أمر المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، مساء أمس الأربعاء، وبتأخير أيام معدودة، بحسب تقديرات بعض الصحف، بالشروع في عملية فحص، لتقصّي الحقائق المتعلقة بصفقة شراء غواصات وسفن ألمانية لإسرائيل.
ويأتي طلب تقصي الحقائق، بعد توفّر معلومات جديدة تثير شبهات بشأن دور كل من المحامي الخاص لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، دافيد شومرون، ومندوب شركة أحواض السفن الألمانية "تيسنكروب" ميكي غورن، لجهة إقرار شراء غواصة سادسة من إسرائيل، وإبرام صفقة جديدة للتزوّد بثلاث غواصات من الشركة الألمانية، على الرغم من معارضة وزارة الأمن الإسرائيلية ووزيرها آنذاك موشيه يعالون.
وترتبط القضية بمحاولات محامي نتنياهو، الضغط لعدم تنفيذ قرار مجلس الأمن القومي ووزارة الأمن، إلغاء مناقصة كان يفترض نشرها في العام 2014، بشأن شراء سفن وزوارق حربية لحماية منصات التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط.
واضطر المستشار القضائي للحكومة إلى طلب الشروع في عملية الفحص الشرطية، (وليس إصدار أمر بإجراء تحقيق جنائي) بعدما تبيّن أنه خلافاً لادعاءات شومرون، بأنّه لم يبلّغ نتنياهو بحقيقة كونه يمثّل مندوب الشركة الألمانية في إسرائيل. كما لم يستغلّ العلاقة التي تربطه به لخدمة مصالح الشركة الألمانية، مما يضع نتنياهو نفسه أيضاً في دائرة الشبهات بعد إصراره على شراء ثلاث غواصات جديدة من ألمانيا، رغم معارضة يعالون.
وبيّنت تقارير نشرتها صحف إسرائيلية أنّ شومرون كان قد توجّه، خلافاً لادعاءاته، برسالة رسمية عبر البريد الإلكتروني، للمستشار القضائي لوزارة الأمن الإسرائيلية، بصيغة سؤال حول ماذا تم بشأن إلغاء مناقصة لشراء سفن قتالية لحماية منصات التنقيب عن الغاز في المتوسط.
كما خاض شومرون، بحسب التقارير، مفاوضات مع ممثلي نقابة العاملين في الجيش الإسرائيلي، في سلاح البحرية بشأن وجوب تحويل عمليات صيانة الغواصات الألمانية، والسفن القتالية المزمع شراؤها إلى الشركة الألمانية ، وخصخصة الخدمات، مع إشارته خلال جلسة للمفاوضات بهذا الخصوص، إلى أنّ مصلحة العاملين في الجيش الإسرائيلي، في هذا المجال، تقتضي التوصّل إلى اتفاق رسمي برضا الطرفين، وليس من خلال إملاءات تأتي من جهات عليا.
ومع أن المستشار القضائي أصدر تعليماته، أمس الأربعاء، للبدء بفحص وليس بتحقيق، إلا أنّ هذه الخطوة أثارت استغراباً في الأوساط الإسرائيلية، بسبب التلكؤ في اتخاذ القرار، خصوصاً أنّ حزب المعسكر الصهيوني حاول تمرير قرار في الكنيست، لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في كل الشبهات المتعلقة بصفقة غواصات مع ألمانيا، وما إذا كان نتنياهو رجّح كفة شرائها أم ألمانيا، خدمة لمصالح محاميه الخاص.
ويرى المعارضون أنّ القرار بإجراء فحص تقصّي الحقائق وليس التحقيق الجنائي، "ليس كافياً"، لأنّ من شأنه أن يتيح للمتورطين في القضية، تنسيق شهاداتهم وإفاداتهم أمام محققي الشرطة. وعلى الرغم من ذلك، فإنّ عملية تقصّي الحقائق التي أمر بها المستشار القضائي، من شأنها أن توفّر أرضية لبدء تحقيق جنائي، قد يطاول في نهاية المطاف نتنياهو، في حال تبيّن أنّ تصريحاته بأنّه لم يخض في موضوع صفقة الغواصات مع محاميه، كانت غير صحيحة.
وقد يقود ذلك بالتالي إلى تقديم لوائح اتهام ضد المتورطين في الملف ككل، لا سيما أنّ صحفاً ألمانية كانت قد أشارت، الأسبوع الماضي، إلى أنّ مندوب شركة أحواض السفن الألمانية "ميكي غنور"، سيحصل من صفقة الغواصات وخدمات صيانتها على أتعاب تصل إلى نحو 30 مليون يورو، علماً أنّ حجم صفقة الغواصات الكلي هو 1.4 مليار يورو.