وبحسب الصحيفة العبرية، فإن وزير الأمن الإسرائيلي في حكومة غولدا مئير، موشيه ديان، هو من وضع أسس هذا الاحتيال، وأوجد فكرة الادعاء بأن الحديث هو عن مبانٍ للجنود في المعسكر وليس للمستوطنين، وخاصة مجموعة غوش أيمونيم، وعلى رأسها الحاخام موشيه ليفنجر، التي اعتصمت داخل فندق بارك في الخليل للاحتفال بعيد الفصح اليهودي.
ووفقاً للوثيقة، فإن الجلسة عقدت في يوليو/تموز 1970 في مقر ديان، وحملت عنوان "طريقة بناء كريات أربع"، ووضعت الأسس لإقامة 250 وحدة سكنية، بحجة أنها لأغراض عسكرية فقط، على أن يتولى الجيش نفسه عملية البناء، مع أن المشاركين في الجلسة كانوا يعلمون جيداً أن هذا الادعاء كاذب وأنه مجرد ستار للتغطية على إقامة المستوطنة، خلافاً للقانون الدولي.
وتشير الوثيقة في السياق نفسه، إلى أن الأسلوب الذي اعتمده الاحتلال في تلك السنوات بمصادرة الأراضي "للأغراض العسكرية"، كستار لإقامة المستوطنات كان سراً معلناً لكافة الجهات المعنية، وأن الهدف من الادعاء بأن المصادرة هي للأغراض العسكرية هي للالتفاف على القانون الدولي.
واعتمدت إسرائيل هذه الطريقة لإقامة عدد من أوائل المستوطنات، وظل هذا النهج سارياً حتى العام 1979، عندما منعت محكمة العدل العليا الإسرائيلية، إقامة مستوطنة ألون موريه على أراضٍ فلسطينية بملكية خاصة.
لكن ذلك لم يمنع حكومة الاحتلال، ووفق نصائح من الجهاز القضائي وكبار القضاة، من اتباع طريقة جديدة، تقوم على "وراثة" المساحات الواسعة من الأراضي التي صُنفت قبل احتلال العام 1967، كأراضي دولة، ووضعت يدها على هذه الأراضي باعتبارها "هي الدولة وصاحبة السيادة على هذه الأراضي"، وواصلت بهذه الطريقة بناء المزيد من المستوطنات ومصادرة مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية.
وتضافرت هذه الجهود والسياسات الإسرائيلية في أوائل سنوات الثمانينيات مع طريقة جديدة من التزوير والاحتيال في فبركة صفقات مزورة "لشراء أراض فلسطينية من أصحابها الأصليين"، سواء عبر تزوير تواقيع بعض أصحاب الأراضي؛ ممن كانوا انتقلوا للعمل والعيش في الضفة الشرقية أو في الدول الخليج، وحتى من هاجروا إلى دول أميركا اللاتينية، وهي صفقات تم الكشف عنها في أواسط الثمانينيات في الصحف الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة بين أعوام 86-88 من القرن الماضي.
ولا تزال هذه الطريقة معتمدة من قبل جمعيات استيطانية وشركات عقارات وهمية، خاصة في الاستيلاء على مبان وعقارات في البلدة القديمة من القدس المحتلة.
وبالعودة إلى تأسيس كريات أربع، حيث تنقل الصحيفة عن الجنرال احتياط شلومو جزيت الذي كان منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين آنذاك، قوله: "لقد كان واضحاً للمشاركين في الجلسة أن من سيسكن هذه الوحدات السكنية هم المستوطنون وليس جنود الجيش الإسرائيلي".
وأضاف غازيت، أنه حسبما يذكر فقد كانت تلك أول مرة يتم فيها استخدام هذه الطريقة، من ضم منطقة لثكنة عسكرية لهدف إقامة مستوطنة "مدنية" في أراضي الضفة الغربية، وأن ديان هو من اقترح هذه الطريقة، وعندها تم اختيار الموقع تحت ستار إقامة معسكر لقوات حرس الحدود.