بدأت الأجهزة الأمنية المصرية في اتخاذ تدابير أمنية مشددة عقب انفجار الكنيسة البطرسية في منطقة العباسية شرقي القاهرة، الأسبوع الماضي، تخوفاً من تكرار نفس الحادث خلال شهر يناير/كانون الثاني المقبل. ويحتفل الأقباط بمناسبات دينية عدة خلال شهر يناير/كانون الثاني من كل عام، تقول السلطات المصرية إنه يمكن استغلالها لتنفيذ عمليات مسلحة أو تفجيرات، بحسب مصادر أمنية. وتحذر الأخيرة من استهداف تجمعات شعبية أثناء ثلاث مناسبات: الاحتفال بالعام الجديد، وعيد الميلاد في التقويم المعتمد لدى المسيحيين الأقباط في 6 يناير، فضلاً عن ذكرى ثورة "25 يناير". غير أن بعض الأوساط المصرية استبعدت حصول تفجيرات في هذه الفترة، معتبرةً أن الجماعات المسلحة لا تنفذ عادةً عمليات في ظل الإجراءات المشددة، وتنتظر فترة التراخي لتضمن "نجاح" عملياتها. أولى التحديات يتمثل في ضمان أمن الكنائس. وأمام رفْض الكنيسة المصرية المتكرر إشراف الأجهزة الأمنية على كامل أعمال التأمين والحماية من داخل وخارج الكنائس، لم يبق أمام وزارة الداخلية من خيار سوى تكثيف وتشديد إجراءات الحماية من الخارج.
ولفتت المصادر الأمنية إلى أن رفض الكنيسة يتسبب بمشكلات في عمليات التأمين، بما يضاعف الجهود المبذولة لرصد أي شخص يكون مشكوكاً فيه، وهو ما يعني عدم الاكتفاء بفرد أو اثنين من قوات الأمن أمام أبواب الكنائس، بل يحتاج الأمر إلى زيادة في عدد العناصر.
وحول إمكانية تنفيذ تفجيرات وعمليات خلال شهر يناير، شددت المصادر ذاتها على وجود تخوف كبير من الاعتماد على الانتحاريين في الهجمات الإرهابية، وهو الأمر الذي يفرض تحديات في غاية الصعوبة، لا سيما أثناء التجمعات البشرية. وقالت إنه من الصعب كشْف الانتحاريين وسط التجمعات، ومسألة التأمين في هذه الحالة تحتاج لأعداد مضاعفة من قوات الشرطة.
وأضافت المصادر أنه يصاحب هذا التشدد الأمني والخوف من العمليات الإرهابية، وجود دعوات من ناشطين للتظاهر في ذكرى ثورة "25 يناير"، رفضاً لسياسات النظام المصري الحالي وغلاء المعيشة، معتبرة أنه لا بد من الاستعداد لهذه التظاهرات حتى ولو كانت محدودة.
وتابعت المصادر أنه لا يمكن التنبؤ بحجم التظاهرات التي يمكن أن تخرج في هذا اليوم، مع الأخذ في الاعتبار حالة الغضب والاستياء من السياسات الحالية. ولفتت إلى أن أجهزة الأمن أشرفت على تركيب كاميرات مراقبة أمام الكنائس وتعديل أماكن بعضها الآخر، وذلك في إطار كل مديرية أمن، كما تم إصدار تعليمات بمنع دخول أي شخص إلى الكنائس إلا بعد التحقق من هويته، ومنع وقوف أي سيارات أمام أبواب الكنائس.
وفي هذا الإطار، قال الخبير الأمني، اللواء جمال أبو ذكري، إنه بلا شك هناك أزمة كبيرة لدى الأجهزة الأمنية في عمليات التأمين لاحتفالات رأس العام وأعياد المسيحيين. وأضاف في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" أنه من المتوقع تنفيذ عمليات في هذه المناسبات، ولا سيما قبل ذكرى "25 يناير". وتابع أن التحدي الأكبر أمام أجهزة الأمن يتمثل في تأمين الكنائس خلال الأعياد، ومنع تسلل أي عناصر إرهابية، والاستعانة بخبراء المفرقعات والكلاب البوليسية. وشدد على ضرورة توجيه ضربات استباقية خلال الأيام القليلة المقبلة للعناصر الإرهابية والقبض عليها، بموازاة الإجراءات الأمنية المشددة وأعمال التأمين والحماية. وطالب بوقف الإجازات لأفراد الشرطة من الفترة الحالية وحتى انتهاء شهر يناير/كانون الثاني المقبل، وعدم التهاون في التعامل مع الجماعات الإرهابية، بحسب قوله.
من جانبه، قال باحث في الحركات الإسلامية إن الجماعات المسلحة لا تخاطر بتنفيذ عمليات في فترة تشديد التدابير الأمنية، وذلك لأن نسبة "نجاحها" تكون أقل من فترة التراخي الأمني.
وأضاف الباحث لـ"العربي الجديد" أن الجماعات المسلحة تنتظر فترة التراخي بعد التشدد الحاصل، لتنفيذ عمليات، أي أنه إذا كانت ستنفذ عمليات ستكون قبل أو بعد المناسبة بعدة أيام، وليس في نفس اليوم، بحسب قوله. وحول تنفيذ انفجار الكنيسة أخيراً، أوضح أن الحادث كان مفاجأة للجميع، وبالتالي كان تنفيذه أسهل، ولم يكن الأمن متوقعاً حدوث تفجيرات وبالتالي لم تكن هناك إجراءات أمنية مشددة، بحسب تعبيره.