وكانت هيذر ناورت، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، والمذيعة السابقة في قناة "فوكس نيوز" المفضلة لترامب، قد أعلنت، السبت، سحب ترشيحها لمنصب سفير واشنطن في الأمم المتحدة، مشيرة إلى الضغوط على عائلتها، وسط تقارير عن مشكلة محتملة في خلفيتها ما يتعلّق بتوظيفها مربية أطفال مهاجرة، مسجلة بشكل قانوني في الولايات المتحدة، ولكن غير مصرح لها بالعمل.
وكشفت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، في تقرير، الثلاثاء، عن أربع شخصيات مرشحة بينما هرع البيت الأبيض لإيجاد بديل عن ناورت، وهم: كيلي كرافت السفيرة الأميركية الحالية في كندا وزوجة ملياردير متبرع جمهوري بارز والمدير التنفيذي لشركة بمجال الفحم، وريتشارد غرينيل السفير الأميركي في ألمانيا، والمتحدث السابق باسم سفير واشنطن السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون، مستشار ترامب للأمن القومي حالياً.
أما المرشحة الثالثة فهي دينا باول، الشريكة في بنك "غولدمان ساكس" والعضو البارز السابق في فريق ترامب للأمن القومي، فيما الرابع هو جون جيمس المرشح الجمهوري السابق إلى مجلس الشيوخ عن ولاية ميشيغان، والعسكري المخضرم بالجيش الأميركي.
كيلي كرافت
وفقاً لـ"فورين بوليسي"، برز اسم كرافت بعد تعيينها في أوتاوا، إثر المفاوضات التجارية "المضنية" حول الاتفاق بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا "USMCA"، ليحل محل اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية.
وعن كرافت، يقول مسؤول أميركي للمجلة: "لقد أظهرت موقفاً قيادياً قوياً حقاً حيال الاتفاق الجديد"، كاشفاً أنّ كرافت مقرّبة من كبار مستشاري الرئيس، ولا سيما جاريد كوشنر وإيفانكا ترامب، فضلاً عن علاقاتها "الجيدة" في كابيتول هيل (الكونغرس).
ريتشارد غرينيل
أطلق غرينيل، دبلوماسي ترامب الأول في برلين، شرارة احتكاك دبلوماسي مع أقرب حلفاء أميركا في أوروبا، عندما أشار على الشركات الألمانية بوقف مشاريع العمل مع إيران، على خلاف التوجهات الأوروبية، فضلاً عن تعبيره عن الرغبة في "تقوية" المحافظين الأوروبيين، مخالفاً بذلك تقاليد الدبلوماسيين الأجانب، الذين يفضّلون عادة البقاء على الحياد بشأن السياسات الداخلية.
برز غرينيل كمرشح مفضّل في الجناح الأيمن لترامب، بعدما حظي بتأييد شخصيات عدة؛ بينهم المتحدث باسم البيت الأبيض السابق شون سبايسر، ومدير حملة ترامب السابق كوري ليفاندوفسكي، وسيباستيان غوركا أحد المساهمين السابقين في موقع "بريتبارت" اليميني المتطرف، والمساعد في البيت الأبيض.
وأوردت "فورين بوليسي" تصريحات غوركا لـ"بريتبارت"، بشأن ترشيح غرينيل للمنصب، قائلاً: "يجب استدعاء ريك غرينيل وترشيحه على الفور للمنصب في الأمم المتحدة. لقد كان السفير الأكثر فعالية للرئيس. وأفضل شيء في موضوع ترشيحه، هو أنّه في ضوء أوراق اعتماده هناك موقوفه الصخري الصلب بشأن (MAGA)، والذي سيمكّن من وضع الكارهين العالميين للولايات المتحدة، تحت المراقبة في الأمم المتحدة"، قاصداً بذلك شعار ترامب " Make America Great Again: جعل أميركا عظيمة مجدداً".
دينا باول
ظهر اسم باول لأول مرة، في العام الماضي، بعدما أعلنت نيكي هيلي عن استقالتها من منصب سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة، لكنها رفضت في ذلك الوقت عرض العمل.
وباول أميركية من أصول مصرية ولدت في القاهرة عام 1973، وهاجرت إلى الولايات المتحدة منذ صغرها مع أسرتها. وانضمت إلى فريق ترامب، مستشارة له في المبادرات الاقتصادية. وتشغل حالياً منصب رئيسة بنك "غولدمان ساكس"، في ما يتعلّق بالمبادرات الخيرية.
وفي عمر 29 عاماً، شغلت منصب مساعدة الرئيس لشؤون الموظفين، لتصبح أصغر من تولى هذا المنصب في الولايات المتحدة.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2017، أعلن البيت الأبيض عن مغادرة باول منصب نائبة مستشار الأمن القومي لترامب، ورغبتها بالعودة إلى بيت عائلتها في نيويورك.
وفي خريطة القوى داخل الحلقة الضيقة المحيطة بالرئيس ترامب، تحسب باول على محور إيفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنر.
جون جيمس
لا يزال جيمس الذي خسر في انتخابات مجلس الشيوخ في ولاية ميشيغان في عام 2018، نجماً صاعداً في المشهد السياسي للحزب الجمهوري، رغم أنّه يفتقر إلى المؤهلات الدبلوماسية التي مر بها سفراء الأمم المتحدة.
تخرّج جيمس من جامعة بنسلفانيا و"وست بوينت"، وخدم لمدة ثماني سنوات في الجيش بما في ذلك جولات متعددة ضمن القوات الأميركية في العراق.
في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، هزمه ديبي ستابينو بفارق 6.54%، ليصبح أول مرشح جمهوري إلى مجلس الشيوخ عن ميشيغان يخسر بنسبة أقل من 10 نقاط مئوية منذ أن خسر سبنسر أبراهام إعادة انتخابه في عام 2000.
ونظراً لظهوره القوي ضد ستابينو، فإنّ قادة الحزب الجمهوري يتطلعون إلى مستقبله، ويعتبرون أنّ جيمس سيكون الأقرب للفوز بترشيح الحزب الجمهوري ضد السيناتور الديمقراطي الحالي عن ميشيغان عضو مجلس الشيوخ السناتور غاري بيترز، في عام 2020.
في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ذكرت وكالة "بلومبيرغ" أنّ ترامب يفكّر في ترشيح جيمس لمنصب سفير واشنطن لدى الأمم المتحدة. وقد التقى حينذاك جيمس في البيت الأبيض مع ترامب، ونائب الرئيس مايك بنس، ووزير الخارجية مايك بومبيو.
التراجع الأميركي في الأمم المتحدة... فتّش عن بولتون
وبغض النظر عمن سيختار ترامب للمنصب، من المرجح أن يرث خليفة نيكي هيلي منصباً متراجعاً إلى حد كبير، بحسب ما تقول "فورين بوليسي"، مشيرة إلى أنّ مسؤولين يتوقعون تجريد الوظيفة من صلاحياتها، والتي كانت قد منحت هيلي مقعداً على طاولة فريق الأمن القومي، الفريق الأبرز للرئيس.
ففي غضون عامين، تحوّلت هيلي، السفيرة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة، من واحدة من أكثر الأصوات السياسية الخارجية تأثيراً في إدارة ترامب، قادت دبلوماسية قوية غير متوقعة دفعت الصين إلى فرض عقوبات قاسية على كوريا الشمالية، إلى ما تشبه "البطة العرجاء"، في كل من واشنطن ونيويورك، بحسب ما تصفها "فورين بوليسي".
Twitter Post
|
وذكّرت المجلة بأنّ هيلي، وخلال الأسابيع الأخيرة من ولايتها، خاضت، وخسرت، معارك لمنع تعيين المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، ومبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى منطقة البحيرات الكبرى في أفريقيا، وهو المنصب الذي شغل لأول مرة من قبل دبلوماسي صيني هو هوانغ شيا.
وفي هذا الإطار، يقول ستيفن بومبير، مدير البرنامج الأميركي في "مجموعة الأزمات الدولية"، لـ"فورين بوليسي"، إنّ "النكسات الأخيرة أبرزت إلى أي حد باتت الولايات المتحدة تفقد قوتها أمام المنافسين في المؤسسات الدولية. مستشارو ترامب للسياسة الخارجية، الذين اتخذوا قراراً بـ(التراجع الصائب) من السياسات الدولية المشتركة والتعددية، وجدوا الآن أنّ الملعب بات ساحة مفتوحة أمام المنافسين. الآن عليهم أن يرسموا طريقة لاستعادة بعض هذه الأرضية".
وفي السياق، يرى ريتشارد غوان، الخبير في جامعة الأمم المتحدة، لـ"فورين بوليسي": "كلما طالت مدة عدم وجود سفير هنا، كلما سيكون هناك شعور بالتراجع الأميركي، وكلما سُخّر هذا الأمر لصالح قوى أخرى؛ مثل الصين وروسيا، الذين أخبروا دبلوماسيين آخرين بأنّ الولايات المتحدة غادرت الساحة، وحان الوقت لإعادة تقويم التحالفات في نيويورك".
وأضاف أنّ "بولتون كان هو المسؤول عن موقف الإدارة الأميركية بشأن السياسات المتعددة الأطراف منذ أوائل عام 2018. طالما أنّك وضعت بولتون في البيت الأبيض بواشنطن، فإنّ أي شخص سيمثّل الولايات المتحدة في الأمم المتحدة سيبقى تحت ظله".
وأوضح غوان: "حظيت هيلي بفرصة أداء مذهلة مبكراً إلى حد كبير في عام 2017، لأنّه لم يكن هناك أي شخص آخر يرسم السياسة الخارجية للولايات المتحدة. أعطى نجاح هيلي المبكر الانطباع الخاطئ عن مدى الأهمية التي يحظى بها هذا المنصب في هذه الإدارة".
هذا ولم يستجب البيت الأبيض إلى طلب التعليق من قبل "فورين بوليسي" على تقريرها هذا.