وقال مساعد الرئيس الجزائري (المكلف بمهمة في رئاسة الجمهورية) محمد لعقاب، للتلفزيون الجزائري الرسمي، إنه يتوقع أن يتم الانتهاء من إعداد النسخة النهائية قبل 30 يونيو/حزيران ليعرض مشروع تعديل الدستور في وقت لاحق للاستفتاء الشعبي.
وكشف المسؤول في الرئاسة الجزائرية أن اللجنة التقنية التي تم تركيزها في الرئاسة لاستقبال الردود حول مسودة الدستور، استقبلت أكثر من ألف رد من مجموع 1500 جهة وجهت إليها الرئاسة نسخا من المسودة، توجهت بها أحزاب وشخصيات ومنظمات المجتمع المدني، تضمنت ملاحظاتها حول المسودة ومقترحات لتعديلها.
وأشار لعقاب إلى أن استقبال الردود سيتواصل حتى 20 يونيو/حزيران الجاري، إذ ستتولى اللجنة الدستورية المكلفة من قبل الرئيس عبد المجيد تبون مراجعتها وتضمين ما يتوجب فيها، قبل تسليم المسودة النهائية إلى الرئيس تبون وعرضها على المناقشة في البرلمان أو على الاستفتاء الشعبي مباشرة.
وكانت رئاسة الجمهورية قد طرحت بداية شهر مايو/ أيار الماضي مسودة التعديلات الدستورية، بعد إرجاء ذلك منذ شهر مارس/ آذار الماضي بسبب الأزمة الوبائية وانتشار كورونا.
ووجهت الرئاسة نسخا منها إلى كل القوى السياسية والمدنية والنقابات والشخصيات الوطنية، وتضمنت المسودة إصلاحات سياسية أبرزها تعيين نائب لرئيس الجمهورية، ودسترة الحراك الشعبي، والسماح لقوات الجيش بالقتال في الخارج بعد موافقة البرلمان.
وأعلنت الرئاسة أن هذه المسودة أولية وقابلة للتعديل والزيادة والحذف، قبل أن تتم إعادة صياغتها مجددا، وطرحها لاستفتاء دستوري في غضون شهرين.
وذكر لعقاب أن أحزابا معارضة وشخصيات بارزة من الحراك الشعبي أبدت تجاوبا مع مسودة الدستور وقدمت مقترحات قيمة لإثرائها، مشيرا إلى أن الجدل القائم حول المادة الرابعة، التي جعلت من الأمازيغية لغة وطنية ورسمية ونقلتها إلى صف المواد الصماء التي لا يمكن مسها بأي تعديل مستقل، يستهدف تحييد عناصر الهوية الوطنية وإبعادها عن المساومات السياسية والاستغلال الحزبي.
انتقادات لاذعة للمسودة
وتحتاج مسودة الدستور الحالية إلى تعديلات عميقة، حيث أبدت مجموع القوى السياسية والمدنية، بما في ذلك تلك المعتدلة في مواقفها إزاء السلطة، مواقف رافضة لها وخيبة أمل كبيرة من مضمونها مقارنة مع التطلعات السياسية والشعبية.
ووصفت حركة "مجتمع السلم" (إخوان الجزائر) التعديلات بأنها "بعيدة عن الطموحات المرجوة ولا تعبر عن طموحات الشعب والحراك"، وذات "توجه شعبوي" يؤدي إلى التضييق على الأحزاب ويمنح الرئيس سلطات أكبر.
بدوره، وصف تكتل "قوى البديل الديمقراطي"، الذي يضم أحزابا تقدمية، أبرزها "جبهة القوى الاشتراكية"، التعديلات الدستورية بأنها "ضد إرادة غالبية الجزائريين وانفرادية تكرس ثقافة الاستبداد وتستبعد الشعب عن اختيار مستقبله".
وأعلنت "جبهة العدالة والتنمية"، التي يقودها عبد الله جاب الله، عن خيبة أملها في المسودة، كما اعترض حزب "العمال" اليساري في الجزائر على مسودة الدستور، واعتبر أن "محرري التعديلات هدفهم إدخال تعديلات سطحية لن تغير قطعا الطبيعة الرئاسية للنظام".
ورأت "حركة البناء الوطني" أن المسودة الدستورية المطروحة لا تعكس "روح ومضامين الحراك الشعبي في الانتقال الحقيقي بالجزائر إلى ديمقراطية مستقرة ومؤسسات سيدة وسلطات مستقلة، بما يستوعب التطورات السياسية المتعددة في جزائر ما بعد الحراك".
وفي السياق نفسه، أعلنت أحزاب فتية انبثقت من حراك فبراير، كـ"حركة عزم"، اعتراضها على مسودة التعديلات الدستورية التي طرحتها الرئاسة وطالبت بسحبها من ساحة النقاش "بسبب تعارضها مع مطالب ثورة 22 فبراير الماضي".
ووصف "حزب المسار" -قيد التأسيس- التعديلات "بالمستعجلة وتكرّس الاستمرارية ولا تأخذ في اعتبارها ما أفرزته الأحداث منذ 22 فبراير".