تشاؤم في غزة تجاه المصالحة: خوف من فشل جديد

18 سبتمبر 2017
استقبل الفلسطينيون خبر المصالحة بكثير من الفتور(محمود حمص/فرانس برس)
+ الخط -



لم يكن الارتياح ظاهراً على الفلسطينيين وخصوصاً في غزة، التي تكتوي بنار الانقسام والأزمات الاقتصادية والمعيشية القاسية، مع التحركات الجديدة في مصر لإنجاز ملف المصالحة المعطلة منذ عشر سنوات، نتيجة شعورهم بالإحباط.

واستقبل الفلسطينيون الأخبار الواردة من القاهرة، عن موافقة حركة "المقاومة الإسلامية" (حماس) على حل لجنتها الإدارية في غزة، وزيارة وفد "فتح" لها، واللقاءات المطولة مع المخابرات المصرية، بكثير من الفتور واللامبالاة، على عكس المتوقع، رغم محاولة الفصائل إشاعة جو من التفاؤل بالخطوات التصالحية.

ويعزو كثيرون هذا الاحباط والفتور إلى خشية الفلسطينيين من تكرار تجارب الفشل السابقة، بعد أنّ أشيع أنّ المصالحة تمضي وأنّ الخطوات الأخيرة تجري كتابتها، لكن على الأرض تعمق الانقسام السياسي ومعه الجغرافي، وأصبحت غزة في حال هو الأصعب منذ سنوات.

ورغم وجود مصر كضامن هذه المرة للمصالحة، إلا أنّ هناك من يعتقد أنّ السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" ليست جاهزة حالياً لدفع استحقاقات المصالحة الوطنية مع "حماس"، بعد أن فاجأت الحركة الإسلامية التي تدير القطاع منذ عشر سنوات، الجميع بتنازلات، لم تكن توافق عليها قبل أيام من إعلانها.

وتبدو الكرة الآن في ملعب القيادة الفلسطينية وحركة "فتح" في رام الله، التي يُفترض أنّ تتباطأ خطواتها إلى حين عودة الرئيس محمود عباس، بعد انتهاء جلسات الأمم المتحدة، وهو ما يعني أنّ الهوة قد تكبر فجأة وتعود إلى ما سبق، مع توقعات ضئيلة بمضي المصالحة إلى الأمام وتقدمها.

وفي هذا الصدد، قال الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، لـ"العربي الجديد"، إنّ قيام حركة "حماس" بالموافقة على حل اللجنة الإدارية وتمكين حكومة الوفاق الوطني من القيام بعملها في غزة، والاستعداد لانتخابات شاملة، يُعد نجاحاً لها في رمي الكرة بملعب الرئيس عباس.

وأوضح عوكل أن إحجام الشارع الفلسطيني والغزي على وجه الخصوص عن التفاعل الكبير مع المصالحة لا يعود إلى خيبات الأمل، بقدر حجم الإدراك والوعي الموجود لدى الغزيين، بحجم العقبات والصعوبات التي تحول دون إنجاز ملف المصالحة وإنهاء الانقسام.

وبيّن أن الشارع الغزي، لديه سقف تفاؤل هابط، بسبب فقدان الثقة بالفصائل الفلسطينية بمختلف أشكالها، بالإضافة للقادة السياسيين، وباتت الأفعال وما يلمسونه بأيديهم تصدق أكثر من الأقوال والاحتفالات، التي كانت تجري خصوصاً في ملف المصالحة الداخلية.

كما رأى عوكل أنّ ما حدث في العاصمة المصرية القاهرة هو عودة للمربع الأول الذي كان بعد اتفاق الشاطئ وتشكيل حكومة الوفاق، حيث كانت هناك عقبة اللجنة الإدارية والتي قابلتها السلطة الفلسطينية بعقوبات، وبالتالي ما جرى هو عودة للوضع الذي كان قبل عدة أشهر.

أما الكاتب ثابت العمور، فرأى في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه طيلة العشر سنوات التي مر بها المشهد الفلسطيني، لم تُفضِ الاتفاقيات لحلول على الأرض، وهذه الاتفاقيات أسقطت من حساباتها عنصر الشباب، الذي يعتبر رأس المال الفلسطيني، الرافد الحقيقي للانتفاضة والمقاومة وبناء الدولة.

وأوضح العمور أنّ الشباب بالذات أُحبطوا كثيراً، ولم يكونوا متفاعلين بالقدر الكافي والمتفائل مع الإجراءات التي أعلن عنها من القاهرة، وبات الجميع يخشى رفع السقف حتى لا يصاب بخيبة أمل جديدة، وأنّ عدم تراجع السلطة عن العقوبات على غزة والموظفين، أصاب الناس بالغضب، لأنها الخطوة التي كانت متوقعة منهم، تجاه خطوات "حماس".

واعتبر أنّه تم اختزال القضية الفلسطينية في مصالحة بين "حماس" و"فتح" وأُسقط الإنسان الفلسطيني، ولو استحضر الجميع الإنسان لكان الطريق مختلفاً، داعياً المتخاصمين للنظر إلى معدلات الفقر المرتفعة والأمراض والمياه الملوثة والكهرباء المقطوعة والخريجين في الشوارع، وهي قضايا مرعبة لم يهتم بها أحد.

ولفت العمور إلى أنّ فتور "فتح" أيضاً في التعامل مع إعلان "حماس"، يشير إلى أنّ الحركة تفاجأت بحل "حماس" للجنة الإدارية، معتبراً أنّ الحركة تعاملت بذكاء عندما قالت إنها استجابة لجهود مصر، متوقعاً كذلك أنّ مصر و"حماس" تريدان سحب البساط من تحت أرجل "فتح"، خاصة أننا بتنا نتعامل مع أكثر من "فتح"، محمد دحلان (العضو المفصول من فتح) وعباس، وهذه مشكلة لحركة "فتح".