لا يفوت رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عبيد بن دغر مناسبة إلا ويؤكد المضي نحو الدولة الاتحادية التي أقرها مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد في العامين 2013 و2014، والذي ترجمت مخرجاته إلى مسودة دستور، حال انقلاب الحوثيين من إجراء استفتاء شعبي عليه. وقال بن دغر، الذي اختتم زيارة إلى حضرموت امتدت أسبوعاً أخيراً، إن الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي سيدعو الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ الحوار الوطني إلى إقرار مشروع الدستور قبل الاستفتاء عليه، مشيراً إلى أن الحكومة تسعى لتنفيذ ما تبقى من المبادرة الخليجية، معترفاً بتأخر حكومته في إقرار الدستور والذهاب إلى الدولة الاتحادية.
ولم يتوقف نشاط رئيس الحكومة عند هذا الحد، إذ عقد الأسبوع الماضي اجتماعاً في مدينة المكلا مع اللجنة التنسيقية لإقليم حضرموت، الذي يضم إلى جانب محافظة حضرموت، محافظات المهرة، وشبوة، وسقطرى. وشدد، بحسب ما نقلته عنه وكالة الأنباء الرسمية، على ضرورة التنسيق الأمني وتبادل المعلومات بين محافظات الإقليم الأربع. ورغم أن الاجتماع ركز على القضايا الأمنية وضبط كل أنواع عمليات التهريب ومكافحة الإرهاب، إلا أنه لا يخلو من رسالة فحواها التوجه وبسرعة نحو بناء المؤسسات الاتحادية في ظل مطالب شعبية تتسق مع هذا التوجه. وفي ذات الإطار، أقيم في منطقة ميدي بمحافظة حجة شمال البلاد، السبت الماضي، حفل إشهار اللجنة التنسيقية لإقليم تهامة، للإعداد والتهيئة لقيام الإقليم. وأعلن في الحفل تشكيل قيادة للجنة التنسيقية برئاسة محافظ الحديدة عبدالله أبو الغيث، وعضوية محافظ حجة اللواء الركن عبدالكريم السنيني، ومحافظ ريمة محمد الحوري، ووزير الكهرباء والطاقة السابق صالح سميع نائباً لرئيس المجلس الأعلى للإسناد ممثلاً عن محافظة المحويت.
وفي هذا الإطار، يقول الناشط السياسي، محسن نصير إن إعلان بن دغر التوجه لإعلان الأقاليم كلام في السياسة فقط، لن يكون له أساس في الواقع، متسائلا "كيف لي أن أقتنع بأنه سيتم إقرار وتنفيذ الأقاليم على الواقع ولا يمكن لممثلي الهيئة التي ستناقش الدستور وتطرحه للاستفتاء أن يلتقوا أصلاً، خاصة وأنهم متفرقون بين طرفي القتال؟". واستبعد نصير، في حديث لـ"العربي الجديد"، إعلان الأقاليم خصوصاً وأن هذا الأمر هو أساس الحرب والدمار في البلاد ومقتل الآلاف من الطرفين حين تم الاعتراض من قبل عدد من الأطراف على عدد الأقاليم ومن أية محافظات تتكون. وأشار إلى أن هذه الخطوة تحتاج إلى استفتاء شعبي، مثيراً تساؤلاً آخر يتمحور حول اعتماد نتيجة الاستفتاء من طرف واحد من أطراف الحرب وامتناع الطرف الآخر، الذي قد يشكل أكبر عدد ممن يحق لهم الاستفتاء. ونوه إلى أن الوضع الأمني الذي تعيشه البلاد يؤدي إلى تعذر مشاركة الشعب في الاستفتاء. وتطرق نصير إلى صعوبة مشاركة الجنوبيين في الاستفتاء، خصوصاً أنهم قاطعوا الحوار الوطني ولجنة إعداد الدستور والهيئة التي ستقره وتطرحه على الاستفتاء.
وأشار الشبيري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن إقليم سبأ استطاع إلى حد ما أن يؤدي بعض صلاحياته، وتحديداً محافظة مأرب التي تعتبر المحافظة الوحيدة، إلى الآن، التي وفرت رواتب الموظفين، في حين تعجز العاصمة المؤقتة عدن عن ذلك، مؤكداً أن إقليم حضرموت يعتبر من أكثر الأقاليم جاهزية لبدء العمل. ويعتقد أنه في حال نجحت الحكومة في نقل صلاحيات البنك المركزي إلى عدن، واستطاعت الحصول على إيرادات معقولة وقروض وهبات، ودفعت الرواتب ومخصصات الإدارات التنفيذية، فإنها قد تنتزع الصلاحيات من صنعاء، وهذه في حد ذاتها خطوة جيدة نحو تفعيل مؤسسات الأقاليم. ولفت إلى أن الحكومة ستواجه عراقيل عديدة على الأرض، سواء ما يتعلق بالأمن أو الاقتصاد، فقبضة الجيش الوطني الموالي لها في المناطق المحررة ما تزال هشّة والاختراقات شبه يومية، إضافة إلى العامل الاقتصادي الذي يعد عائقاً كبيراً أمام الحكومة نتيجة استنزاف الموارد وتسخيرها من قبل قوى الانقلاب لما يسمى بـ"المجهود الحربي"، وفق تصريحات المسؤولين. وبخصوص الدعوة للاستفتاء على الدستور، قال الشبيري إنه مبالغ فيها، وتهدف الحكومة من وراء ذلك إلى تهشيم صورة الانقلاب وإظهاره في موقف الضعيف وسحب البساط من تحته، ولو عن طريق الحرب الإعلامية.