تمثل الهدنة اليمنية آخر فرصة قريبة لحلحلة الأزمة اليمنية، كونها تمهّد للمفاوضات المرتقب انطلاقها في 18 أبريل/ نيسان الجاري، في دولة الكويت، برعاية الأمم المتحدة، والتي توافقت عليها الأطراف اليمنية، بعد أن أدت قيادة دول التحالف العربي الداعم لشرعية الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، دوراً إيجابياً من أجل التوصل إلى حل سياسي ينهي الحرب الدائرة منذ عام في اليمن.
وتعتمد الهدنة الحالية، وفقاً لمحللين، على مدى جديّة اللاعبين الدوليين والإقليميين وقدرتهم على فرض وقف إطلاق النار، وإنجاح الهدنة، التي وضعت الأزمة اليمنية بين خيارين، إما استمرار المواجهات والدخول في فصول جديدة من الحرب، وإما أن تدفع الأطراف نحو المفاوضات المقررة في 18 من الشهر الحالي، والدخول في تسوية سياسية قد تأخذ وقت طويلاً.
في السياق، أعرب وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، قبل اليوم الأول من وقف إطلاق النار، عن استيائه من قرارات الرئيس هادي الأخيرة، إذ صرح كيري بأن "الرئيس هادي بقرارته الأخيرة عقّد الجهود التي كانت تبذل للمضي قدمًا وإحراز تقدم ملموس في إحلال السلام باليمن". وأضاف كيري: "نأمل أن تتخذ قرارات بُغية تسهيل جهودنا في المضي إلى الأمام صوب المفاوضات، ونعمل جميعًا من أجل الوصول إلى 18 أبريل.
بغض النظر عن نوع السلاح المستخدم، نحن نفضّل إيقاف إطلاق النار، والوصول إلى وقف نهائي لإطلاق النار، بالإضافة إلى التوصل إلى تفاهمات حول هيكل وشكل الحكومة القادمة".
وتعليقاً على ذلك، أوضح المحلل السياسي أسامة الدبعي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن كل هذه الخطوات والأحداث التي ظهرت قبل يومين من موعد إيقاف إطلاق النار، تأتي من أجل إرباك جبهة التحالف العربي على الصعيد السياسي والعسكري، مبيّناً أن اللاعبين الدوليين يبدو أنهم غير جادين في صمود الهدنة.
وأضاف أن موقف كيري الأخير الذي جاء قبل يومين من موعد الهدنة، يظهر أن دولا غربية لا تدعم تنفيذ القرار رقم 2216، الذي ينص على تسليم الحوثيين وحلفائهم السلاح للشرعية اليمنية، قبل صياغة شكل الدولة بالطرق التي تحقق مصالح تلك الدول.
ولفت إلى أن الهدنة في ظل هذه التعقيدات لا يمكن أن تصمد، وفي هذه الحالة، سيكون خيار الحسم العسكري هو النتيجة النهائية إن لم تتم مفاوضات الكويت سواء صمدت الهدنة أو شهدت خروقات عسكرية من أي طرف، وفقاً للمحلل السياسي الدبعي.
وبحسب خبراء سياسيين وعسكريين، فإن الشرعية اليمنية والتحالف العربي، عملا على تحسين الشروط التفاوضية والميدانية، منذ بدء "عاصفة الحزم" قبل حوالي سنة، في 26 مارس/ آذار من العام المنصرم، ويبدو أنهما على استعداد للخيارين السياسي (التفاوضي)، أو الميداني (العسكري).
مقابل ذلك، يقول الخبراء أنفسهم إن تحالف الانقلاب بات يهمه أن يضع ثقله وراء الهدنة والمفاوضات، وبات غير قادر على مواصلة معارك ميدانية يدرك أنها أكثر قسوة، ولا سيما أن قوات الشرعية والتحالف العربي على مشارف العاصمة صنعاء، إضافة إلى أنه بحاجة لإعادة ترتيب صفوفه العسكرية في حال فشلت المفاوضات المرتقبة.
وصمود الهدنة خلال الأيام المقبلة من خلال جديّة الأطراف المعنيين سيجعل منها منطلقا لوقف دائم لإطلاق النار، والذهاب إلى عملية تفاوض جدية وشاقة، سيقدم جميع الأطراف من خلالها تنازلات مؤلمة، طبقاً للمراقبين.