فبعدما أنهى سلامة لقاءاته مع مسؤولي سلطات طرابلس، يوم أمس الاثنين، أعلنت البعثة أنه سيزور عددا من المدن الليبية "ليبقى على تواصل وتشاور مع الليبيين لتنفيذ خطة عمل الأمم المتحدة".
وكان قد التقى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فايز السراج، قبل أن ينتقل للقاء مسؤولي المجلس الأعلى للدولة لمناقشة مستجدات الأوضاع السياسية.
وذكر المجلس الأعلى للدولة، في إيجاز صحافي صادر عن مكتبه الإعلامي، أن سلامة التقى رئيس المجلس، عبد الرحمن السويحلي، ونائبه محمد معزب، ورئيس لجنة الحوار موسى فرج، لبحث تحفظاتهم حول المقترح الأممي المقدم للمجلس منذ أسبوعين.
وبحسب الإيجاز، فقد أكد مسؤولو المجلس دعمهم لمسار الحوار السياسي والحرص على إنجاز الاتفاق السياسي ووضعه حيز التنفيذ، بعد إنجاح مفاوضات تعديل الاتفاق السياسي بما يحقق توازنا وشراكة كاملة مع مجلس النواب، وبما يضمن اختيار مجلس رئاسة الدولة (الرئاسي الجديد) باتفاق مجلسي النواب والدولة على قدم المساواة التامة بينهما، وبحيث لا ينفرد أحدهما بحق الاختيار دون موافقة ومشاركة الطرف الآخر.
وسلّم السويحلي رداً تفصيلياً لسلامة على مقترح بعثة الأمم المتحدة لتعديل المواد المتعلقة بالسلطة التنفيذية في الاتفاق السياسي، متضمنا التحفظات والملاحظات، ومقترح المجلس لتعديل مواد السلطة التنفيذية بالاتفاق.
وكان المجلس الأعلى للدولة قد أعلن الأسبوع الماضي عن تحفظه على عدد من النقاط في المقترح الأممي، بينما أعلن مجلس النواب موافقته على المقترح بإجماع أعضائه.
ومقابل مواقف طرفي الأزمة المستمرة في التعنت، يبدو أن زيارة سلامة الحالية حملت عددا من الرسائل الضمنية، فمن خلال لقائه السريع مع رئيس لجنة الحوار عن برلمان طبرق، عبد السلام نصية، بطرابلس، لا يبدو أن طبرق من بين المدن التي يستهدفها سلامة في زيارته التي من المنتظر أن يلتقي خلالها بشحصيات ومسؤولي سلطات المجالس البلدية. لكن بحسب منشور صفحة البعثة الأممية، تأتي الزيارة في إطار سعيه لعقد المؤتمر الوطني الجامع مفتتح العام القادم.
كما أن اللافت في زيارة سلامة الحالية لطرابلس طرحه لمسألة الانتخابات، حيث أعلن المكتب الإعلامي للسراج، ليل أمس الاثنين، أن المبعوث الأممي تطرق خلال لقائه مع السراج إلى آليات دعم المفوضية العليا للانتخابات وتهيئة الظروف لعمل المفوضية، من أجل إجراء الانتخابات.
وقال المكتب إن السراج أكد خلال اللقاء، ضرورة الشروع في بدء تسجيل الناخبين في أقرب وقت ممكن لإتمام الاستحقاق الانتخابي.
ومن الواضح أن زيارة سلامة هذه المرة حملت رسائل ضمنية لطرفي النزاع الرئيسيين في البلاد تشير إلى إمكانية تجاوز البعثة لهم، من خلال سعي سلامة لتوسيع دائرة المشاركة السياسية وبدء اللقاءات مع مسؤولين محليين، من أجل التحضير لعقد المؤتمر الوطني الجامع الذي يمثل المرحلة الثانية في خطته المعلنة في العشرين من سبتمبر/ أيلول الماضي. كما أن مناقشته بشكل علني لآليات دعم مفوضية الانتخابات، تشير إلى إمكانية الوصول إلى المرحلة الثالثة من الخطة، ما يدل على ممارسته ضغوطا على طرفي الأزمة إزاء تعنت مواقفهما حيال المضي في تنفيذ الاتفاق السياسي.
ويبدو أن المراحل الثانية لخطة سلامة التي ارتكزت إلى تعديل الاتفاق السياسي للذهاب لتشكيل سلطة تنفيذية جديدة كمرحلة أولى، بقيت مفتوحة لتشكيل ضغط على طرفي الأزمة، حيث يمكن للمؤتمر الوطني الجامع إبراز أطراف ليبية أخرى، ما قد يهدد أوضاع مجلسي النواب والدولة كممثلين رئيسيين لأطراف الحوار.
ومن بين الأطراف التي قد يستهدفها سلامة بزيارته الحالية ممثلو الجنوب الليبي البعيدون عن المشهد السياسي، كما أن زعامات قبلية شرق البلاد قد تكون ضمن زيارته الحالية، والتي قد تمثل أصواتا غائبة في الشرق الليبي بعيدا عن سيطرة مجلس النواب وحليفه العسكري "خليفة حفتر"، بالإضافة لمدن فاعلة كالزنتان ومصراته، غرب البلاد.