آخر الاتهامات ما صدر عن وزير الصحة، وائل أبو فاعور، في حق وزير الداخلية، نهاد المشنوق، حيث اتهمه بالفساد وبأنه "يصرف المخصصات على فنادق الخمس نجوم والإعلاميين والإعلاميات"، قبل أن يتراجع عن الاتّهام المسرّب على لسانه.
بعد ساعات، رد المشنوق وحاول تبرئة نفسه، لاجئاً إلى مقال منشور في إحدى الصحف المحلية للهجوم على أبو فاعور في كتلة "اللقاء الديموقراطي" التي يرأسها النائب وليد جنبلاط، عن "فساد جنبلاط من رفيق الحريري إلى نهاد المشنوق"، ليردّ أبو فاعور، من جديد، بقوله: "علمت أنّ الوزير نهاد المشنوق يرشح زيتاً من دفاتر السوق وكاميرات بيروت".
وتعود الأزمة بين المشنوق وجنبلاط إلى جملة من المواقف الخلافية بينهما، منها كيفية تعاطي وزارة الداخلية مع شبكة الاتجار بالبشر التي تمّ كشفها في بيروت قبل أسابيع، وبسبب التحقيقات الداخلية في القوى الأمنية حول فضيحة المخصصات السرية التي تبيّن وجود تلاعب كبير بها، بالإضافة إلى موقف شخصي بات يتّخذه جنبلاط تجاه المشنوق، إذ يصفه في مجالسه الخاصة بـ"الوالي" حيناً وبـ"أبي الهول" حيناً آخر.
كما سبق لجنبلاط أنّ توقّف عند ملف تركيب كاميرات للمراقبة في العاصمة بيروت، بكلفة خيالية تفوق خمسين مليون دولار أميركي.
وبانتظار ردّ المشنوق على أبو فاعور، كان الأخير يستكمل حربه مع المدير العام لهيئة "أوجيرو" (الشركة المشغّلة للاتصالات في لبنان)، عبد المنعم يوسف، المتّهم، أيضاً، من قبل جنبلاط بالفساد، حيث رد يوسف، من جهته، على الاتهامات بعبارة: "ها أنا أضحك"، غير مبال بكل ما يتم جمعه عن التجاوزات التي يقوم بها على مختلف الأصعدة، وتحديداً على المستويين الإداري والمالي.
ويبقى الملف الأدسم في هذا السجال، تلويح جنبلاط، أكثر من مرة، بضلوع يوسف في فضيحة شبكة الإنترنت غير الشرعية التي تم كشفها قبل أسابيع أيضاً.
وسبق كل هذا العديد من الفضائح السياسية والمالية التي خرجت إلى العلن، نتيجة الصراعات بين مكوّنات السلطة، كان أبرزها ما جرى بين أبو فاعور ووزير الاقتصاد، آلان حكيم، بشأن إدخال أطنان من القمح المسرطن إلى لبنان. ومن ثم فضيحة نقل القمح المسرطن وغير المسرطن في شاحنات تعمل على نقل النفايات من المكبّات العشوائية إلى المطامر التي تمّ استحداثها قبل شهرين لإنهاء أزمة النفايات.
كما شهد لبنان "حفلة شتائم" واتهامات طائفية ومذهبية بين المكوّنات الحكومية والسياسية، على خلفية مشروع إلغاء مديرية أمن الدولة، التي يرأسها مدير عام مسيحي، إذ تحاول القوى المسيحية الدفاع عنها، وتصوّر المشروع كمحاولة لضرب المسيحيين وحقوقهم، في حين تحاول الجهات الأخرى رفع التهمة عنها.
إلى ذلك، لا يزال هذا السجال الطائفي مستمراً، بحكم عدم البتّ في مصير "أمن الدولة" داخل الحكومة، وسط تكتّلين طائفيين واضحين.
ومع توالي الفضائح، خرج النائب جنبلاط، مطلع أبريل/نيسان الجاري، للقول إنّه يدرك "أنّ مصداقيتنا كسياسيين ضُربت، وأعرف أن بعض الناس لم يعد يصدقني عندما أتكلم حول الملفات التي تفوح منها الشبهات، لكن لا خيار أمامي سوى أن أستمر في المحاولة، لعلني أساهم، قدر الإمكان، في الحد من خسائر الفساد المستشري".