الاجتماعات ركزت على "ضرورة التحضير لبناء المصالحة الوطنية، من خلال الوصول إلى مشروع حقيقي لتحقيق المصالحة الشاملة في ليبيا، وذلك من خلال ما أكّده المشاركون لـ"العربي الجديد".
وفي هذا السياق، قال رئيس لجنة المصالحة الوطنية باتحاد مجالس الحكماء، العمدة حسين الحبوني، إنّه "من المؤسف مواجهة مشكلة غياب الدولة في إيجاد حلول لإرساء المصالحة الوطنية"، موضحاً أنّ "الخلاف في ليبيا سياسي وليس اجتماعياً، لأن المصالحة الاجتماعية تحققت من خلال المصالحات الداخلية".
وأكّد الحبوني أنّ "غياب الدولة هو سبب المشكلة ويعيق تحقيق المصالحة"، لافتاً إلى أنّ "لا وجود لجسم قانوني قوي يحمي هذه الاتفاقيات التي تهدف إلى الصلح في ليبيا"، معتبراً أنّ "مستقبل اللقاء رغم غياب الدولة مفيد، إذ إنّهم سيستعينون بالبعثة الأممية لدعم الاتفاقيات التي توصلوا لها".
كما اعتبر الناشط المدني والمعيد بجامعة طرابلس، هشام الوندي، أنّ "المصالحة الوطنية الشاملة لم تتحقق بعد في ليبيا"، معتقداً أنّ "هناك خطوات جريئة بمبادرات محلية، إذ نجحت العديد من المجموعات المحلية بتحقيق مصالحات داخلية أدت إلى التهدئة"، مشيراً إلى أنّ "ما ينقص هذه المصالحات المحلية هو مشروع وطني شامل يمكن البناء عليه، والإشكالية الكبيرة التي تواجه المصالحة هو الانقسام السياسي وغياب الدولة"، متسائلاً "ما إذا كانت المصالحة تسبق الدولة أو العكس؟".
وشدد المحامي والناشط الحقوقي، جمعة أحمد عتيق، على أنّه "بتوفر الإرادة يمكن تحقيق هذه المصالحة الشاملة في البلاد، وخاصة أنّها باتت ضرورة ملحّة"، مؤكداً "ضرورة فضّ النزاعات ووقف الصراعات المسلّحة أولاً"، ومضيفاً أنّ "من يشخص الوضع في ليبيا، يلاحظ عدم وجود صراع سياسي بمعناه الحقيقي وفقاً للتعريفات الدولية، بل سيدرك أنّها صراعات محلية شخصية، ومصالح تتمحور حول المال والسلطة، تغذيها أطراف أجنبية سواء ليبية أو دولية".
وقال عتيق، لـ"العربي الجديد"، إن "المصالحة الوطنية الشاملة تأتي قبل الدولة في الحالة الليبية، فهي تساند في توفير الأرضيّة لبناء الدولة في جو سلمي"، مشدداً على أنّهم "لم يفلحوا منذ خمس سنوات حتى في تأسيس النواة الصحيحة للدولة، فتدخلت الأمم المتحدة، أخيراً، ووُقّع الاتفاق السياسي واعتبرناه خطوة جيدة، ولكن أدت إشكاليات عدّة إلى تعثر هذا المشروع، إذ لا وجود، حتى الآن، لسلطة مركزية تفرض القانون وتحتكر السلاح".
وأشار وزير الداخلية السابق، عاشور شوايل، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "الورشة خطوة ممتازة، خاصة بحضور ليبيين من كافة المناطق، إذ جمعت مشايخ ومثقفين وأمنيين وعسكريين ونشطاء في المجتمع المدني"، معتبراً أنّ "الشعب الليبي وصل إلى مرحلة تستوجب عليه العمل لإيجاد مشروع للمصالحة الوطنية بأسرع وقت"، معتقداً أنّ "نتائج الورشة ستكون جيدة على أرض الواقع".
وشدد شوايل على أنّ "المشكلة الجوهرية تتمثل في الطابع القبائلي والمساحة الشاسعة للأراضي الليبية واختلاف طبائع الأشخاص بين المناطق، ما ساهم بتغذية مناخ الصراعات، ولكن الشعب الليبي يسعى الآن إلى الاستقرار وبناء الدولة"، مؤكداً أن "إرادة الشعب ستظهر بقدر كبير في المستقبل القريب لتحقيق هذا المطلب الأساسي".
وفي هذا السياق، قال أحد أعيان لجان المصالحة بجنوب ليبيا، محمد هاي صندوم، إنّه "متفائل بنتائج هذا الاجتماع، لأن المشاركين على قدر عال من الخبرة"، معتقداً أنّ "توصيات هذا اللقاء التي تتقارب مع الواقع ستساهم في تحقيق المصالحة الوطنية"، مؤكداً أنّ "تطبيق هذه التوصيات سيكون برعاية الأمم المتحدة وبواسطة أعيان البلاد".
ورأى أحد شيوخ مدينة بنغازي، راشد أحمد الشريف السنوسي، أنّ "التفاؤل من دون أساس لتطبيق المصالحة في ليبيا لا معنى له"، مشدداً على "ضرورة حلّ المشاكل الموجودة أولاً، وهي غير مستعصية، ولكن عدم الوصول بعد إلى بناء دولة موحدة تمسك بزمام الأمور يعطل هذا المسار"، مشدداً على "ضرورة التحلّي بالواقعية لتأسيس الدولة".
كما أشارت رئيسة منظمة "المرأة والطفل"، آمال سعيد، إلى أنّه "يجب الاستفادة من المصالحة الاجتماعية للوصول إلى مصالحة شاملة من أجل بناء دولة مدنية"، معربةً عن تفاؤلها بـ"تحقيق المصالحة في ليبيا، بدليل توصلهم مرات عدّة لتحقيق مصالحات محلية"، معتبرةً أنّ "المصالحة المحلية غير كافية، ويجب السعي إلى تحقيق مصالحة شاملة تجمع كل أرجاء البلاد".
وأكّد الناشط المدني من العاصمة طرابلس، محمد تنتوش، أنّه "من الضروري الاستفادة من دروس الماضي لتطبيقها في المستقبل، للوصول إلى تحقيق مصالحة وطنية، وذلك من خلال توصيات هذه الورشة لحقن الدماء الليبية وتكوين الدولة".