خبير أميركي: الحملة على قطر توطّد أركان الثورة المضادة وتهدّد مجلس التعاون

20 يونيو 2017
تضافر أقطاب الثورة المضادة جهودها بدعم من ترامب (الأناضول)
+ الخط -
تعود معظم أسباب الأزمة الحالية في الخليج، والتي شهدت قطع السعودية والإمارات والبحرين، بالإضافة إلى مصر، علاقاتها مع قطر وإعلان حصارها، إلى دعم الدوحة لموجة الثورات التي قامت في المنطقة العربية. هذا ما يخلص إليه البروفسور غاري سيك، الأكاديمي والمحلل الأميركي المتخصص بشؤون الشرق الأوسط، في حديثه إلى النسخة الإنكليزية من موقع "العربي الجديد".
وفيما تكثف السعودية والإمارات والبحرين جهودها لتوطيد أركان الثورة المضادة التي تقودها في المنطقة، بدعم من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تقف قطر، إزاء ذلك، بوصفها إحدى آخر "عقد" الربيع العربي. ويرى البروفسور غاري سيك، أن الرياض وأبوظبي رأتا في الثورات تهديدًا لحكمهما، في حين نظرت الدوحة إليها كفرصة.

ويضيف سيك لـ"العربي الجديد" أن ذلك يقع في صلب الادعاءات الموجهة للقطريين بدعم جماعة "الإخوان المسلمين". بعبارة أخرى، لا ترى السعودية والإمارات في ذلك دعمًا للإرهاب والتطرف، بقدر ما تريانه دعمًا لطرف سياسي له باع كبير في الثورات العربية.

وعلى الرغم من تخفيف قطر لهجتها حيال الربيع العربي، فإنها بقيت على النقيض من مشروع الثورة المضادة الذي يقوده السعوديون والإماراتيون.

وفي مصر دعمت هاتان الدولتان الانقلاب العسكري ضد الرئيس المنتخب ديمقراطيًا محمد مرسي، ثم قامتا بتثبيت المشير عبد الفتاح السيسي في السلطة بعد انقلابه الدموي.

كذلك جرت الديناميكية نفسها في تونس وليبيا، حيث قدمت السعودية والإمارات الدعم لفلول النظام القديم، في حين وقفت الدوحة إلى جانب قوى التغيير لتقف على قدميها أو حتى لتفوز في الانتخابات.

وليس من المستغرب أن يتزامن توقيت الأزمة الحالية مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض. يمكن هنا استعادة عداء ترامب لمفهوم الربيع العربي بحد ذاته، وإدانته للإدارة السابقة بسبب تخليها عن حليف مثل حسني مبارك، واستعداده للتحالف مع رجال أقوياء، بما في ذلك الطغاة العرب الذين اندلعت الثورات العربية ضدهم.

ويقول سيك إن توقيت الحصار المفروض على قطر، أي بعد أيام فقط من زيارة ترامب إلى الرياض وتعهده بتجديد وتمتين تحالفه مع السعوديين، قد لا يكون مصادفة.

مع ذلك لا يرى سيك أن هذا التوجه الجديد ضد قطر سيشكل الفصول الختامية للربيع العربي، قائلًا: "الربيع العربي حركة قوية ولم يحن وقت انتهائها بعد".


وبينما تحاول الرياض وأبوظبي جر واشنطن إلى جانبهما، بإغراء من تغريدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المنفصلة عن الواقع، بقيت المؤسسة الأميركية متوافقة مع خط قطر المستقل، نظراً لما يوفره ذلك من مزايا للمصالح الأميركية.

عطفًا على ذلك، يرى البروفسور سيك أن قطر "كانت لاعبًا مستقلًا على الدوام، وما زالت (حتى الآن) تتمتع بعلاقة جيدة مع الولايات المتحدة".

ويضيف أن "الولايات المتحدة استفادت من النهج القطري" خاصة فيما يتعلق باستئناف المفاوضات مع حركة "طالبان" في الدوحة.

وخلافاً للأزمة الأخيرة، ربما تجاوزت الرياض وأبوظبي عدة خطوط حمراء حين فرضتا حصارًا شبه شامل على قطر، بما في ذلك قطع الإمدادات الغذائية والطبية.

ويقول سيك إن السعوديين وحلفاءهم أخطؤوا في ظنهم أن ذلك سيؤتي ثماره سريعاً، أو أن القطريين سيتزحزحون عن مواقفهم.

وتمكنت قطر من التعامل بمرونة مع الحصار، وهي دولة ثرية تتمتع باحتياطي ضخم من الغاز الطبيعي وبصداقات متينة مع دول العالم.

التصعيد الإماراتي السعودي يهدّد مجلس التعاون

ومع ذلك، كلما طال أمد الأزمة، ضعف احتمال رأب الصدع في مجلس التعاون الخليجي، فمن غير المرجح أن ترضخ قطر للضغوط الخليجية، وقد يختار العمانيون والكويتيون رسم مساراتهم الخاصة في ضوء رعونة الرياض ومحاولتها الهيمنة على دول مجلس التعاون الخليجي، حسب توقعات سيك. 

وعلى حد تعبير سيك، فإن الحركة السعودية الإماراتية المفاجئة والمرتجلة ضد قطر تهدد كلاً من مجلس التعاون الخليجي، ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة.

ويرى سيك أنه بينما تستغل تركيا الفرصة وتحاول تعزيز حضورها في دول الخليج العربي، سيكون لأي تصعيد سعودي- إماراتي آخر نتائج عكسية تتضارب مع ما اعتزموا تحقيقه في البداية: ستصبح قطر أكثر استقلالية، وسيتم تفريغ دول مجلس التعاون الخليجي من أي مضمون، ما سيضر بالمصالح السعودية والإماراتية أولاً وقبل كل شيء.

ويضيف أن الولايات المتحدة ستخسر كذلك، قائلًا سيك أن إحدى أهم وظائف مجلس التعاون الخليجي بالنسبة لواشنطن هي الوظيفة العسكرية، حيث كان من المأمول أن تكون جيوش الخليج قادرة على "تبادل العمليات" والعمل معًا من أجل أمن الخليج والإقليم.

وتهدد الأزمة كل هذا، ولعل هذا هو سبب محاولة المؤسسة الأميركية (إن لم يكن ترامب نفسه) التخفيف من حدة الأزمة، حيث تمت الإشارة إلى القاعدة الأميركية في قطر، ودور قطر في الحرب على الإرهاب، كأمور لا غنى عنها بالنسبة لواشنطن.

ومع ذلك، وفقاً لسيك، قد تبقى الولايات المتحدة بعيدة عن الانخراط في الأزمة بشكل مباشر. التباين بين ما يريده ترامب وما يريده الآخرون ضمن المؤسسة الأميركية أعمق من أن يتم اجتيازه بسهولة، ما يعني أن احتمال وساطة أميركية مهمة ضئيل للغاية.

على الوساطة الأميركية أن "تحل خلافات الرأي (داخل المؤسسة) وهو أمر صعب"، حسب تعبير سيك.