وقالت بعثة الكويت بالأمم المتحدة، والتي ترأس مجلس الأمن، خلال شهر فبراير/شباط، وفق ما أوردت "رويترز"، إنّ المجلس سيجري تصويتاً، اليوم الجمعة، (الساعة 16:00 بتوقيت غرينتش)، على مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً في الغوطة الشرقية لريف دمشق وعموم سورية، للسماح بتسليم المساعدات للمدنيين والإجلاء الطبي.
واليوم الجمعة، جدد دي ميستورا دعوته لوقف عاجل لإطلاق النار لمنع القصف "المروع" للغوطة الشرقية المحاصرة.
وقال دي ميستورا، في بيان تلته المتحدثة باسم الأمم المتحدة أليساندرا فيلوتشي، خلال إفادة في جنيف، وفق ما أوردت "رويترز"، إنّ "وقف إطلاق النار ينبغي أن يتبعه دخول فوري للمساعدات الإنسانية بلا أي معوقات، وإجلاء للمرضى والمصابين إلى خارج الغوطة".
وتابع البيان، أنّ "على الدول الضامنة لعملية أستانة، وهي روسيا وإيران وتركيا، الاجتماع بسرعة لإعادة تثبيت مناطق عدم التصعيد في سورية".
ولم يتضح كيف ستصوّت روسيا، حليفة النظام السوري، والتي تتمتع بحق النقض (الفيتو)، على مشروع القرار الذي صاغته الكويت والسويد.
ويتطلّب القرار لتمريره تسعة أصوات مؤيدة، وعدم استخدام أي من الدول الخمس دائمة العضوية، وهي روسيا والصين والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، حق النقض.
وتأتي جلسة التصويت اليوم الجمعة، بعدما فشل أعضاء مجلس الأمن بالتصويت، أمس الخميس، على مشروع القرار، بعد جلسة استغرقت أعمالها أكثر من ساعتين، بسبب رفض روسيا القرار.
وأعلن رئيس المجلس السفير الكويتي منصور العتيبي، أمس الخميس، فض الجلسة دون التصويت على مشروع القرار الذي أعدته بلاده باعتبارها العضو العربي الوحيد، ورئيس أعمال المجلس لشهر فبراير/شباط الجاري، بالتنسيق مع السويد.
الائتلاف يدعو لإبعاد روسيا
ودعا "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، مساء اليوم الجمعة، مجلس الأمن الدولي، لمنع روسيا من التصويت في القرارات الخاصة بسورية، باعتبارها طرفاً في ما يحصل من مجازر داخل الغوطة الشرقية بريف دمشق.
وقالت نائبة رئيس الائتلاف الوطني، سلوى أكسوي، إن موسكو طرف أساسي في النزاع بسورية وضد الشعب السوري، لافتة إلى أنه حسب ميثاق الأمم المتحدة لا يحق للدول المعتبرة طرفاً في النزاع التصويت على مشاريع القرارات، مشددة على أن ذلك "لن يبقي مجلس الأمن معطلاً".
وطالبت بوقف الحصار على الغوطة مباشرة، وتجريم المليشيات الإيرانية، وغيرها، التي تحاصرها، مشيرة إلى أن ما يحصل في الغوطة الشرقية الآن هو "حرب إبادة وجرائم ضد الإنسانية تتنافى مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".
وحمّلت "أكسوي" روسيا المسؤولية المباشرة عن ذلك، كما اعتبرت أن هذا السلوك يشكل خدمة مجانية للإرهاب العابر للحدود ومنظماته، وتقدمت بالتحية للشعب السوري قائلة: "نحيي صمود شعبنا البطل في الغوطة، وبسالة مقاتلي الجيش الحر في الدفاع عن أهلهم وأعراضهم".
كما دعت إلى تفعيل المادة 21 من قرار مجلس الأمن 2118 القاضي بمعاقبة مستخدمي السلاح الكيميائي في سورية وفق الفصل السابع، وطالبت الأمم المتحدة بعقد جلسة خاصة للجمعية العامة لحماية المدنيين في الغوطة من القصف المستمر والانتهاكات.
تركيا ترد
دعا وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، اليوم الجمعة، كلاً من روسيا وإيران، بوصفهما ضامنتين لاتفاقات أستانة، إلى وقف عمليات النظام السوري في الغوطة الشرقية.
وقال جاووش أوغلو، إنّ "كلاً من روسيا وإيران ضامنتان للنظام، وهدفنا من عملية أستانة، كان التأسيس القوي لوقف إطلاق النار في سورية، وإنشاء مناطق خفض التصعيد، نحن كنا ضامني المعارضة أما الروس والإيرانيون فكانوا ضامني النظام".
وتابع: "في الفترة الأخيرة تزايدت بشكل كبير خروقات النظام، ولا يمكن قبول الهجمات الجوية على الغوطة الشرقية. على كل من روسيا وإيران إيقاف النظام".
وأضاف: "لقد قتل ألف من البشر في الغوطة، منذ أن بدأت الاشتباكات فيها، هذا يكفي فليتوقف موت البشر، لا بد أن تظهر روسيا حساسية إزاء وقف إطلاق النار، على الدولتين (روسيا وإيران) تحمّل المزيد من المسؤوليات".
وفيما يخص المقترحات الدولية حول إصدار قرار بوقف إطلاق النار في سورية لمدة شهر، قال جاووش أوغلو، إنّ "جميع المقترحات التي تم التقدّم بها لمجلس الأمن، اليوم، تتعلّق فقط بوقف إطلاق النار بين النظام والمعارضة، ولكن مكافحة التنظيمات الإرهابية ستستمر"، في إشارة إلى أنّ عملية "غصن الزيتون"، التي تشنها القوات المسلحة التركية بالتعاون مع فصائل المعارضة ضد مليشيات "حزب الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني)، لا تندرج تحت قرار وقف إطلاق النار.
موقف أوروبي
في غضون ذلك، نقلت "فرانس برس" عن مصدر في قصر الإليزيه قوله إن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، كتبا خطابًا للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يطلبان فيه دعمه لمشروع قرار بمجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في سورية.
وذكرت مصادر دبلوماسية، بشكل منفصل، أن ميركل وماكرون يعتزمان التحدث مع بوتين معًا في المساء في ضوء نتيجة التصويت في مجلس الأمن، مضيفًا أن الأخيرين يجريان محادثات مع روسيا لضمان عدم عرقلة مشروع القرار.
دعا الاتحاد الأوروبي، الجمعة، إلى وقف فوري لإطلاق النار في الغوطة الشرقية في سورية، وإدخال شاحنات المساعدات إليها، مستخدماً بياناً شديد اللهجة، للتعبير عن غضبه من القصف الذي تتعرّض له الغوطة.
وأضاف، في بيان وافقت عليه كل حكومات الدول الأعضاء وعددها 28: "لا يجد الاتحاد الأوروبي كلمات لوصف الرعب الذي يعيشه سكان الغوطة الشرقية"، وفق "رويترز".
وأكد أن "دخول المساعدات الإنسانية دون عوائق وحماية المدنيين واجب أخلاقي وأمر عاجل... يجب أن يتوقف القتال الآن".
روسيا تطلب "ضمانات"
من جانب آخر، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن بلاده مستعدة للتصويت لصالح مسودة قرار مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار، مشترطًا تقديم "ضمانات من أصحاب النفوذ على المسلحين"، على حد قوله، مضيفًا أن واشنطن ترفض تعديل القرار ليشمل ضمانات بأن تحترم المعارضة وقف إطلاق النار في سورية.
وكان المندوب الروسي فاسيلي نبينزيا، قد طالب بـ"معرفة آليات تطبيق القرار"، على الرغم من أنّ قرارات مجلس الأمن لا تحتوي عادة على ضمانات لتنفيذها.
وأوضح المندوب الروسي، خلال جلسة ثانية لمجلس الأمن، أمس الخميس، عقدت بطلب من موسكو، أنّ "وقف إطلاق النار أمر مطلوب ومحبّذ"، قبل أن يستدرك بالقول إنّ "علينا معرفة آليات تطبيقه (..) نودّ أن نحصل على ضمانات حول وقف إطلاق النار المقترح".
وذكر نبينزيا، أنّه "لا يوجد اتفاق على مشروع قرار الهدنة الإنسانية في سورية"، وأنّ "روسيا ستوزّع على أعضاء مجلس الأمن تعديلات على مشروع قرار الهدنة بالغوطة الشرقية".
وهاجم المندوب الروسي الإعلام الدولي، إذ زعم أنّه "ينشر معلومات مغلوطة حول الأوضاع في الغوطة الشرقية"، كما هاجم المعارضة بالادعاء أنّ "المسلحين يحتجزون المدنيين في الغوطة الشرقية كدروع بشرية".
وانتقد نبينزيا، مشروع القرار الكويتي السويدي الذي يهدف إلى التوصّل إلى وقف إطلاق النار، معتبراً أنّ "مشروع القرار والدول الأعضاء، لم تقدّم أي حلول عملية وضمانات لاستمرار وقف إطلاق النار".
في المقابل، عبّرت نائبة المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، السفيرة كيلي كيري، عن استعدادها للتصويت على مشروع القرار الكويتي السويدي، وقالت إنّ "النظام السوري يشنّ هجوماً بربرياً على الغوطة"، واصفة الوضع في الغوطة الشرقية بـ"الجحيم".
ووجهت ممثلة السفيرة الأميركية انتقادات لروسيا، مشيرة إلى أنّ "الدول الأعضاء في مجلس الأمن تفاوضت مع روسيا حول مشروع القرار، لكن يبدو أنّ الطرف الروسي غير معني بالتوصل إلى حل".
من جهته، ذكر المندوب الفرنسي فرنسوا دولاتر، أنّ باريس "تندّد بهذا القصف الممنهج ضد المدنيين في الغوطة"، وأنّ "استمرار أزمة الغوطة قد يكون مقبرة للأمم المتحدة".
ووصف المندوب الفرنسي ما يجري في الغوطة الشرقية، بأنّه "مأساة إنسانية كبيرة"، مضيفاً: "سننظر في التعديلات الروسية على مشروع القرار... لكن يجب أن يتم التصويت عليه بأسرع وقت ممكن. إن وقف الأعمال القتالية ليس بتنازل، بل مطالبة من الأمم المتحدة للاستجابة إلى القانون الدولي وتيسير تقديم المساعدات".
وقبيل جلسة مجلس الأمن أمس الخميس، أكّد منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى سورية بانوس مومتزيس، مقتل ما لا يقل عن 370 شخصاً، وإصابة 1500 في الغوطة الشرقية، داعياً إلى "وقف كل العمليات العسكرية هناك".
وخارج أروقة مقر الأمم المتحدة، وقبيل جلسة مجلس الأمن، في نيويورك، أمس الخميس، وقفت شاحنات بمبادرة من ناشطين، وهي تحمل لوحات تطالب بالتحرّك بشأن سورية، وتنتقد فشل المجتمع الدولي بوضع حد للمجازر، وهي مستوحاة من الفيلم الذي رُشّح لجائزة أفضل فيلم في جوائز الأوسكار "Three Billboards Outside Ebbing, Missouri".