أصبحت الإدارة الأميركية في خدمة شركات واستثمارات الرئيس دونالد ترامب الذي يسوّق لها في أسفاره وتصريحاته، لتكاد تكون بوابة العبور للوصول إلى البيت الأبيض. هذه الاستفادة غير العادلة لشركات الرئيس الأميركي تثير مرة أخرى تساؤلات إذا كان ترامب يفرّق في حساباته السياسية والمالية بين إدارته وشركاته. من جهته، فتح مجلس النواب ذات الأغلبية الديمقراطية هذه المعركة، في ظل تساؤلات عن تضارب محتمل في المصالح بين ترامب الرئيس وترامب تاجر العقارات. وهناك مؤشرات عدة استوجبت فتح تحقيق تشريعي، حتى لو أن هذه المسألة أصبحت ضمن الجدال الدائر بين الديمقراطيين والجمهوريين. فقد فتحت لجنة الإشراف والإصلاح في مجلس النواب تحقيقاً في قضية منتجع الغولف تورنبيري الذي يملكه ترامب ويبعد نحو 37 كيلومتراً عن مطار بريستويك في اسكتلندا. فخلال رحلة روتينية من الولايات المتحدة إلى الكويت في شهر إبريل/نيسان الماضي، توقفت طائرة نقل معدات عسكرية "سي 17" التابعة لـ"الحرس الوطني الجوي" ذهاباً وإياباً في منتجع ترامب في اسكتلندا. هذه الطائرة تتوقف عادة في ألمانيا أو إسبانيا لإعادة التزوّد بالوقود، قبل استكمال طريقها إلى الشرق الأوسط. في عهد ترامب توقفت في غلاسكو، علماً أن لا قاعدة عسكرية أميركية هناك.
كما تبرز مسألة أخرى، متعلقة بقرار نائب الرئيس مايك بنس بالبقاء في منتجع يملكه ترامب في دونبينغ خلال زيارته إلى إيرلندا مطلع الشهر الحالي، ويبعد المنتجع نحو 290 كيلومتراً عن العاصمة دبلن، فاضطر بنس إلى الاستعانة بالطائرات العمودية يومياً لمتابعة لقاءاته في دبلن. كما أصبحت إقامة المسؤولين الأجانب في فندق "ترامب تاور" في واشنطن بوابة عبور رئيسية للتأثير على الرئيس، الذي يسكن على بعد أمتار قليلة في البيت الأبيض. وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، فقد كان هناك مرور لـ 110 مسؤولين أجانب على ممتلكات ترامب منذ عام 2017. كما ينظر ترامب أيضاً في احتمال استضافة قمة مجموعة السبع العام المقبل في منتجع دورال الذي يملكه في ولاية فلوريدا. وبحسب سجلات الانتخابات الفيدرالية فقد تجاوز الإنفاق في ممتلكات ترامب مبلغ 5.6 ملايين دولار من قبل مرشحين سياسيين أو منظمات تحاول التأثير على الرئيس.
قضية تورنبيري ستكون واحدة من التحديات الداخلية التي ستواجهها إدارة ترامب خلال المرحلة المقبلة. وتجدر الإشارة إلى أن الدستور الأميركي يحظر على الرئيس تلقّي أي تعويض من الحكومة الفيدرالية سوى راتبه، ومن هنا تراهن لجنة مجلس النواب على القول إن ترامب استفاد مالياً من هذه الشركات بطريقة تتعارض مع الدستور. وكان ترامب قد رفض منذ انتخابه التنازل كلياً عن مصالحه التجارية، بل قرر وضع شركاته في صندوق ائتماني يمكن للرئيس أن يسحب المال منه في أي وقت يريد. كما يحلو لترامب إعطاء صورة بأنه يخسر أكثر مما يكسب في رئاسته، مردداً أن هذه الخسائر تتراوح بين 3 و5 مليارات دولار، وهي بطبيعة الحال أرقام مضخّمة، لأن كل ثروة ترامب تبلغ 3.1 مليارات دولار، بحسب مجلة "فوربس".