ونشرت السلطات الجزائرية قوات أمن إضافية وطوقت مقر المحكمة العليا لتأمين وصول رئيسي الحكومة والوزراء الملاحقين، والذين سيمثلون أمام قاضي التحقيق وسط حضور إعلامي واهتمام شعبي لافت.
ويمثل في القضية نفسها، اليوم، إضافة إلى رئيسي الحكومة السابقين أويحيى وسلال، ثمانية وزراء سابقين، هم وزراء النقل السابقون عبد الغني زعلان وعمار تو وبوجمعة طلعي وعمار غول (رئيس حزب تجمع أمل الجزائر)، ووزير المالية السابق كريم جودي، ووزير التجارة السابق عمارة بن يونس، وهو رئيس حزب الحركة الشعبية الجزائرية، ووزير الفلاحة عبد القادر بوعزقي، ووزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب، إضافة إلى محافظ العاصمة الجزائرية عبد القادر زوخ، الذي أقيل من منصبه قبل شهر، والمحافظ الحالي لولاية البيض جنوب غربي الجزائر محمد جمال خنفر.
وتخص القضية حصول رجل الأعمال علي حداد، وهو زعيم الكارتل المالي المعتقل في السجن، بحكم علاقته مع شقيق الرئيس السابق السعيد بوتفليقة، على امتيازات وصفت بـ"الخيالية" في قطاعات الإنشاءات الخاصة بالطرق السريعة والسكك الحديدية وأراض للاستثمار الزراعي، مقابل تقديمه امتيازات وعمولات للوزراء، فضلا عن تمويل أحزاب موالية تدافع عن السياسات الحكومية وعن عبد العزيز بوتفليقة.
وهذه هي المرة الثانية التي يتم فيها التحقيق في هذه القضية مع المسؤولين المتهمين الـ12، حيث سبق لقاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية أن استمع إليهم في 26 مايو/ أيار الماضي، لكنه اضطر إلى رفع ملف القضية إلى المحكمة العليا، لكون القانون الجزائري لا يسمح للمحاكم الابتدائية بمحاكمة الوزراء ورؤساء الحكومات في القضايا التي تخص فترة توليهم لمناصبهم.
وبحسب الخبراء القانونيين، فإن قاضي التحقيق في المحكمة العليا يمكن له النظر في طبيعة التهم الموجهة إلى رئيسي الحكومة والوزراء، واتخاذ قرار بإيداعهم السجن على ذمة التحقيق، أو وضعهم تحت الرقابة القضائية، فيما اتخذ في وقت سابق قراراً بمنعهم من السفر ومغادرة التراب الوطني.
وفي حال تم سجنهم، فسيكون ذلك سابقة في تاريخ القضاء الجزائري سجن رئيس حكومة ووزراء.
ويلاحق رئيس الحكومة الجزائرية السابق أويحيى وعدد من الوزراء، بينهم وزير السياحة السابق عبد القادر بن مسعود، وزير السياحة والنقل السابق عمار غول، وزيرا النقل بوجمعة طلعي وزعلان عبد الغني، إلى جانب مسؤولين آخرين، في قضية ثانية تخص رجل الأعمال وصاحب مصنع للسيارات وشركة نقل تحتكر النقل الجامعي محي الدين طحكوت، تم التحقيق معهم فيها يوم الاثنين الماضي.
وقرر قاضي التحقيق نقل ملف القضية الثانية أيضا إلى المحكمة العليا، ووجه إلى أويحيى وعدد من الوزراء رسمياً تهماً تخصّ تبييض الأموال وتحويل الممتلكات الناتجة عن عائدات إجرامية لجرائم الفساد، وإخفاء وتمويه مصدر غير مشروع في إطار جماعة إجرامية، وتبديد أموال عمومية، ومنح منافع غير مستحقة للغير، والاستفادة من سلطة.
وتعد هذه القضية ثاني قضية فساد مدوية تشهدها الجزائر منذ بدء العدالة حملة ضد كبار رموز النظام السابق ورجال أعمال كانوا على علاقة بمقربين من محيط الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.
وشملت الملاحقات حتى الآن أكثر من 400 بين رجل أعمال ووزراء ومسؤولين سابقين وحاليين وسياسيين، بتهم تبديد المال العام والنهب واستغلال السلطة، 11 من رجال الأعمال وأقربائهم يوجدون في السجن، وتم منع كثيرين منهم من السفر ومغادرة التراب الوطني.