انتصر رئيس الحكومة الإسرائيلية وزعيم حزب "الليكود" بنيامين نتنياهو، في الانتخابات الإسرائيلية العامة، التي جرت الإثنين الماضي، على خصمه الرئيسي الجنرال بني غانتس. فقد حصل "الليكود"، بقيادة نتنياهو، بحسب 90 في المائة من الأصوات التي تم فرزها، أمس الثلاثاء، على 36 مقعداً، متقدماً على حزب "كاحول لفان"، الذي يتزعمه غانتس بأربعة مقاعد. وتراجعت حصة "كاحول لفان" من 33 مقعداً في الانتخابات الأخيرة، التي جرت في 17 سبتمبر/ أيلول الماضي، إلى 32 مقعداً، وهو ما عكس نكسة حقيقية، بحسب النتائج الحالية للحزب الذي سعى للإطاحة بنتنياهو من سدة الحكم التي تربع عليها منذ انتخابات العام 2009.
لكن انتصار نتنياهو على غانتس، بالرغم من الأهمية الكبيرة التي يوليها له رئيس الحكومة نفسه لجهة تأكيد أن حزبه هو الأكبر في إسرائيل، وأن الجمهور الإسرائيلي منحه الثقة مجدداً، ظل منقوصاً، إذ فشل نتنياهو بأن يحقق مع باقي الأحزاب المنضوية تحت معسكره اليميني – الحريدي ("الليكود"، و"شاس"، و"يهدوت هتوراة"، و"يمينا") هدفه المعلن في الأيام الأخيرة وهو 61 مقعداً من أصل 120 مقعداً في الكنيست، ما يمكنه من تشكيل حكومة ائتلاف دون الاستعانة بمقاعد حزب "يسرائيل بيتينو" بقيادة أفيغدور ليبرمان.
وبالرغم من النصر الذي حققه نتنياهو على الصعيد الشخصي والحزبي برفع عدد مقاعد "الليكود" إلى 36 مقعداً، ومجمل مقاعد المعسكر المؤيد له من 56 إلى 59 مقعداً، إلا أن الطريق أمام تشكيل حكومة لا يزال مرصوفاً بعراقيل مختلفة، ولا سيما أن عملية فرز نحو 10 في المائة من الأصوات، أي نحو 400 ألف صوت، استمرت مساء أمس الثلاثاء، وينتظر أن تنتهي مساء اليوم الأربعاء، لتبدأ بعدها عملية فرز نحو 3500 صوت منفصلة، هي لإسرائيليين ممن يخضعون حالياً لنظام العزل الفردي الطوعي، بفعل عودتهم أخيراً من دول ينتشر فيها فيروس كورونا.
ومع ظهور النتائج، أمس، فقد بدا واضحاً أنها لا تعني بالضرورة حسماً لصالح حكومة برئاسة نتنياهو، وأنها تنذر باستمرار الأزمة السياسية في إسرائيل، في حال لم يطرأ تغيير على موقف حزب "يسرائيل بيتينو" بقيادة ليبرمان، ولم يقرر ليبرمان الانضمام بشروط معينة لائتلاف برئاسة نتنياهو. ومع أن ليبرمان أعلن، خلال المعركة الانتخابية، أن عهد نتنياهو انتهى وولى، إلا أنه قال، أمس، في تعقيبه على نتائج الأصوات التي تم فرزها، إن الكتلة البرلمانية لحزبه ستجتمع، غداً الخميس، لتبت نهائياً في وجهتها، هل تدعم معسكر نتنياهو أم تتجه لدعم معسكر غانتس.
في المقابل، أعلنت مصادر رسمية في "الليكود"، أمس الثلاثاء، أن نتنياهو بدأ اتصالاته مع أعضاء في الكنيست من المعسكر المناهض له، لم يتم الكشف عن هويتهم، في محاولة لاستمالتهم للانشقاق عن أحزابهم الأم والانضمام إلى ائتلاف بقيادته. وقد أشهر نتنياهو بنفسه هذا الأمر، عندما قال، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، صباح الاثنين، في يوم الانتخابات، إن معسكره يقترب من تحقيق هدف 60 مقعداً، لكن في حال لم يصل إلى 61 مقعداً فإنه يحمل مفاجآت كثيرة وأن عضو الكنيست الإثيوبي الأصول غادي يبركان، الذي انتقل خلال المعركة الانتخابية إلى معسكر "الليكود" لن يكون الأخير الذي يفعل ذلك، وأنه يعتزم القيام بمحاولة لاستمالة أعضاء من الأحزاب المعارضة له للانضمام إلى ائتلافه الحكومي.
ومن المقرر بحسب الجدول الزمني المعلن، أن تنتهي مساء اليوم الأربعاء، عملية فرز أصوات الجنود والمساجين والمرضى والملاحين، لتبدأ في ساعات مساء اليوم الأربعاء، عملية فرز أصوات الإسرائيليين الذين اقترعوا في مراكز خاصة، بفعل الخوف من إصابتهم بفيروس كورونا، حيث سيقوم موظفو لجنة الانتخابات المركزية بأنفسهم بعملية فرز الأصوات. ووفقاً للجنة الانتخابات المركزية، فمن المقرر أن تعلن النتائج النهائية والرسمية يوم غد، الخميس. وإذا سار كل شيء وفقاً للجدول الزمني المعلن، فإنه سيكون بمقدور رئيس الدولة رؤبين ريفلين بدء المشاورات القانونية مع ممثلي الكتل البرلمانية، يوم الاثنين المقبل، لتحديد هوية المرشح الذي سيكلف بتشكيل الحكومة المقبلة.
مع ذلك، فإن التماساً قدمته جمعية نزاهة الحكم للمحكمة العليا، مطالبة إياها بتحديد مقاييس ومعايير واضحة لرئيس الدولة تحول دون تكليف مرشح توجد ضده لوائح اتهام رسمية وقرار بالمحاكمة بتهم تلقي الرشاوى والفساد وخيانة الأمانة العامة، لتشكيل الحكومة المقبلة. وقد استبعدت جهات سياسية وقضائية أن تتدخل المحكمة الإسرائيلية العليا، بفعل نتائج الانتخابات، في هذه المسألة، وأن ترد الدعوى تحت بند أن هذه القضية سياسية وليست قضائية، وخصوصاً أن القانون الإسرائيلي يجيز لرئيس حكومة مواصلة عمله في منصبه وهو يخضع لمحاكمة، إلى حين صدور قرار قضائي نهائي بالإدانة. وادعت جمعية نزاهة الحكم، على لسان مديرها البروفيسور إلعاد شراغا، أن نتنياهو ليس رئيس حكومة منتخب، بل هو رئيس حكومة تصريف أعمال ومرشح لمنصب رئاسة الحكومة، وبالتالي على المحكمة العليا أن تصدر قراراً تصريحياً بأنه ليس أهلاً لتكليفه بتشكيل الحكومة.
وستشهد إسرائيل في الأيام القريبة المقبلة استمرار حالة عدم اليقين بقدرة نتنياهو على تشكيل حكومته الخامسة، مع سيل من الأنباء المتناقلة عن هوية أعضاء الكنيست الذين قد يتركون أحزابهم وقوائمهم الانتخابية لصالح الانضمام لائتلاف بقيادة نتنياهو من جهة، واحتمالات الاتجاه إلى انتخابات رابعة في نهاية المطاف، إذا فشل نتنياهو بتشكيل حكومة خامسة، سواء كانت ائتلافية أو حكومة وحدة وطنية مع تحالف "كاحول لفان"، أو جزء من مركبات التحالف المكون أصلاً من ثلاثة أحزاب مستقلة.