وجاء التأجيل بسبب تغيّب أحد المتهمين، ويُدعى محمد أيوبي، بسبب عدم توصله باستدعاء المحكمة، وكذلك من أجل فسح المجال للمراقبين الحقوقيين الدوليين للمجيء إلى المغرب لمتابعة المحاكمة.
وتنتظر عائلات ضحايا مخيم "إكديم إزيك" الذين قضوا نحبهم، وتم التمثيل بجثثهم قبل ست سنوات من طرف ناشطين موالين لجبهة البوليساريو المطالبة بانفصال الصحراء عن المغرب، النطق بالأحكام في هذه القضية بمحكمة الاستئناف بمدينة سلا التي أحيلت إليها القضية من محكمة النقض بعد قرار المغرب عدم محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري.
وتعود جذور القضية إلى شهر أكتوبر/تشرين الأول سنة 2010، عندما أنشأ مواطنون في مدينة العيون الصحراوية مخيماً اعتصموا فيه للمطالبة بحقوق اجتماعية صرفة، من قبيل فرص العمل، وهي المطالب التي استجابت لها السلطات المحلية، لتيم تفكيك المخيم في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني من ذات السنة.
ومقابل عودة المواطنين إلى منازلهم، ومحاولة تفكيك مخيم "إكديم إزيك"، عمد عدد من النشطاء الموالين لجبهة البوليساريو في مدينة العيون الصحراوية، إلى إثارة القلاقل، من خلال رفع شعارات تطالب بانفصال الصحراء عن المملكة، الشيء الذي اضطر معه رجال أمن إلى التدخل.
وواجه نشطاء صحراويون عناصر القوات الأمنية الذين كانوا حينها مجردين من أسلحتهم، بالأسلحة البيضاء، وإلقاء الزجاجات الحارقة، والضرب بالعصي والحجارة، مما أدى إلى مقتل 11 فرداً من رجال الأمن المغاربة. كما تم تصوير تعمّد نشطاء التبول على الجثث والتمثيل بها أيضاً.
وفي المحاكمة العسكرية، التي جرت في فبراير/شباط 2015، تم إصدار أحكام بالسجن المؤبد في حق 9 متهمين، وبمدد سجنية تتراوح بين 20 و30 عاماً في حق 11 شخصاً آخرين، قبل أن تتدخل محكمة النقض في شهر يوليو/تموز الماضي، لتصدر قراراً بإعادة محاكمة المتهمين في محكمة مدنية عوض القضاء العسكري.
وفيما ابتهجت عائلات الضحايا الأحد عشر بقرار تحويل المحاكم العسكرية إلى مدنية، طالبت هذه الأسر المكلومة بالمقابل أن تكون الأحكام منصفة لها ولأرواح "شهداء الواجب الوطني"، وفق تعبيرهم، بينما طالب حقوقيون بمحاكمة عادلة، سواء تعلق الأمر بالمعتقلين، المشتبه بتورطهم في قتل الجنود والتنكيل بهم، أو بذوي الضحايا.
وقال عبدالرحمن عبدالدين، وهو محامٍ يواكب ملف المتهمين في أحداث المخيم الصحراوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الجلسة الأولى كشفت عن رغبة أكيدة في تمتيع أسر الضحايا كطرف مدني بحقوقهم كاملة، وفي نفس الوقت منح ظروف المحاكمة العادلة لفائدة المتهمين في مخيم إكديم إزيك".
واعتبر المحامي ذاته، أن المحاكمة المدنية لمتهمي المخيم هي "فرصة لذوي الضحايا ليرفعوا مطالبهم بالحق المدني في هذه القضية، بعد أن كانوا ممنوعين من ذلك في المحكمة العسكرية، قبل أن يعرف القضاء العسكري إصلاحات هامة، تتمثل في منع مثول مواطن مدني أمام محكمة عسكرية بالمملكة".