لا يبدو أن الخلافات التركية الأميركية حول استمرار تعاون واشنطن مع مليشيات حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني) في طريقها للحل، على الرغم من الاقتراح الأميركي حول إقامة الحزام الأمني، وذلك في ظل التضارب الواضح في التصريحات والمعلومات المنقولة عن المسؤولين الأتراك والأميركيين، بينما تستمر المحادثات بينهما، وكذلك بين أنقرة وموسكو.
وبدا أن المحادثات التي أجراها الوفد الأميركي، الذي زار أنقرة خلال اليومين الماضيين، مع مسؤولي الخارجية التركية وقيادة الأركان، قد فشلت، ولم يتم التوصل إلى اتفاق قابل للتطبيق وقادر على إعادة بناء الثقة بين الطرفين، الأمر الذي بدا واضحاً، يوم أمس الأول، من خلال اللغط الذي حصل بعد المكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الأميركي دونالد ترامب، وتضارب المعلومات المنقولة عن المسؤولين الأتراك ونظرائهم الأميركيين.
وعلى الرغم من أن بيان الرئاسة التركية عن المكالمة تجنّب الدخول في أي تصعيد دبلوماسي، مجدداً المطالب التركية بوقف الدعم الأميركي لـ"الاتحاد الديمقراطي"، ومشدداً على قرار أنقرة باستمرار التشاور والتعاون مع واشنطن، إلا أن بيان البيت الأبيض بدا شديد اللهجة، عبر التأكيد على ضرورة تجنب أي مواجهة بين القوات الأميركية العاملة في سورية والقوات التركية، والدعوة للتهدئة في عفرين، وصولاً إلى الحديث عن حالة الطوارئ في تركيا.
ولم تمر دقائق على بيان البيت الأبيض، حتى نقلت وكالة "الأناضول" التركية، تصريحات عن مصادر لم تسمها، اعترضت خلاله على الكثير مما ورد في البيان الأميركي، عبر التأكيد أنه "لا يعكس بصدق" مضمون محادثات الرئيسين بشأن العملية التركية في عفرين، بينما شن سلاح الجو التركي غارات على عدد من الآليات التابعة لـ"الاتحاد الديمقراطي"، بعضها في منطقة منبج.
وجاء التعليق الأبرز حول مكالمة ترامب مع أردوغان من وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، الذي قال أمس: "أعتقد أن بيان (البيت الأبيض) جرى إعداده من قِبل الجانب الأميركي قبل حدوث المكالمة، لذا لم يعكس الحقائق بشكل تام". وكشف الوزير التركي أن أردوغان أبلغ نظيره الأميركي بأن هناك حاجة لسحب القوات الأميركية من منبج السورية.
في السياق، بدا أن التصريحات التي نُقلت عن وزير الخارجية التركي، سابقاً حول الحزام الآمن، قد افتقرت للدقة، فبعدما أكدت وسائل إعلام تركية، أن العرض الأميركي تضمن إقامة حزام أمني بعمق 30 كيلومتراً على طول الحدود السورية-التركية، عادت وكالة "الأناضول" لتنقل عن مصادر دبلوماسية، أن العرض يشمل عفرين فقط. في المقابل، نقلت قناة "الجزيرة" عن متحدث باسم الخارجية الأميركية، لم تسمه، نفيه تقديم وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون عرض الحزام الأمني، مع عدم توفر الكثير من التفاصيل عن الحزام.
من جهته، شدد نائب رئيس الوزراء التركي، المتحدث باسم الحكومة، بكير بوزداغ، في مقابلة تلفزيونية، على إصرار بلاده على إتمام عملية "غصن الزيتون" في عفرين، واعتبارها أمراً منفصلاً عن أي محادثات مع الولايات المتحدة حول العرض الأميركي عن الحزام الأمني، قائلاً إن "تشكيل حزام أمني بدلاً من عملية عفرين أمر غير وارد"، مضيفاً: "وقف عملية غصن الزيتون، أمر غير قابل للنقاش، وإذا كانت واشنطن لا ترغب في مواجهة أنقرة، علماً أنها لا تريد ونحن لا نرغب بذلك، فإنّ الطريق معروف وهو وقف دعم الإرهابيين". وتابع بوزداغ: "إذا كانت الولايات المتحدة تريد التضامن معنا، فالأمر بسيط، عليها وقف دعم الاتحاد الديمقراطي بالسلاح، وجمع الأسلحة المقدّمة له، وإبلاغ إرهابييه بعدم مهاجمة تركيا والتخلي عن ذلك وانسحابهم إلى شرق نهر الفرات".
وتجنّب بوزداغ الرد المباشر على سؤال حول الخيارات التركية في حال انسحب "الاتحاد الديمقراطي" من عفرين وسلّمها للنظام السوري، وأكد أن العملية موجّهة ضد "الاتحاد الديمقراطي" وستستمر حتى تطهير المنطقة منها، وأن تركيا تحترم وحدة وسيادة الأراضي السورية.
اقــرأ أيضاً
وتؤكد كل المؤشرات استمرار الخلافات الأميركية-التركية وانعدام الثقة بين الطرفين، الأمر الذي أشار إليه جاووش أوغلو، وفق ما نقلت عنه صحيفة "حرييت"، إذ طالب الوزير التركي، الولايات المتحدة بالعمل على إجراء لبناء الثقة بين الطرفين قبل الخوض في الاقتراح الذي تقدّم به تيلرسون. ونقلت "حرييت" عن جاووش أوغلو، قوله: "في هذه المرحلة شهدنا فقدان الثقة مع الولايات المتحدة، لا يمكن الحديث في هذه المواضيع (المنطقة الآمنة) من دون إعادة تأسيس الثقة"، مضيفاً: "يجب تأسيس الثقة من خلال خطوات ملموسة، لا نعرف ما هو القصد (من اقتراح الخط الآمن)، ولكن قبل ذلك لا بد من إزالة أجواء انعدام الثقة".
وعلمت "العربي الجديد" من مصدر تركي مطلع أن المحادثات مستمرة بين الطرفين الأميركي والتركي من جهة، وبين الأتراك والروس من جهة أخرى، حول تحديد مصير قوات "الاتحاد الديمقراطي" سواء في عفرين أو قرب الحدود التركية. وقال المصدر: "المحادثات مستمرة، لكن ما هو أكيد أننا لن نقبل تواجد العمال الكردستاني في عفرين أو قرب حدودنا بأي شكل كان، وإن كنا لا نود أي صدام مع واشنطن، ولكننا مصرون على اجتثاث الكردستاني مهما كان الثمن، وهذا الأمر خط أحمر بالنسبة لنا"، مضيفاً: "طلباتنا واضحة، وقف دعم مليشيات الاتحاد الديمقراطي وسحب الأسلحة الثقيلة التي تم تسليمها، وإبعادها عن حدودنا، وتوقف الولايات المتحدة عن محاولة شرعنة الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني وإقحامهما في مفاوضات الحل السوري". بينما رفض المصدر الخوض في تفاصيل العرض الأميركي حول الحزام الأمني.
ويشير مراقبون إلى أن الأتراك كانوا قلقين من تواجد "العمال الكردستاني" وجناحه السوري شرق الفرات، إلا أن القلق التركي مضاعف من تواجد الأخير في عفرين، وذلك لقربها من الغرب التركي، مع احتمالات تحويل عفرين إلى مركز لانطلاق هجمات إرهابية على مدن الغرب التركي، التي تُعتبر المركز الصناعي والسياحي وعصب الاقتصاد التركي، أو محاولة التقدّم نحو البحر.
كذلك بدا واضحاً انفتاح الخارجية الأميركية ورغبتها في حل الخلافات مع أنقرة حول "الاتحاد الديمقراطي"، بينما تبدو وزارة الدفاع هي المتمسكة بـ"الاتحاد الديمقراطي" وبالذات القيادة العسكرية المركزية الأميركية.
من جهته، وجّه رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، في كلمة له أمس، انتقادات شديدة لاستمرار التعاون بين واشنطن والمليشيات الكردية، قائلاً: "للأسف إن من نطلق عليه اسم حليف، أي الدولة التي عملنا معها لسنوات في المنطقة في إطار حلف شمال الأطلسي، محاطة الآن بالتنظيمات الإرهابية، إنه وضع خطير ومؤلم، وهو عمل مهين جداً لدولة مثل الولايات المتحدة أن تتعاون مع تنظيمات إرهابية وأن تقوم بتنفيذ خططها في المنطقة من خلال التعاون مع هذه التنظيمات، بينما من المفترض من دولة عملنا معها في حلف شمال الأطلسي لسنوات أن تقوم بحماية حدود الحلف، بدل ذلك تقوم بتقديم الدعم المبطن لتنظيمات إرهابية تستهدف حدود الحلف"، في إشارة إلى استمرار إصرار واشنطن على التعاون مع "الاتحاد الديمقراطي". وشدد يلدريم على أن بلاده لن تسمح بإنشاء أي كيان إرهابي على طول حدودها الجنوبية "بدءاً من إيران وحتى المتوسط، نقول ذلك بهذا الوضوح، سواء شرق الفرات أو غربه".
اقــرأ أيضاً
وبدا أن المحادثات التي أجراها الوفد الأميركي، الذي زار أنقرة خلال اليومين الماضيين، مع مسؤولي الخارجية التركية وقيادة الأركان، قد فشلت، ولم يتم التوصل إلى اتفاق قابل للتطبيق وقادر على إعادة بناء الثقة بين الطرفين، الأمر الذي بدا واضحاً، يوم أمس الأول، من خلال اللغط الذي حصل بعد المكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الأميركي دونالد ترامب، وتضارب المعلومات المنقولة عن المسؤولين الأتراك ونظرائهم الأميركيين.
ولم تمر دقائق على بيان البيت الأبيض، حتى نقلت وكالة "الأناضول" التركية، تصريحات عن مصادر لم تسمها، اعترضت خلاله على الكثير مما ورد في البيان الأميركي، عبر التأكيد أنه "لا يعكس بصدق" مضمون محادثات الرئيسين بشأن العملية التركية في عفرين، بينما شن سلاح الجو التركي غارات على عدد من الآليات التابعة لـ"الاتحاد الديمقراطي"، بعضها في منطقة منبج.
وجاء التعليق الأبرز حول مكالمة ترامب مع أردوغان من وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، الذي قال أمس: "أعتقد أن بيان (البيت الأبيض) جرى إعداده من قِبل الجانب الأميركي قبل حدوث المكالمة، لذا لم يعكس الحقائق بشكل تام". وكشف الوزير التركي أن أردوغان أبلغ نظيره الأميركي بأن هناك حاجة لسحب القوات الأميركية من منبج السورية.
في السياق، بدا أن التصريحات التي نُقلت عن وزير الخارجية التركي، سابقاً حول الحزام الآمن، قد افتقرت للدقة، فبعدما أكدت وسائل إعلام تركية، أن العرض الأميركي تضمن إقامة حزام أمني بعمق 30 كيلومتراً على طول الحدود السورية-التركية، عادت وكالة "الأناضول" لتنقل عن مصادر دبلوماسية، أن العرض يشمل عفرين فقط. في المقابل، نقلت قناة "الجزيرة" عن متحدث باسم الخارجية الأميركية، لم تسمه، نفيه تقديم وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون عرض الحزام الأمني، مع عدم توفر الكثير من التفاصيل عن الحزام.
من جهته، شدد نائب رئيس الوزراء التركي، المتحدث باسم الحكومة، بكير بوزداغ، في مقابلة تلفزيونية، على إصرار بلاده على إتمام عملية "غصن الزيتون" في عفرين، واعتبارها أمراً منفصلاً عن أي محادثات مع الولايات المتحدة حول العرض الأميركي عن الحزام الأمني، قائلاً إن "تشكيل حزام أمني بدلاً من عملية عفرين أمر غير وارد"، مضيفاً: "وقف عملية غصن الزيتون، أمر غير قابل للنقاش، وإذا كانت واشنطن لا ترغب في مواجهة أنقرة، علماً أنها لا تريد ونحن لا نرغب بذلك، فإنّ الطريق معروف وهو وقف دعم الإرهابيين". وتابع بوزداغ: "إذا كانت الولايات المتحدة تريد التضامن معنا، فالأمر بسيط، عليها وقف دعم الاتحاد الديمقراطي بالسلاح، وجمع الأسلحة المقدّمة له، وإبلاغ إرهابييه بعدم مهاجمة تركيا والتخلي عن ذلك وانسحابهم إلى شرق نهر الفرات".
وتجنّب بوزداغ الرد المباشر على سؤال حول الخيارات التركية في حال انسحب "الاتحاد الديمقراطي" من عفرين وسلّمها للنظام السوري، وأكد أن العملية موجّهة ضد "الاتحاد الديمقراطي" وستستمر حتى تطهير المنطقة منها، وأن تركيا تحترم وحدة وسيادة الأراضي السورية.
وتؤكد كل المؤشرات استمرار الخلافات الأميركية-التركية وانعدام الثقة بين الطرفين، الأمر الذي أشار إليه جاووش أوغلو، وفق ما نقلت عنه صحيفة "حرييت"، إذ طالب الوزير التركي، الولايات المتحدة بالعمل على إجراء لبناء الثقة بين الطرفين قبل الخوض في الاقتراح الذي تقدّم به تيلرسون. ونقلت "حرييت" عن جاووش أوغلو، قوله: "في هذه المرحلة شهدنا فقدان الثقة مع الولايات المتحدة، لا يمكن الحديث في هذه المواضيع (المنطقة الآمنة) من دون إعادة تأسيس الثقة"، مضيفاً: "يجب تأسيس الثقة من خلال خطوات ملموسة، لا نعرف ما هو القصد (من اقتراح الخط الآمن)، ولكن قبل ذلك لا بد من إزالة أجواء انعدام الثقة".
وعلمت "العربي الجديد" من مصدر تركي مطلع أن المحادثات مستمرة بين الطرفين الأميركي والتركي من جهة، وبين الأتراك والروس من جهة أخرى، حول تحديد مصير قوات "الاتحاد الديمقراطي" سواء في عفرين أو قرب الحدود التركية. وقال المصدر: "المحادثات مستمرة، لكن ما هو أكيد أننا لن نقبل تواجد العمال الكردستاني في عفرين أو قرب حدودنا بأي شكل كان، وإن كنا لا نود أي صدام مع واشنطن، ولكننا مصرون على اجتثاث الكردستاني مهما كان الثمن، وهذا الأمر خط أحمر بالنسبة لنا"، مضيفاً: "طلباتنا واضحة، وقف دعم مليشيات الاتحاد الديمقراطي وسحب الأسلحة الثقيلة التي تم تسليمها، وإبعادها عن حدودنا، وتوقف الولايات المتحدة عن محاولة شرعنة الاتحاد الديمقراطي والعمال الكردستاني وإقحامهما في مفاوضات الحل السوري". بينما رفض المصدر الخوض في تفاصيل العرض الأميركي حول الحزام الأمني.
ويشير مراقبون إلى أن الأتراك كانوا قلقين من تواجد "العمال الكردستاني" وجناحه السوري شرق الفرات، إلا أن القلق التركي مضاعف من تواجد الأخير في عفرين، وذلك لقربها من الغرب التركي، مع احتمالات تحويل عفرين إلى مركز لانطلاق هجمات إرهابية على مدن الغرب التركي، التي تُعتبر المركز الصناعي والسياحي وعصب الاقتصاد التركي، أو محاولة التقدّم نحو البحر.
كذلك بدا واضحاً انفتاح الخارجية الأميركية ورغبتها في حل الخلافات مع أنقرة حول "الاتحاد الديمقراطي"، بينما تبدو وزارة الدفاع هي المتمسكة بـ"الاتحاد الديمقراطي" وبالذات القيادة العسكرية المركزية الأميركية.