه ميدانية لتجنب رصدهم كعمليات أولوية في ما هو أهم، وهو استباق عمليات تسلل من "حزب الله"، والقيام بعمليات إنزال وراء خطوط الحزب ونقل الحرب إليه.
ولا يخفي بن يشاي ذلك، بل يبرز عمدا، في ما تبدو رسالة موجهة عمليا لـ"حزب الله"، ما يدعيه من قدرات أن قوات المظليين من خلال هذه التدريبات قادرة على الوصول إلى العمق اللبناني، سواء عبر عمليات إنزال جوية من مروحيات أو برا مشيا على الأقدام، مع "الكشف" أن الوحدات ستحصل هذه المرة، خلافا لما حدث في الحرب الثانية على لبنان، على تعليمات وخطط عملياتية واضحة كليا، بالعمل من داخل الأراضي اللبنانية لمنع الحزب من إطلاق صواريخ باتجاه دولة الاحتلال، من المواقع ومنصات الإطلاق التي عمل حزب الله على بنائها وتوزيعها في الأراضي اللبنانية، والعمل عند صدور الأوامر لقصف وإزالة مخازن الصواريخ والقذائف البعيدة المدى، وتشويش خطط الحزب، وعرقلة مخططاته لاستهداف بلدات إسرائيلية بعمليات غزو برية.
ومنعا لأي التباس في طبيعة الأوامر والتعليمات المستقبلية لهذه القوات، قال: "باختصار، قتل مقاتلي العدو، وهدم البنى التحتية بشكل يقلص بسرعة مجال خيارات "حزب الله"، وربما أيضا مليشيات تعمل بأوامر من إيران من داخل الأراضي السورية، لضرب وتشويش روتين الحياة اليومية في البلدات والمستوطنات في الجبهة الإسرائيلية الداخلية".
وبالنظر إلى طبيعة تنظيم "حزب الله" بين كونه تنظيما يعمل بأسلوب "حرب العصابات"، وبين تطوره إلى قوة عسكرية شبيهة بالجيوش النظامية، فإن إحدى المشاكل الرئيسية في التعامل معه هي قدرته على المناورة والاختفاء من ميدان القتال: يطلق صاروخا أو قذيفة، أو يزرع عبوة ناسفة، ثم يختفي تحت الأرض، أو بين السكان المدنيين في القرى الأمامية التي تشكل قواعد لعمله.
ولا يرى بن يشاي ضيرا في الاعتراف بأنه من أجل "محاربته والقضاء عليه، سواء في لبنان أو سورية، تجب مفاجأته والعثور على أماكن وجود عناصره بشكل دقيق، بالاعتماد على معلومات استخبارية دقيقة ومحدثة". ولهذا لسبب يكشف بن يشاي، متعمدا، أن التدريبات تتم بواسطة قوات القتال الميدانية لمختلف تشكيلات لواء المظليين، بل أيضا من خلال ضم أطقم تنتشر ميدانيا، ويفترض فيها أن "تفاجئ العدو قبل انتقاله للمرحلة القادمة من العمليات والخطط الحربية، وذلك لعرقلة وتشويش هذه الخطط، وصولا إلى منعه من إعادة تنظيم صفوفه".
بموازة ذلك، تشمل التدريبات، التي يقول بن يشاي إنها تعتمد نموذج 17\17، إجراء تدريبات عسكرية 17 أسبوعا في السنة، بموازاة القيام بعمليات ميدانية على مدار 17 أسبوعا أخرى في العام، كالانتشار في الضفة الغربية المحتلة، وعلى الحدود مع قطاع غزة، وهو نموذج أقرته خطة غدعون الخمسية لتدريبات الجيش، وفق عقيدة القتال التي وضعها رئيس أركان الجيش الحالي، الجنرال غادي أيزنكوط، وتقوم على تعزيز عدد أيام التدريبات العكسرية والعمليات الميدانية لفرق الجيش القتالية.