الأردن يترقب مواجهة حامية بين الحكومة والنواب

18 أكتوبر 2018
تظاهرة ضد رفع ضريبة الدخل في يونيو الماضي(شادي نصور/الأناضول)
+ الخط -

من المتوقع أن تشهد الدورة العادية الثالثة لمجلس النواب الأردني الـ18، والتي انطلقت أعمالها الأحد الماضي وتنتهي في إبريل/نيسان 2019، نقاشات ساخنة، ومعارك ضارية، وهجوماً حاداً على الحكومة، خصوصاً من بعض النواب المستقلين، الذين يمكن تصنيفهم بالمعارضين للسياسات الحكومية، ويمتلكون شخصيات ذات حضور قوي في الوجدان الشعبي، بالإضافة إلى كتلة "الإصلاح". وسيكون مشروع القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل العنوان الأبرز للمواجهة المتوقعة بين النواب والحكومة. ففي الوقت الذي سيحاول المجلس تجميل صورته المشوهة لدى الناخبين، ستحاول الحكومة تمرير مشروع القانون تنفيذاً لتعهداتها بتحسين المؤشرات الاقتصادية، خصوصاً أمام مؤسسات الإقراض الدولي. وشغلت تعديلات القانون الشارع الأردني منذ خمسة أشهر، وذلك قبيل الاحتجاجات التي أطاحت الحكومة السابقة ورئيسها هاني الملقي، وهي لا تزال تشغله حتى اليوم. وزاد الاهتمام بها منذ طرح مسودة المشروع من قبل حكومة عمر الرزاز للنقاش العام، والردود الشعبية في المحافظات، وبعد ذلك إحالة مجلس النواب، في دورته الاستثنائية، مشروع القانون إلى لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية.

وسيواجه المجلس حزمة من التشريعات الضاغطة، أبرزها قانون الموازنة ومشروع القانون المعدل لقانون الجرائم الإلكترونية، بالإضافة إلى عدد من القضايا الإشكالية، كتأجير أراضي الباقورة والغمر، والعفو العام، واتفاقية الغاز مع الاحتلال الإسرائيلي. وبدأت الاستعدادات للمواجهة المرتقبة بتقديم مذكرة نيابية لطرح الثقة بوزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مثنى غرايبة، بعد بقائه بالحكومة وعدم الخروج بالتعديل الوزاري  الأخير، الأمر الذي اعتبره نواب نكثاً بعهد قطعه رئيس الحكومة، عمر الرزاز، لهم بإخراج الغرايبة من الحكومة. وقال النائب نبيل غيشان، لـ"العربي الجديد"، إن هناك حالة عدم رضا نيابي على الحكومة، والعلاقة بين الجانبين متوترة، مشيراً إلى أن التعديل الوزاري، الذي جاء في غير موعده، زاد من حالة عدم الرضا عن الأداء الحكومي. وأضاف "ليس من المعقول إجراء تعديل، في وقت ينشغل فيه المواطنون والنواب بقانون الضريبة الذي يمس كل مواطن"، مشيراً إلى أن الآمال، التي علقت على هذه الحكومة، يبدو أنها في غير مكانها، وأن هذا التعديل يزيد من الاحتكاك بين الطرفين. وأكد غيشان أن العلاقة لن تكون ودية بين أعضاء المجلس والحكومة في ظل القوانين الخلافية، كالضريبة والموازنة، بالإضافة إلى عدم وضوح الصورة والقرار الحكومي بخصوص إلغاء الاتفاق بين الأردن وإسرائيل بشأن أراضي الباقورة والغمر. وبشأن قانون الجرائم الإلكترونية، قال غيشان "للأسف، هناك توافق حكومي ونيابي حول تغليظ العقوبات في هذا القانون الذي يمس حرية التعبير".



وقالت النائبة عن كتلة "الإصلاح"، ديمة طهبوب، لـ"العربي الجديد"، إن "كتلة الإصلاح تنحاز في مواقفها لمصالح الشعب، وتنظر إلى كل قضية وقانون من هذا الجانب". وأضافت "كان هناك تفاؤل بهذه الحكومة، لكن هذا التفاؤل لم يكن في مكانه. ومثال على ذلك قانون الضريبة، فهذا القانون يمس الاستقرار المالي والاقتصادي للمواطنين، وتعامل الحكومة مع قانون الضريبة، يلاقي معارضة واسعة من النواب". وأوضحت أن "المواطن غير قادر على تحمل أي زيادة ضريبية. كما أن الحالة المأساوية التي يعيشها المواطن ومعاناته المستمرة من سلسلة الحزم الضريبية وتلاحق رفع الأسعار خلال الأعوام الأخيرة، تجعل من عملية فرض أو زيادة أي ضريبة عنصراً يدفع بالشارع للانفجار من جديد، وستقف كتلة الإصلاح والنواب في وجه الحكومة من أجل حياة كريمة للمواطن". وطالبت طهبوب "الحكومة بتوضيح موقفها من تجديد تأجير أراضي الباقورة والغمر لإسرائيل"، مشيرة إلى أن الموعد الخاص بتحديد الموقف من أراضي الباقورة والغمر أصبح قريباً، والحكومة لم تعلن عن موقف واضح، وننتظر منها موقفاً واحداً وهو عدم تجديد الاتفاقية.

بدوره، قال رئيس مجلس النواب، عاطف الطراونة، في حديث للتلفزيون الأردني، "أطمئن الشعب أن مجلس النواب ممثل له وسيكون له عينان، عين على الوطن وعين على المواطن، ولن يخذل الشعب الأردني في التعديلات التي ستجرى على قانون الضريبة"، وهذا يعني أن المجلس أعلن، على لسان رئيسه "الدبلوماسي"، عن مواجهة مفتوحة مع الحكومة حول القانون. ومن المنتظر أن تظفر الدورة البرلمانية في بدايتها أيضاً بسخونة غير معتادة، بسبب قضيتين مصيريتين، الأولى أراضي الباقورة والغمر، إذ سيضغط النواب على الحكومة من أجل التحرك لاسترداد هذه الأراضي من بين يدي سلطات الاحتلال، بعد اقتراب انتهاء تأجيرها وفقاً لمعاهدة وادي عربة، التي تشترط على الجانب الأردني إبلاغ الاحتلال قبل عام بعدم تجديد الاتفاقية. وقد نص أحد بنود الاتفاقية على أنه "يحق لأي من الطرفين عدم تجديد الاتفاقية شرط إبلاغ الطرف الآخر قبل انتهاء المدة بعام". وبالتالي، ووفق هذا البند، تستطيع الحكومة إبلاغ الجانب الإسرائيلي عدم رغبتها بالتجديد في موعد أقصاه 26 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، وإن حصل خلاف ذلك، فإنه سيتم تمديد الاتفاقية تلقائياً لـ25 سنة جديدة. أما القضية الأخرى، والتي تشكل تحدياً كبيراً بين المجلس والحكومة، فهي العفو العام، إذ وقع 70 نائباً، قبل أربعة أشهر، على مذكرة طالبت بضرورة تبني حكومة عمر الرزاز مشروع قانون للعفو العام.