واعتصم كوادر "التجمع الوطني الديمقراطي" (الحزب الثاني للسلطة في الجزائر) قبالة المقر العام للحزب، للمطالبة بتنحي الأمين العام أحمد أويحيى من قيادة الحزب، وعقد مؤتمر استثنائي لتصحيح مسار الحزب السياسي. وقاد التجمع العضو القيادي والمتحدث السابق باسم الحزب صديق شهاب، والوزير المنتدب السابق للشباب، وشارك عدد من كوادر الحزب في العاصمة وعدد من الولايات، حيث رفع المعتصمون شعارات "أويحيى ارحل"، و"الجزائر ليست سورية"، في إشارة إلى تصريح شهير أدلى به أويحيى في 26 فبراير الماضي، وخلّف حينها غضباً شعبياً كبيراً.
ووصف صديق شهاب، الذي كان يعدّ إلى وقت قريب رجل سر أويحيى وذراعه اليمنى، رئيس الحكومة السابق بـ"العميل والشخص المنبوذ"، مشدداً على أن كوادر الحزب لن يسمحوا ببقاء أويحيى في منصبه.
وقال شهاب: "لا يمكن أن نسمح لأويحيى بالاستمرار على رأس الحزب، إنه يستغل التجمع لأهداف سياسية تخدم أجندة أجنبية"، مضيفاً أن الأخير "أثبت ولاءه لجهات أجنبية، فهو عميل ظل يخدم جهات عملت على النهب والسرقة خلال السنوات الماضية".
لكن قيادة الحزب التي يقودها أويحيى ردت سريعاً على المعتصمين، واصفةً إياهم بـ"الأشخاص المأجورين الغرباء عن الحزب"، ومؤكدة قرار إقصاء المتحدث السابق للحزب صديق شهاب من صفوفه، على خلفية تصريحات مثيرة للأخير أقرّ فيها بأن قرار ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة كان "قراراً خاطئاً وفقدان بصيرة".
من جهته، يعيش حزب "جبهة التحرير الوطني"، الذي كان بوتفليقة رئيساً له، محاولة انقلاب داخلية على المنسق العام للحزب، رئيس البرلمان معاذ بوشارب، إذ عاد الأمين العام السابق جمال ولد عباس إلى الواجهة، بعد تنحيته من منصبه في نوفمبر الماضي في ظروف غامضة.
وأعلن ولد عباس أنه لا يزال يعتبر نفسه الأمين العام للحزب، وقدم رسمياً طلباً الى محافظ العاصمة الجزائرية للسماح له بعقد اجتماع للجنة المركزية للحزب، يتم خلالها إنهاء أزمة الشرعية وانتخاب أمين عام جديد للحزب. وحصل ولد عباس على رخصة لعقد الاجتماع الذي سيتم يوم الثلاثاء المقبل، بعد ترخيص محافظ الجزائر.
واللافت أن ولد عباس انسحب من قيادة الحزب وسلّمها إلى بوشارب بقرار من محيط الرئيس بوتفليقة في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لكنه انتظر إلى غاية استقالة بوتفليقة من منصبه وتطورات الحراك الشعبي الذي يضع المنسق العام للحزب بوشارب ضمن قائمة الشخصيات السياسية المطلوبة للرحيل من المشهد السياسي، للعودة بطريقة وصفها مراقبون بأنها تؤكد حالة الفوضى التي يعرفها الحزب الحائز الأغلبية في البرلمان.
وكان 100 من أعضاء اللجنة المركزية للحزب قد أعلنوا في وقت سابق تمردهم على بوشارب، وعدم الاعتراف به مسؤولاً للحزب، وأطلقوا مساعي لعقد مؤتمر استثنائي كان مقرراً أن يتم في 28 من الشهر الحالي، لكن مساعيهم تعطلت بسبب التعقيدات السياسية والتنظيمية.
ويعتقد مراقبون لتطورات الوضع السياسي في الجزائر أن محاولات تغيير قيادات الصف الأول في الحزبين، لا تعدو كونها محاولة لإعادة التموقع في المشهد السياسي، والإفلات من الغضب والحراك الشعبي الذي يستهدفهما منذ بدايته، وخاصة بسبب تورط الجبهة والتجمع في دعم السياسات الحكومية وخيارات بوتفليقة التي أوصلت البلاد إلى الوضع الراهن، ودورهما في الفساد السياسي والمالي.
وقال الناشط السياسي محمد حديبي لـ"العربي الجديد"، إن "ما يحدث في جبهة التحرير والتجمع، جزء من محاولة الحزبين التموقع سياسياً مجدداً بعد رحيل الراعي السياسي الأول لهما، ومحاولة للتخلص من عبء سياسي تمثله بعض الوجوه القيادية المغضوب عليها شعبياً كأويحيى وبوشارب"، مضيفاً أنه "حتى مع خطوات كهذه، فليس ممكناً أن يحصل الحزبان على موقع سياسي في المرحلة المقبلة، بالنظر إلى الغضب والمطالب الشعبية برحيل الحزبين من المشهد بسبب مسؤوليتهم في المآلات التي انتهت إليها البلاد".