حكومة ماي تواجه اليوم امتحان منحها ثقة البرلمان البريطاني

29 يونيو 2017
خطر يواجه مصير حكومة تيريزا ماي (جاستين تاليس/فرانس برس)
+ الخط -

يصوّت البرلمان البريطاني، اليوم الخميس، على منح الثقة لحكومة تيريزا ماي "الهشة"، والتي تعاني من انقسامات حول "بريكست"، وتم تشكيلها في اللحظة الأخيرة، بعد موافقة الحزب "الديمقراطي الوحدوي" الإيرلندي الشمالي على الانضمام إليها.

وبعد ثلاثة أسابيع على انتخابات تشريعية مبكرة، خسرت فيها رئيسة الحكومة، غالبيتها المطلقة في مجلس العموم، تواجه ماي تصويت النواب المقرر بعد الظهر، وهي في موضع ضعيف بسبب تزايد الاحتجاجات حتى داخل معسكرها.

وكانت دعت ماي، في إبريل/نيسان الماضي، بعد عشرة أشهر من توليها رئاسة الحكومة في يوليو/تموز 2016، إلى تنظيم انتخابات عامة مبكرة، في يونيو/حزيران الحالي.

وعلى الرغم من أنّ ماي برّرت هذه الخطوة برغبتها في الحصول على تفويض شعبي واضح، وتعزيز الأغلبية البرلمانية التي تتمتع بها قبيل مفاوضات "بريكست" مع الاتحاد الأوروبي، إلا أن المراقبين رجّحوا أن ماي أرادت من الانتخابات المبكرة تعزيز موقعها في قيادة الحكومة، وقيادة حزب "المحافظين".

وفي الثامن من يونيو/حزيران الماضي، جرت رياح الانتخابات بعكس ما تشتهي ماي، إذ خسرت رهان الانتخابات المبكرة. وبدلاً من تعزيز موقعها الشخصي القيادي، وتعزيز أغلبية حزبها في البرلمان، عادت ماي مكسورة الظهر، مع حكومة أقلية هشة، بعد تراجع عدد نواب حزبها.

ورفضت ماي الدعوات المتكررة للاستقالة، لكن وسائل الإعلام لا تزال تطلق التكهنات حول عدد الأشهر أو حتى الأسابيع المتبقية لماي في منصبها.

ويمكن أن يتقرّر مصير ماي، منذ اليوم الخميس، إذا لم يحصل برنامج حكومتها الذي يركز على "بريكست" على ثقة مجلس العموم.

ويكمن الخطر أمام مصيرها، في أنّ حزب "المحافظين" لم يعد يملك سوى 317 مقعداً من أصل 650 في مجلس العموم. كما أنّ زعيم حزب "العمال" المعارض، جيريمي كوربين، كان أعرب عن استعداده، بعد أن بات لديه 262 مقعداً، لتشكيل حكومة إذا لم تحصل ماي على ثقة المجلس.

إلا أنّ الاتفاق المثير للجدل الذي أبرم، الإثنين الماضي، مع الحزب الإيرلندي من المفترض أن يتيح لماي تفادي الأسوأ. فقد تعهد هؤلاء دعم الحكومة البريطانية في عمليات التصويت المهمة، لقاء تمويل إضافي بمليار جنيه إسترليني لإيرلندا الشمالية.

وشكّل التصويت، مساء الأربعاء، بـ323 صوتاً، لقاء 309 على تعديل تقدّمت به المعارضة حول إجراءات تقشف رسالة قوية في هذا الصدد.

ويرى مراقبون أنّ اتفاق، الإثنين الماضي، بين حكومة ماي وحكومة إقليم إيرلندا الشمالية، إنما يُعبر بوضوح عن أنانية ماي وحزب "المحافظين"، لا سيما أنّه يخاطر بمستقبل تماسك وحدة المملكة المتحدة، مع كل ما أثاره من غضب في إقليمي ويلز، واسكتلندا، العضوين في اتحاد المملكة المتحدة، إلى جانب إنكلترا، وإيرلندا الشمالية.

ويقول قادة إقليمي ويلز واسكتلندا إنّ ماي التي تدعو إلى سياسات التقشف، وغالباً ما تتذرع بأنها "لا تملك شجرة تثمر أموالاً"، وتدعوهم إلى تقليص النفقات في أقاليمهم، فتحت خزائن الدولة لشراء البقاء في الحكم بـ1.5 مليار جنيه إسترليني، قدمتها للحزب "الوحدوي" الإيرلندي.


موقف بريطاني متناقض حيال "بريكست"

وتواجه ماي، خطراً من تمرّد مستقبلي في صفوف حكومتها، وإن نالت الثقة، لا سيما حول "بريكست" ومفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي.

المقترحات الأولى لماي، حول مستقبل المواطنين الأوروبيين في بريطانيا، لم تلق، الإثنين الماضي، ترحيباً كبيراً من قبل بروكسل. كما أنّ استراتيجية ماي من أجل الدفع نحو "بريكست قاس" يشمل الخروج من السوق الأوروبية المشتركة، باتت موضع تشكيك.

وتشهد الحكومة البريطانية، انقساماً واضحاً، بين وزير المالية فيليب هاموند من جهة، وبين الداعين إلى خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، وفي مقدمتهم وزير الخارجية بوريس جونسون ووزير شؤون "بريكست" ديفيد ديفيس.

ويسود نتيجة ذلك تنافر في المواقف، كما حصل عندما أصر هاموند على الحاجة الملحة لفترة انتقالية بعد "بريكست" بينما اعتبر ديفيس أنّ ذلك ليس ضرورياً.

وشدّد متحدث باسم ماي، على أنّ "الجميع على الخط نفسه"، لكن عندما سئل رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، الأسبوع الماضي، إذا ما كان لديه فكرة واضحة عن موقف بريطانيا إزاء "بريكست"، أجاب بالنفي.

وعلّق تشارلز غرانت، مدير مركز الإصلاح الأوروبي، لـ"فرانس برس"، قائلاً إنّه "من الأفضل لتيريزا ماي أن تصغي لوزير ماليتها وأيضاً للمحافظين الأسكتلنديين الذين يفضلون بريكست مرناً. وما لم تعد لتقديم طرح نحو خروج مرن لبريطانيا... فمصيرها محسوم".