وجدت الحكومة العراقية في اعتداءات الكرادة الإرهابية التي راح ضحيتها أكثر من 400 قتيل وجريح، الغطاء المناسب للتخلص من ملف المحكومين بالإعدام، والذين يبلغ عددهم أكثر من 3 آلاف شخص، تطالب منظمات إنسانية وحقوقية محلية ودولية فضلاً عن كتل سياسية مختلفة، بإعادة محاكمتهم مجدداً كون اعترافاتهم انتُزعت تحت التعذيب، كما أن قسماً كبيراً منهم لم يُعرض للمحاكمة أصلاً، إضافة إلى أن بينهم معتقلون سلّمتهم القوات الأميركية للحكومة بعد انسحابها من العراق كانوا متهمين بمقاومة الوجود الأجنبي في البلاد واستهداف الجيش الأميركي دون غيره.
وأمر رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي وزير العدل حيدر الزاملي، وفقاً لبيان صدر عن مكتب العبادي، بتنفيذ أحكام الإعدام بشكل فوري في السجون عقب ثلاث ساعات فقط من تفجير الكرادة، وهو ما باشرت به فعلاً وزارة العدل عبر جملة إعدامات سريعة عُرض قسم منها على شاشة تلفزيون "العراقية" الحكومية، وبلغ عددهم حتى الآن 65 شخصاً بينهم من أُعدم فجر أمس الأربعاء، أول أيام عيد الفطر في العراق.
وأدخلت حالات الإعدام الهستيرية للحكومة العراقية، البلاد في أزمة جديدة بين رئاسة الجمهورية ووزارة العدل، بعد اتهام الأخيرة لرئيس الجمهورية فؤاد معصوم بتعمّد تأخير المصادقة على الأحكام الصادرة لتنفيذ الإعدامات. وأعلنت رئاسة الجمهورية في بيان، أنها ستقاضي وزارة العدل على تلك التصريحات، مشيرة إلى أن الأحكام التي تصل إليها تتم المصادقة عليها من دون تأخير بعد التأكد من صحة وسلامة الأحكام. فيما ردت وزارة العدل بأن هناك 3 آلاف حكم إعدام لم يصادق عليها رئيس الجمهورية.
وتكشف مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، أن "أحكام الإعدام التي نفذتها وزارة العدل في اليومين الماضيين بلغت 65 حكماً بحق معتقلين عراقيين أدينوا بتهم الإرهاب، وكان ذووهم قد طالبوا في وقت سابق بإعادة محاكمتهم كون الاعترافات انتُزعت منهم تحت التعذيب وبعضهم لم يُحاكم أصلاً". وشهد عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي عُرف بتدخّله في القضاء، اتخاذ نحو 2700 حكم إعدام.
وبحسب مسؤول حكومي بارز، فقد نُفذت أحكام الإعدام في سجون الناصرية وبابل وبغداد بحق المعتقلين، ولم تسلّم جثثهم حتى الآن لذويهم، وجرى بعضها بشكل غير إنساني من خلال ركل وضرب المحكومين قبل صعودهم إلى منصات الإعدام وترديد شعارات الثأر لضحايا تفجيرات الكرادة.
اقــرأ أيضاً
ويقول المواطن محمد جاسم، والد أحد المعدومين، في اتصال مع "العربي الجديد"، إنهم تلقوا اتصالاً هاتفياً، صباح أمس الأربعاء، يُبلغهم من السجن أن ابنه قد أُعدم. ويوضح أن "ابني اعتُقل قبيل القمة العربية 2012 حين شنّت القوات الحكومية حملة اعتقالات عشوائية ضمن خطة تأمين القمة، وكان في المنزل حينها عندما اعتُقل وهو موظف في وزارة النفط، وبعد أيام شاهدته على شاشة التلفزيون يعترف أنه أمير بتنظيم القاعدة، على الرغم من أنه لا يجيد حتى استخدام بندقية الصيد"، ويضيف: "طُلب مني 5 دفاتر (يستخدم العراقيون مصطلح دفتر على كل 10 آلاف دولار) ودفعتها حتى يخرج، لكن بعد فترة قيل لي إنه حُكم بالإعدام ونُقل إلى سجن الأحكام الثقيلة وأنا التقيته مرة واحدة فقط لدقائق قال لي خلالها إنه وقّع على قائمة الاعترافات بعد تعرضه للضرب".
ويتهم رئيس منظمة السلام العراقية، إحدى أبرز المنظمات المعنية بحقوق الإنسان في العراق، محمد علي، الحكومة العراقية والمليشيات بـ"التسابق لكسب شعبي، خصوصاً لدى ذوي ضحايا (تفجير الكرادة)، وإسكات ثورة غضبهم على الفساد والانحلال الأمني من خلال موجة الإعدامات تلك". ويوضح علي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "أحكام الإعدام انتقامية وهو أقل ما يقال عنها، فهناك محكومون أدينوا بالإعدام ولم يصلوا إلى سن الثامنة عشرة وآخرون أعمارهم فوق السبعين عاماً وجرى تزوير أعمارهم حتى يتطابق ذلك مع أحكام المادة الثامنة الفقرة 73 من قانون العقوبات النافذ في البلاد".
ويعتبر أن "تنفيذ الأحكام سياسي بحت ويحمل بصمات طائفية"، مستدركاً: "كلنا مع القصاص من الإرهابيين، لكن هناك سجناء حُكم عليهم بالإعدام وهم لا يستحقون هذا الحكم، وهناك أشخاص حُكم عليهم بالإعدام وهم أبرياء لا يستحقون حتى السجن"، لافتاً إلى أن "الدفعة الجديدة من الأحكام قد تضم معتقلين عرباً".
ومع مباشرة السلطات العراقية تنفيذ أحكام الإعدام، يكون قانون العفو الذي تطالب به الكتل السنّية السياسية وقوى ومنظمات حقوقية مختلفة والذي وُضع كأحد شروط قبول التصويت على العبادي كرئيس للوزراء نهاية العام 2014، في حكم الملغي. وينص القانون على إعادة محاكمة المعتقلين المحكومين بالإعدام في محكمة نزيهة ومستقلة يقوم رئيس الوزراء بتشكيلها من قضاة في وزارة العدل وتُراجَع جميع ملفاتهم. وهو ما يعني أن العبادي قد تخلص من أحد أهم الملفات التي يطالب خصومه بتنفيذها، مستغلاً حالة الغليان الشعبي عقب تفجير الكرادة.
وفي خضم السجال القانوني والسياسي بين وزارة العدل العراقية ورئاسة الجمهورية، قامت شخصيات سياسية وقادة في مليشيات "الحشد الشعبي" بالضغط على حكومة العبادي بغرض إنزال عقوبة الإعدام بآلاف المعتقلين في سجون الحكومة، مستغلين في ذلك حالة الغضب الشعبي التي أعقبت تفجير الكرادة الدامي، بينما هدد عدد من قادة المليشيات بتصفية المعتقلين إذا امتنعت الحكومة عن ذلك.
وقال زعيم مليشيا "أبي الفضل العباس"، أوس الخفاجي، في كلمة له، "إذا لم تقم الحكومة العراقية بتنفيذ أحكام الإعدام، فان قوات أبي الفضل العباس ستقوم بذلك"، مطالباً حكومة العبادي بـ"تنفيذ أحكام الإعدام في عيد الفطر لكي يكون عيد الفطر عيدين للشعب العراقي"، على حد تعبيره.
فيما قالت منظمة العفو الدولية، في تقرير صدر أمس الأربعاء، تلقت "العربي الجديد" نسخة منه، إن قيام السلطات العراقية بالإعدامات يُعد بمثابة ردة فعل بغيضة وغير محسوبة على التفجيرات المروعة التي هزت بغداد خلال عطلة نهاية الأسبوع، وهي إشارة تظهر أن البلد بصدد التصعيد من تطبيق عقوبة الإعدام. وقال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة فيليب لوثر، إن "تفجير بغداد الذي استهدف مدنيين في منطقة تسوّق مزدحمة، يشكّل اعتداءً عديم الضمير على الحق الأساسي في الحياة وجريمة حرب، وما من تبرير يُلتمس لارتكاب هذا العنف البغيض"، مضيفاً: "ليست الإعدامات هي الحل لأنها لا تتصدى للأسباب الجذرية للجريمة، ولقد ثبت مرة تلو أخرى أن عقوبة الإعدام التي تشكل انتهاكاً للحق في الحياة وأقسى أشكال العقوبة وأكثرها لا إنسانية وإهانة ليست رادعاً أقوى من عقوبة الحبس".
الى ذلك، يحذر عضو تحالف القوى العراقية محمد المشهداني، من خطورة تسييس أحكام الإعدام في العراق، معتبراً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن توقيت تنفيذ الأحكام الذي تزامن مع تفجير الكرادة يثير الشك، وقد يدفع للاعتقاد بأنه جاء كرد فعل انتقامي على التفجير. ويدعو الحكومة العراقية إلى تحقيق العدل بين جميع العراقيين، وتطبيق القانون بعيداً عن الانتقائية، مطالباً بأبعاد القضاء عن الخلافات والمناكفات السياسية.
وأمر رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي وزير العدل حيدر الزاملي، وفقاً لبيان صدر عن مكتب العبادي، بتنفيذ أحكام الإعدام بشكل فوري في السجون عقب ثلاث ساعات فقط من تفجير الكرادة، وهو ما باشرت به فعلاً وزارة العدل عبر جملة إعدامات سريعة عُرض قسم منها على شاشة تلفزيون "العراقية" الحكومية، وبلغ عددهم حتى الآن 65 شخصاً بينهم من أُعدم فجر أمس الأربعاء، أول أيام عيد الفطر في العراق.
وتكشف مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، أن "أحكام الإعدام التي نفذتها وزارة العدل في اليومين الماضيين بلغت 65 حكماً بحق معتقلين عراقيين أدينوا بتهم الإرهاب، وكان ذووهم قد طالبوا في وقت سابق بإعادة محاكمتهم كون الاعترافات انتُزعت منهم تحت التعذيب وبعضهم لم يُحاكم أصلاً". وشهد عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي عُرف بتدخّله في القضاء، اتخاذ نحو 2700 حكم إعدام.
وبحسب مسؤول حكومي بارز، فقد نُفذت أحكام الإعدام في سجون الناصرية وبابل وبغداد بحق المعتقلين، ولم تسلّم جثثهم حتى الآن لذويهم، وجرى بعضها بشكل غير إنساني من خلال ركل وضرب المحكومين قبل صعودهم إلى منصات الإعدام وترديد شعارات الثأر لضحايا تفجيرات الكرادة.
ويقول المواطن محمد جاسم، والد أحد المعدومين، في اتصال مع "العربي الجديد"، إنهم تلقوا اتصالاً هاتفياً، صباح أمس الأربعاء، يُبلغهم من السجن أن ابنه قد أُعدم. ويوضح أن "ابني اعتُقل قبيل القمة العربية 2012 حين شنّت القوات الحكومية حملة اعتقالات عشوائية ضمن خطة تأمين القمة، وكان في المنزل حينها عندما اعتُقل وهو موظف في وزارة النفط، وبعد أيام شاهدته على شاشة التلفزيون يعترف أنه أمير بتنظيم القاعدة، على الرغم من أنه لا يجيد حتى استخدام بندقية الصيد"، ويضيف: "طُلب مني 5 دفاتر (يستخدم العراقيون مصطلح دفتر على كل 10 آلاف دولار) ودفعتها حتى يخرج، لكن بعد فترة قيل لي إنه حُكم بالإعدام ونُقل إلى سجن الأحكام الثقيلة وأنا التقيته مرة واحدة فقط لدقائق قال لي خلالها إنه وقّع على قائمة الاعترافات بعد تعرضه للضرب".
ويتهم رئيس منظمة السلام العراقية، إحدى أبرز المنظمات المعنية بحقوق الإنسان في العراق، محمد علي، الحكومة العراقية والمليشيات بـ"التسابق لكسب شعبي، خصوصاً لدى ذوي ضحايا (تفجير الكرادة)، وإسكات ثورة غضبهم على الفساد والانحلال الأمني من خلال موجة الإعدامات تلك". ويوضح علي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "أحكام الإعدام انتقامية وهو أقل ما يقال عنها، فهناك محكومون أدينوا بالإعدام ولم يصلوا إلى سن الثامنة عشرة وآخرون أعمارهم فوق السبعين عاماً وجرى تزوير أعمارهم حتى يتطابق ذلك مع أحكام المادة الثامنة الفقرة 73 من قانون العقوبات النافذ في البلاد".
ويعتبر أن "تنفيذ الأحكام سياسي بحت ويحمل بصمات طائفية"، مستدركاً: "كلنا مع القصاص من الإرهابيين، لكن هناك سجناء حُكم عليهم بالإعدام وهم لا يستحقون هذا الحكم، وهناك أشخاص حُكم عليهم بالإعدام وهم أبرياء لا يستحقون حتى السجن"، لافتاً إلى أن "الدفعة الجديدة من الأحكام قد تضم معتقلين عرباً".
ومع مباشرة السلطات العراقية تنفيذ أحكام الإعدام، يكون قانون العفو الذي تطالب به الكتل السنّية السياسية وقوى ومنظمات حقوقية مختلفة والذي وُضع كأحد شروط قبول التصويت على العبادي كرئيس للوزراء نهاية العام 2014، في حكم الملغي. وينص القانون على إعادة محاكمة المعتقلين المحكومين بالإعدام في محكمة نزيهة ومستقلة يقوم رئيس الوزراء بتشكيلها من قضاة في وزارة العدل وتُراجَع جميع ملفاتهم. وهو ما يعني أن العبادي قد تخلص من أحد أهم الملفات التي يطالب خصومه بتنفيذها، مستغلاً حالة الغليان الشعبي عقب تفجير الكرادة.
وفي خضم السجال القانوني والسياسي بين وزارة العدل العراقية ورئاسة الجمهورية، قامت شخصيات سياسية وقادة في مليشيات "الحشد الشعبي" بالضغط على حكومة العبادي بغرض إنزال عقوبة الإعدام بآلاف المعتقلين في سجون الحكومة، مستغلين في ذلك حالة الغضب الشعبي التي أعقبت تفجير الكرادة الدامي، بينما هدد عدد من قادة المليشيات بتصفية المعتقلين إذا امتنعت الحكومة عن ذلك.
وقال زعيم مليشيا "أبي الفضل العباس"، أوس الخفاجي، في كلمة له، "إذا لم تقم الحكومة العراقية بتنفيذ أحكام الإعدام، فان قوات أبي الفضل العباس ستقوم بذلك"، مطالباً حكومة العبادي بـ"تنفيذ أحكام الإعدام في عيد الفطر لكي يكون عيد الفطر عيدين للشعب العراقي"، على حد تعبيره.
الى ذلك، يحذر عضو تحالف القوى العراقية محمد المشهداني، من خطورة تسييس أحكام الإعدام في العراق، معتبراً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن توقيت تنفيذ الأحكام الذي تزامن مع تفجير الكرادة يثير الشك، وقد يدفع للاعتقاد بأنه جاء كرد فعل انتقامي على التفجير. ويدعو الحكومة العراقية إلى تحقيق العدل بين جميع العراقيين، وتطبيق القانون بعيداً عن الانتقائية، مطالباً بأبعاد القضاء عن الخلافات والمناكفات السياسية.