جهود لإحباط مشروع تهجير سكان المنطقة الحدودية العراقية-السورية

06 يونيو 2017
سكان فروا من الفلوجة في مايو 2016(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر في محافظة الأنبار، غربي العراق، عن أن اتصالات جرت خلال اليومين الماضيين بين زعماء قبليين والقوات الأميركية الموجودة في المحافظة بهدف منع تنفيذ مخطط يقضي بإخلاء الأقضية والقرى القريبة من الحدود السورية من ساكنيها. وأكدت المصادر أن الأطراف التي تعمل على هذا المخطط هي مليشيات "الحشد الشعبي" وأجهزة أمنية حكومية، مشيرةً إلى أن كبار قادة "الحشد" يشرفون على هذا المخطط بوجود قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في المنطقة، بحسب المصادر.

وذكر زعيم قبلي من عشيرة الدليم، لـ"العربي الجديد"، أن اجتماعات تعقد منذ نحو ثلاثة أيام بين سياسيين وزعماء من العشائر التابعة للمحافظة، للتحرك من أجل إيقاف مخطط تهجير سكان المناطق القريبة من الحدود السورية. وأكد الزعيم القبلي، الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته، أنه تحدث لقيادات أمنية عراقية وقادة سياسيين لأجل وضع حد لما أسماه بـ"التهور السياسي"، موضحاً أن الغاية من وراء المخطط تتمثل في "أن تكون المنطقة الحدودية والمناطق السكنية القريبة منها داخل محافظة الأنبار تحت سيطرة المليشيات بالكامل". وأضاف أن "الاتصالات مع الجهات الحكومية والسياسية لم تجد نفعاً، وكان النفي القاطع بوجود مخطط يضر بمدينة الأنبار وسكانها هو ما جاء في جواب هذه الجهات"، وفق تأكيد المتحدث نفسه.

ولفت الزعيم القبلي إلى أن "الجانب الأميركي صار على بينة مما يدور في محافظتنا. لقد أوصلنا ما يجري للقوات الأميركية الموجودة في المحافظة، وتبين لنا أن الأميركيين كانوا يتوقعون حدوث مثل هذه التحركات من قبل المليشيات". وتابع "لقد وعدونا خيراً وأن الأهم في الفترة الحالية القضاء على تنظيم داعش، وأنهم يدعمون الحشد العشائري (قوات شعبية من أبناء الأنبار) لمحاربة داعش"، وفق قوله.

وتمكنت مليشيات "الحشد الشعبي" أخيراً، من السيطرة على مساحة كبيرة من الشريط الحدودي مع سورية في شمال غربي البلاد، وهو في جزء منه يتبع لمحافظة الأنبار، بعدما كانت تخضع تلك المناطق الحدودية لسيطرة تنظيم "داعش". ومما أثار ريبة قادة العشائر وسياسيين في محافظة الأنبار، هو أن قوات "الحشد الشعبي" التي تتحرك غربي الأنبار، ترافقها قوات من الحرس الثوري الإيراني، يضاف إلى ذلك وصول قاسم سليماني إلى المنطقة، بحسب ما أعلنت وسائل إعلام إيرانية، وهو ما تناقله أهالي الأنبار.

واعتبر الزعيم القبلي أن "وجود قاسم سليماني ومجموعات من الحرس الثوري يرافقون مليشيات الحشد الشعبي، مقلق جداً". وأضاف أن أهالي الأنبار "جربوا ذلك في معركة تحرير الفلوجة (يونيو/حزيران 2016)، ولقد انتقمت المليشيات من الرجال وكل التحركات كانت بأوامر سليماني"، على حد تأكيده.


ويقول قادة في "الحشد العشائري" التابع لمحافظة الأنبار إن باستطاعتهم القضاء على تنظيم "داعش" الموجود في عدد من المناطق والقرى قريباً من الحدود مع سورية، لكنّ "هناك دفعاً باتجاه عدم إعطائنا الفرصة لذلك"، بحسب تأكيد القيادي الميداني في "الحشد العشائري"، أحمد الزوبعي. وذكر في حديث مع "العربي الجديد" أن "الحكومة العراقية تتمهّل في مسألة دعم قواتنا بالشكل الكامل. وهذا كل ما نطلبه. نحن قادرون على طرد داعش من كافة أراضي محافظتنا"، وفق تعبيره.

هذه المخاوف زادت حدتها بعد تصريحات أدلى بها رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، النائب حاكم الزاملي، حين تحدث عن أن السيارة الملغمة التي انفجرت الثلاثاء الماضي، في حي الكرادة وسط بغداد، وتسببت بسقوط عشرات الضحايا، كانت آتية من مدينة القائم، التابعة لمحافظة الأنبار بالقرب من الحدود مع سورية.

وعلى الرغم من أن تصريح الزاملي واجه انتقادات شعبية واسعة، لوجود نحو 30 نقطة عسكرية تمارس تفتيشاً دقيقاً للسيارات، بينها عدد من المفارز المختصة بالتفتيش عبر أجهزة كشف المتفجرات المتطورة "السونار"، إلا أنه وبعد يوم من تصريحات الزاملي نُشر فيديو يبيّن إلقاء القبض على رجل من أهالي القائم، في نقطة تفتيش عسكرية من قبل قوة أمنية، بتهمة أنه "إرهابي"، قبل أن يتم تفجير سيارته من قبل القوة الأمنية بذريعة أنها ملغمة.

وفي هذا الصدد، وصف "مركز بغداد لحقوق الإنسان"، في تقرير له صدر السبت الماضي، الاعتقال بأنه جرى "بطريقة أثارت تساؤلات عديدة عن علاقة الاعتقال وتوقيته بتصريحات أدلى بها رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، النائب حاكم الزاملي، قبل الاعتقال بـ24 ساعة". وتبين بحسب المركز الحقوقي، أن الكاميرا التي صورت المشهد كانت بيد أحد العناصر الأمنيين، وأنها كانت موجهة صوب سيارة صاحبها ويدعى (سعد حسين السلماني) مباشرةً، وأن أفراداً أمنيين أنزلوه من سيارته وهم يصرخون بأنها مفخّخة، وهو ينفي أن تكون سيارته مفخّخة مستغرباً ما جرى.

وأكد سكان من أهالي الأنبار أن ما يدور، منذ أيام، يثير مخاوفهم من عودة تسلط الأجهزة الأمنية عليهم، كما كان الحال قبل سيطرة "داعش" الذي تمكن صيف 2014 من فرض وجوده الكامل بالمحافظة، قبل أن يجري تحريرها مطلع 2016، وفق قولهم.