نشرت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، اليوم الخميس، مقال رأي لكيت فيرغسون، مديرة منظمة "بروتكشن أبروتشز" الخيرية، حذرت فيه من تحول الوضع المتدهور في السودان إلى ميانمار أو سورية جديدة، مطالبة الحكومة البريطانية بالتحرك العاجل.
واستعرضت فيرغسون تطورات الأحداث في السودان خلال الأيام العشرة الأخيرة، حيث قتلت قوات الأمن السودانية 124 شخصاً على الأقل، وتسببت بإصابة نحو 700 آخرين، مع تصاعد حملة القمع ضد المتظاهرين في الخرطوم. كما ظهرت تقارير بوجود عنف جنسي واعتقالات تعسفية وإطلاق للنار على المراكز الصحية، ووجود جثث طافية على مياه نهر النيل. أما خارج الخرطوم، فظهرت تقارير عن مجازر أعنف في مناطق شهدت نزاعات مسبقة.
وقالت الكاتبة إن "هذا التصعيد كان متوقعاً، وبكل أسف. وهناك أيضاً احتمال وقوع المزيد من المجازر في العاصمة والأرياف. لقد واجه المتظاهرون حملة قمع عنيفة تقودها مجموعات مسلحة مرتبطة بالمجلس العسكري الانتقالي، الذي يهيمن عليه الجنرال محمد حمدان "حميدتي" دقلو، والذي عرف بدوره المحوري في مجازر دارفور. أسفرت تلك المجازر عن مقتل أكثر من 300 ألف شخص، وتشريد الملايين وزعزعة استقرار المنطقة. ولا تخفى روابط هذه المجموعات بقوات مدعومة سعودية مرتبطة بالفظائع المرتكبة في اليمن".
ورأت الكاتبة أنه ينبغي على بريطانيا التعلم من أخطاء ميانمار في التعامل مع السودان، حيث يجب عليها التوصل لأفضل طريقة للتعامل مع العنف الهوياتي المنتشر ضد سكان السودان من الأقليات العرقية أو الدينية أو السياسية. ومرة أخرى يجب التركيز على دور بريطانيا في تشكيل سياسة تمنع المزيد من المجازر.
وقالت فيرغسون إن "على الحكومة البريطانية مواصلة إصدار بيانات واضحة تدين استخدام العنف ضد المتظاهرين، لكن هذه التصريحات يجب أن تكون مدعومة بجهود دبلوماسية شاملة لدعم الانتقال الآمن للسلطة إلى حكومة شرعية مدنية تدير مرحلة انتقالية. كما يجب إقناع المجلس العسكري، للمفارقة، بعدم إجراء انتخابات مبكرة، يرغب المجلس العسكري بإجرائها في الأشهر التسعة المقبلة، وهي فترة لا تسمح بالوقت الكافي للمدنيين لبناء مؤسسات تمثيلية حقيقية، ولا توفر الوقت الكافي لنزع سلاح المليشيات المسلحة، ولا تكفي للجم البنية العسكرية".
وأضافت "كما يجب أن تقوم الحكومة البريطانية بخطوات أخرى في بريطانيا، لكونها منزلاً لواحدة من أكبر الجاليات السودانية، وتجمعات طالبي اللجوء واللاجئين، يجب على بريطانيا الانخراط مع هؤلاء الأفراد والإنصات لما يقولون. فسيلعب هؤلاء دوراً أساسياً في ضمان استقرار وأمن وديمقراطية دائمة في السودان".
وطالبت فيرغسون الشارع البريطاني أيضاً بـ"التفاعل مع 50 ألفا من الجالية السودانية في بريطانيا"، لافتة إلى أن "هناك الكثير مما يمكن عمله لدعم الجالية أو ملاحقة مجرمي الحرب المقيمين على الأراضي البريطانية"، ومعتبرة أنه "لا يمكن لبريطانيا أن تتحول لمركز آمن لمرتكبي جرائم الحرب في السودان. كما يجب أن يعاقب النظام المالي البريطاني هؤلاء المجرمين بدلاً من احتواء أموالهم القذرة".
Twitter Post
|
وختمت مديرة منظمة "بروتكشن أبروتشز" الخيرية في المقال بـ"ذا غادريان"، بالتشديد على أن "جميع العوامل متوفرة في السودان ليتدهور الوضع إلى المزيد من العنف واحتمال الحرب الأهلية"، فسودان "غير مستقر" من وجهة نظرها "قد يكون مركزاً جديداً للتطرف الإسلامي العنيف، فمع هزيمة داعش في سورية، سيبحث الإرهابيون عن منزل جديد. يجب أن تبلور بريطانيا تعهدها بحماية المجتمعات المضطهدة في مسؤولياتها تجاه السودان وفي سياساتها من خلال الدعم الدبلوماسي وسياسات الهجرة والتجارة".
ورأت أن "هناك نافذة صغيرة تتيح فرصة نادرة للتحرك، ويجب على الحكومة استغلالها".