يستعد زعيم "حزب الأمة" السوداني المعارض، الصادق المهدي، لمغادرة منفاه الاختياري في مصر غداً الخميس، ليعود إلى السودان بعد غياب امتد ثلاثين شهراً، قاد خلاله تحركات خارجية في سبيل إحداث اختراق في المشهد السياسي السوداني، كما نجح في توحيد المعارضة المسلحة وجزء من المعارضة السلمية في تحالف واحد أطلق عليه "تحالف قوى نداء السودان".
وأكمل "حزب الأمة" كافة الترتيبات لاستقبال المهدي، بدءاً من مطار الخرطوم، وصولاً إلى ميدان الهجرة بأم درمان، الذي يمثل رمزية للحزب، حيث سيخاطب حشداً جماهيرياً من أنصاره وأنصار القوى المعارضة.
وكان زعيم "حزب الأمة" قد غادر السودان غاضباً قبل عامين ونصف، إذ تم اعتقاله في مايو/أيار 2014 لنحو شهرٍ، على خلفية انتقادات وجهها لقوات الدعم السريع (الجنجويد) المثيرة للجدل.
وقابلت الحكومة السودانية إعلان عودة المهدي بفتور شديد، رغم محاولاتها السابقة لإنهاء منفاه الاختياري.
وحاولت السلطات وضع العراقيل أمام ترتيبات الحزب بشأن استقبال المهدي، حيث رفضت السماح بالاحتفال بعودته ومخاطبة أنصاره بميدان الخليفة في أم درمان، بحجة أنها تنوي إقامة احتفال بالميدان بمناسبة ذكرى تحرير الخرطوم.
ولم يسبق أن احتفلت الحكومة بذكرى تحرير الخرطوم، التي قاد تحريرها جد الصادق الكبير، محمد أحمد المهدي، من أيدي الإنكليز وقتها، والذي يصادف تاريخ الغد، حيث عُرف "حزب الأمة" بإحياء تلك الذكرى سنوياً.
وسارعت المعارضة السلمية والمسلحة إلى الترحيب بعودة المهدي وقيادة المعارضة من الداخل، ووجهت كوادرها إلى المشاركة في حفل استقباله، عبر بيانات حملت تواقيع عدد من القوى، بينها "الحركة الشعبية- قطاع الشمال"، التي تقاتل الحكومة في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، و"حركة تحرير السودان" بقيادة مني آركو مناوي، التي تقاتل الخرطوم في دارفور، إضافة إلى "تحالف قوى المستقبل" بقيادة غازي صلاح الدين.
واعتبرت القوى المعارضة عودة الصادق بمثابة دعم للنضال ضد الحكومة، وخطوة لقيادة الشعب نحوها.
ويرى مراقبون أن عودة الصادق إلى السودان من شأنها أن تحرك الجمود في المشهد السياسي، لأهمية الرجل ووزنه، فضلاً عن أنها ستسهم في إحداث تحولات سياسية تعيد حالة الاصطفاف من جديد.
ويعتقد محللون أن "قرار المهدي بالعودة دليل على يأسه من إحداث تسوية سياسية تبدأ بتوقيع الحركات المسلحة على اتفاق وقف الأعمال العدائية، ووصولاً إلى الاتفاق على إدارة حوار شفاف، ومن ثم اصطحاب تلك الحركات معه للداخل، وهو ما كان يراهن عليه".
ويضيف مراقبون أن عودة المهدي إلى السودان أملاها "اقتناعه بعدم جدوى المعارضة من الخارج في ظل التطورات الأخيرة، المتمثلة في التقارب السوداني الأميركي والأوروبي، فضلاً عن حدوث خلافات داخل حزبه، ومحاولة غريمه الذي سبق وأن انشق عنه، مبارك الفاضل، ملء الفراغ السياسي الذي تركه خروجه، وتأثيرات الأخير على قادة الحزب، ونجاحه في قيادة مجموعة منهم للمشاركة في الحوار الوطني الذي انتهى أخيراً".
ويرى المحلل السياسي، النور أحمد، أن عودة زعيم "حزب الأمة" جاءت بعد أن فشل في تحقيق أهدافه المتصلة بالوصول إلى تسوية سياسية، فضلاً عن تقلده قيادة "قوى نداء السودان"، موضحاً "يبدو أن تخفيف الضغط الأميركي والأوروبي على الحكومة فيما يتصل بتجميد العقوبات الاقتصادية، وملف الاتجار بالبشر، جعل الصادق يرى أن الأفضل ممارسة الضغط على الحكومة من الداخل".
كما يعتبر أن "رجوع المهدي من شأنه أن يعزز من موقف المعارضة الداخلية، التي أظهرت ضعفاً خلال فترة غيابه، فضلاً عن تأثيرات عودته على حزبه، إذ يتوقع أن يحقق التماسك الداخلي أكثر بعد التناقضات التي شهدها أخيراً، على اعتبار أن زعيمه يعد الشخصية الوحيدة المجمع عليها من الحزب، وصاحب تأثير كبير داخله".