عادت الحياة تدريجياً، أمس الأربعاء، إلى العاصمة الخرطوم وباقي الولايات في السودان بعد ساعات من تعليق قوى "إعلان الحرية والتغيير" مساء الثلاثاء للعصيان المدني الذي استمر ثلاثة أيام متتالية، ورأت المعارضة أنه حقّق نجاحاً واسعاً. وترافق انتهاء الشلل في العاصمة والذي انعكس في فتح بعض المتاجر أبوابها في الخرطوم، فيما بقي سوق الذهب الرئيسي في العاصمة مغلقاً، مع عودة الحديث عن إمكانية استئناف المفاوضات بين المجلس العسكري والمعارضة، لا سيما مع زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون أفريقيا تيبور ناجي إلى الخرطوم، والتي سينتقل منها إلى أديس أبابا. كما أن محمود درير، وهو المبعوث الخاص لرئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد إلى السودان، أعلن ليل الثلاثاء أن طرفي الأزمة في السودان اتفقا على مواصلة النقاش من حيث انتهت إليه الجولة الأخيرة مع عدم الرجوع عن التفاهمات السابقة.
وقال القيادي في قوى إعلان الحرية والتغيير، كمال بولاد، لـ"العربي الجديد"، إن القوى وصلت إلى تقييم حقيقي للعصيان المدني الشامل، الذي نفذ خلال 3 أيام، وخلصت إلى نجاحه وإيصاله أولى الرسائل التي أرادتها. وأوضح أن "العصيان أوصل رسالته أولاً للمجلس العسكري بأن قوى إعلان الحرية والعدالة تشكل طيفاً سياسياً واسعاً من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ومثلما مثلت معارضة قوية للنظام السابق تمثل في الوقت ذاته ركيزة أساسية للمستقبل لبناء تجربة ديمقراطية تستفيد من أخطاء الماضي". وأضاف "أما الرسالة الثانية من العصيان فهي للعالم بأن المجلس العسكري يرفض السلطة المدنية، وبالتالي تحول لانقلاب تقليدي للاستحواذ على السلطة". وأكد أنهم في المعارضة "يمتلكون وسائل عدة للوصول إلى الدولة المدنية، ضمنها العصيان ووسائل وخيارات أخرى". وبين "أنهم حالياً يعكفون على تصميم برنامج شامل لسد الفراغ ما بعد العصيان، وذلك لمزيد من الضغط على المجلس العسكري".
ولفت بولاد إلى أن "اهتمام المجتمع الدولي بموضوع الأزمة السودانية هو من نتائج العصيان المدني"، معتبراً أن "زيارة المسؤول الأميركي تأتي في سياق نجاح العصيان، حيث تصاعد اهتمام الإدارة الأميركية، بثقلها المعروف، بما يجري في البلاد". وتوقع أن يحمل ناجي معه رسالة واضحة للمجلس العسكري، مؤكداً أن موقف قوى "الحرية والتغيير" سيظل كما هو في قضايا لا يمكن التفريط بها، وستتم إثارتها مع المبعوث الأميركي مثل قضية فض اعتصام الخرطوم بطريقة وحشية ودموية. كذلك أكّد "عدم المساومة ببند السلطة المدنية وإنهاء عهد 53 سنة حكم فيها العسكر"، متوقعاً نجاح المبعوث الأميركي في مساعيه لإحداث اختراق حقيقي وتقديم وصفة محددة للمجلس العسكري، موضحاً بحسب وجهة نظره أن "هذا سيكون متناغماً مع الحرص السعودي والإماراتي لدعم المجلس العسكري". وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد ذكرت، في بيان، أن ناجي "سيدعو إلى وقف الاعتداءات ضد المدنيين وسيحض الأطراف على العمل باتجاه خلق بيئة تسمح" باستئناف المحادثات.
اقــرأ أيضاً
من جانبه، رأى الخبير الاستراتيجي أمين مجذوب، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الاهتمام الأميركي يأتي في إطار الدور الإقليمي والدولي للسودان، خصوصاً في منطقة جنوب الصحراء والقرن الأفريقي، مشيراً إلى حرص واشنطن على استتباب الأمن في البلاد وعدم السماح بالانزلاق نحو الفوضى، وأن ذلك يؤثر على 9 دول مجاورة. وأضاف مجذوب أن "جهود المبعوث الأميركي جاءت في ذروة التصعيد والتصعيد المضاد في فض الاعتصام وما نتج عنه من خسائر بشرية، وهو أمر قابلته قوى الحرية والتغيير بإعلان العصيان المدني". وبين أن "تلك الأجواء ستتيح الفرصة للمساعي الأميركية لإعادة المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير إلى طاولة التفاوض، إلى جانب تنفيذ مبادرة الاتحاد الأفريقي التي يقودها رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد". وأشار إلى أن "لزيارة ناجي أجندة أميركية أخرى تتعلق بالاطمئنان على استمرار التعاون القائم بين الخرطوم وواشنطن في العديد من الملفات الأمنية".
من جهته، أكد السفير السابق الطريفي كرمنو، لـ"العربي الجديد"، أن فرص نجاح المساعي الأميركية كبيرة جداً، مبيناً أن واشنطن منشغلة حالياً بالملف الإيراني ولا تريد الانهماك بقضية أخرى في الإقليم. ورفض الربط بين العصيان وزيارة المسؤول الأميركي، خصوصاً أن نتائج العصيان، حسب تقديره، كانت نتائجه كارثية على قوى "إعلان الحرية والتغيير"، متوقعاً عند نهاية زيارة المسؤول الأميركي أن تقدم كل الأطراف تنازلات. من جهته، يتفق الكاتب الصحافي الطاهر ساتي مع ما ذهب إليه كرمنو. وراهن، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على نجاح الجهود الأميركية في تقريب شقة الخلاف السوداني السوداني "لأنها لا تريد أن تتحول البلاد إلى بيئة تفرخ حركات إرهابية أو ينشط فيها تنظيم داعش"، على حد وصفه. واعتبر أن واشنطن حريصة على استقرار المنطقة وستسعى للضغط على الطرفين من أجل فترة انتقالية هادئة، خصوصاً بعد أن استنفدت قوى "الحرية والتغيير" كل أوراق الضغط التي تمتلكها وآخرها العصيان، لكنه أوضح أن المجلس إذا عاد للتفاوض فلن يعود بذات الروح الإيجابية كما كان في السابق، بعد أن حولته "الحرية والتغيير" من شريك إلى عدو، على حد قوله.
وقال القيادي في قوى إعلان الحرية والتغيير، كمال بولاد، لـ"العربي الجديد"، إن القوى وصلت إلى تقييم حقيقي للعصيان المدني الشامل، الذي نفذ خلال 3 أيام، وخلصت إلى نجاحه وإيصاله أولى الرسائل التي أرادتها. وأوضح أن "العصيان أوصل رسالته أولاً للمجلس العسكري بأن قوى إعلان الحرية والعدالة تشكل طيفاً سياسياً واسعاً من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ومثلما مثلت معارضة قوية للنظام السابق تمثل في الوقت ذاته ركيزة أساسية للمستقبل لبناء تجربة ديمقراطية تستفيد من أخطاء الماضي". وأضاف "أما الرسالة الثانية من العصيان فهي للعالم بأن المجلس العسكري يرفض السلطة المدنية، وبالتالي تحول لانقلاب تقليدي للاستحواذ على السلطة". وأكد أنهم في المعارضة "يمتلكون وسائل عدة للوصول إلى الدولة المدنية، ضمنها العصيان ووسائل وخيارات أخرى". وبين "أنهم حالياً يعكفون على تصميم برنامج شامل لسد الفراغ ما بعد العصيان، وذلك لمزيد من الضغط على المجلس العسكري".
من جانبه، رأى الخبير الاستراتيجي أمين مجذوب، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الاهتمام الأميركي يأتي في إطار الدور الإقليمي والدولي للسودان، خصوصاً في منطقة جنوب الصحراء والقرن الأفريقي، مشيراً إلى حرص واشنطن على استتباب الأمن في البلاد وعدم السماح بالانزلاق نحو الفوضى، وأن ذلك يؤثر على 9 دول مجاورة. وأضاف مجذوب أن "جهود المبعوث الأميركي جاءت في ذروة التصعيد والتصعيد المضاد في فض الاعتصام وما نتج عنه من خسائر بشرية، وهو أمر قابلته قوى الحرية والتغيير بإعلان العصيان المدني". وبين أن "تلك الأجواء ستتيح الفرصة للمساعي الأميركية لإعادة المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير إلى طاولة التفاوض، إلى جانب تنفيذ مبادرة الاتحاد الأفريقي التي يقودها رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد". وأشار إلى أن "لزيارة ناجي أجندة أميركية أخرى تتعلق بالاطمئنان على استمرار التعاون القائم بين الخرطوم وواشنطن في العديد من الملفات الأمنية".