وأعربت المنظمات والمؤسسات الحقوقية المستقلة، في بيانها المشترك الصادر مساء اليوم الثلاثاء، عن رفضها التام والقاطع للتعديلات الدستورية المقترحة، بدعم من رئيس الجمهورية، والمطروحة للنقاش مؤخرًا أمام البرلمان، والتي عدت خصيصًا حتى يتمكن الرئيس عبد الفتاح السيسي من الاستئثار بحكم البلاد مدى حياته، منفردًا بسلطات أكبر.
كما رفض الموقعون منح المؤسسة العسكرية وصاية سياسية وعسكرية، تشرعن لتدخلها اليومي في الحياة السياسية، بدعوى حماية الديموقراطية ومدنية الدولة، على نحو يحمل الكثير من التناقض.
وتساءلت المنظمات "كيف تحمي مؤسسة عسكرية، غير ديموقراطية بطبيعتها، مدنية الدولة ونظامها الديموقراطي؟ علمًا بأن كليهما، مدنية الدولة والديموقراطية، قد تم العصف بهما منذ تولي الرئيس السيسي الحكم".
وقالت المنظمات إن "التعديلات المشؤومة تعصف أيضًا بما تبقى من هامش استقلال محدود للسلطة القضائية، وتمنح حصانة للتشريعات الاستثنائية الصادرة عن مجلس النواب، ممثلاً عن السلطة التشريعية، بتوجيهات من رئيس الجمهورية، بهدف ترسيخ ركائز حكم ديكتاتوري وقمع الأصوات المعارضة، وبذلك تلغي التعديلات مبدأ الفصل بين السلطات، وتمنح جميعها لرئيس الجمهورية منفردًا".
وأوضحت "إذ يسعى الرئيس من خلال هذه التعديلات إلى دسترة انفراده باختيار وتعيين رؤساء وأعضاء الجهات والهيئات القضائية، بالنص على تنصيب رئيس الجمهورية رئيسًا للمجلس الأعلى للقضاء، ينوب عنه وزير العدل في حالة غيابه، وانفراد الرئيس بتعين النائب العام دون الرجوع للمجلس الأعلى للقضاء، ومنح الرئيس سلطة مطلقة في اختيار رئيس المحكمة الدستورية، فضلاً عن إلغاء الاستقلال المادي للسلطة القضائية".
وقالت المنظمات إن "السعي إلى تمديد ولاية رئيس الجمهورية إلى ست سنوات بدلاً من أربع لولايتين رئاسيتين، مع منح الرئيس الحالي، استثناءً شخصيًا، يتيح له الترشح لمدتين إضافيتين بعد انتهاء مدتيه، بموجب مادة دستورية خاصة جري تفصيلها له وحده، يمثل عصفًا تامًا بطابع العمومية والتجريد كإحدى الأبجديات الواجب توافرها في القاعدة القانونية، ويعد انقلابًا على أحد أهم المبادئ الدستورية التي ثار الشعب لأجلها في 2011 بشأن التداول السلمي للسلطة، حتى لا يتكرر سيناريو مبارك وحكمه الممتد لـ30 عامًا".
وفسرت "لذا كان الدستور قد وضع ضمانة خاصة لعدم التعدي على هذا المطلب الشعبي بموجب المادة 226 التي حظرت مطلقًا المساس بالنصوص الخاصة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية. وبناء عليه تمثل المساعي الحالية لإعادة انتخاب السيسي رئيسًا بعد انتهاء ولايته الثانية والأخيرة في 2022 انقلابًا على الشرعية الدستورية، وهدمًا عمديًا لدولة القانون، التي يتعين على مؤسسات الدولة، في المقام الأول، احترامها".
كما رفض الموقعون أيضًا التلاعب بالنص الدستوري الخاص بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري (المادة 204)، على نحو يتيح التوسع في محاكمة المدنيين عسكريًا، في محاولة لدسترة قانون حماية المنشآت العامة الذي أصدره السيسي في2014، والذي يقضي بتوسيع اختصاص المحاكم العسكرية الاستثنائية في محاكمة المدنيين.
أخيرًا أكد الموقعون أن اقتراح التعديلات تخصيص نسبة لا تقل عن 25% من مقاعد مجلس النواب للمرأة، والتمثيل الملائم للأقباط، والشباب وذوي الإعاقة والمقيمين بالخارج، ما هي إلا محاولة للترويج للتعديلات الدستورية دوليًا، والتسويق لها داخليًا، في توظيف مشين لهذه الفئات الأضعف في المجتمع، والتي يتحمل الرئيس ومؤسسات الدولة المسؤولية عما تعانيه من تهميش وتعد سافر على حقوقها يوميًا، وخاصة الأقباط الذين تعرضوا في عهد الرئيس الحالي لاعتداءات منهجية وسط تواطؤ سلطات الدولة وممثليها المختارين في البرلمان من قبل أجهزة الأمن.
المنظمات الموقعة هي: "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز النديم، وكوميتي فور جستس، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، ومركز بلادي للحقوق والحريات، ومصريون ضد التمييز الديني، ومبادرة الحرية، ومركز عدالة للحقوق والحريات، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية".