ما بين التعديلات التي أجرتها الحكومة العراقية أخيرا على قانون العفو المثير للجدل وبين ضغوط السلطة القضائية والأطراف السياسية المختلفة، يبقى القانون معلقا رغم إقراره نهاية العام الماضي دون أن يجد طريقه للتنفيذ، الأمر الذي عدّه مسؤولون فرضا للإرادة الحكومية على عمل البرلمان، مطالبين بوضع حدّ لتلك التدخلات.
وحتى الآن لم يطلق سراح أي معتقل في العراق على ضوء هذا القانون، على الرغم من إقراره من قبل البرلمان حيث يقبع نحو ربع مليون عراقي غالبيتهم اعتقلوا بزمن رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، بدوافع طائفية وانتقامية ووشايات كاذبة.
ووفقا لمسؤولين عراقيين في بغداد فإن القانون الذي استخدم كوسيلة تخدير مؤقتة انتهت فاعليته والآن يواجه ضغوط تعديلات جديدة على بعض فقراته، متهمين نوري المالكي بالوقوف وراء تعطيل تفعيل القانون المقر كون غالبية ضحايا الاعتقالات وقعت في زمنه والمستفيدين من القانون قد يفضحون ممارسات السجون ومساعدي المالكي بعد خروجهم من المعتقلات.
وقال سياسي عراقي لـ "العربي الجديد" إن "المستفيدين من القانون هم خصوم المالكي بمن فيهم التيار الصدري الذي يوجد لديه معتقلون بالمئات منذ سنوات".
ويقول النائب عن اللجنة القانونية البرلمانية، سليم شوقي، إنّ "هناك لغطا في مجلس الوزراء بشأن قانون العفو العام في الفقرة المتعلّقة بالإرهاب"، مبينا أنّ "البرلمان لم يشمل الإرهابيين المدانين بقانون العفو، وأنّه صوت فقط على تدقيق إجراءات التحقيق والمحاكم، على ألا يخضع ذلك الى السلطة التقديرية للقضاء، ولا يتدخّل البرلمان بذلك".
وأضاف أنّ "هناك ثغرة في القانون الأصلي تتعلّق بالمخالفات، وأنّ من ارتكب المخالفات وتمّ شموله بالعفو الصادر عام 2008 سيشمل أيضا بقانون 2016، رغم أنّ القانون يجرّم المخالفات بالغرامة والحبس البسيط".
وأشار إلى أنّ "التعديل الثاني الذي أرسله (رئيس الوزراء العراقي حيدر) العبادي للبرلمان حول تهم التزوير تحدّث عن شمول المدراء العامين بالعفو، مّمن أنهوا ثلث المحكومية مع شراء ثلثين بمبلغ 50 ألف دينار لليوم الواحد، بينما يشمل الخطف في حالات الأغراض العشائرية التي حصل فيها تنازل وصلح".
ورجّح "وجود اتفاق بين الحكومة والقضاء على تأخير تنفيذ القانون".
من جهته، أكّد القيادي في تحالف القوى، محمد الجبوري، أنّ "إخضاع السلطة القضائية وإجبارها على تعطيل قانون نافذ تعد مخالفة قانونية كبيرة لا يمكن السكوت عليها".
وقال الجبوري، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ "الحكومة تفرض إرادتها على القضاء، ومن خلاله تفرض إرادتها على البرلمان وتعطّل قوانينه النافذة، وهذا ليس جديدا، إذ إنّ الكثير من القوانين نقضت في القضاء وتم تعطيل أخرى، الأمر الذي أثّر سلبا على عمل البرلمان وتشريعاته".
ودعا هيئة رئاسة البرلمان إلى "عدم السكوت على هذه التدخلات الحكومية وسياسة فرض الإرادات بالقوة، لأنّ البرلمان هو صوت الشعب، وأنّ إسكاته هو قمع للشعب ولإرادته".
وكان البرلمان العراقي قد أقرّ نهاية أغسطس/ آب الماضي قانون العفو العام، بعد مناكفات وخلافات سياسية طويلة، عطّلت من تمريره.