انتهت جولة المباحثات الأخيرة بشأن سدّ النهضة الإثيوبي في العاصمة السودانية الخرطوم، على مستوى وفود فنية وقانونية من مصر والسودان وإثيوبيا، بفشلٍ جديد على صعيد التوصل إلى حلٍّ للأزمة، وذلك على حدّ تعبير مصادر مصرية وسودانية خاصة تحدثت لـ"العربي الجديد"، في وقت عكس فيه "ارتياحٌ" مصري غير معهود إمكانية اعتماد القاهرة على تدخل طرفٍ خارجي، ليس مستبعداً أن يكون إسرائيل، بحسب مصدر مصري.
وقالت المصادر المصرية والسودانية إن مباحثات الخرطوم الأخيرة فشلت في التوصل إلى تفاهمات، أو تقارب بين الوفود الثلاثة بشأن النقاط الخلافية، بل على العكس حصل تباعدٌ كبير في المواقف أخيراً، على الرغم من التدخل الأميركي. وأكدت المصادر، في هذا الإطار، أن البيان الصادر عن اجتماع واشنطن الأخير (عقد منتصف يناير/ كانون الثاني الحالي) لم يكن إلا ترحيلاً للأزمة، بعدما فشلت الإدارة الأميركية والبنك الدولي في المساعدة للتوصل إلى حل، على الرغم من تقديم الولايات المتحدة مقترحاً وتصوراً لذلك، متعلقاً بأطرٍ فنية خاصة بعمليتي ملء السد وتشغيله.
وبحسب المصادر المصرية التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن ما تعلنه إثيوبيا من مواقف، سواء في الإعلام أو في وجود المراقبين الدوليين، أو تلك التي تطلع عليها القوى الإقليمية وسفراء الدول الأجنبية خلال الاجتماعات المختلفة، بعيدٌ تماماً عما تُظهره من مواقف خلال جلسات التفاوض المغلقة التي تُعفَد بمشاركة أطراف الأزمة أو على أرض الواقع.
وبحسب مصدرٍ مصري خاص، هناك ارتياح مصري على غير العادة، على الرغم مما يلوح في الأفق من تأزمٍ في المشهد، مرجحاً اعتماد القاهرة على تدخل طرفٍ خارجي وصفه بـ"الحاسم" خلال الفترة المقبلة، إذا ما استمر التعنت الإثيوبي.
وحول هوية ذلك الطرف، وما إذا كان يتمثل بإسرائيل من خلال ما تملكه من علاقات وتأثير قوي بأديس أبابا، عبْر تفعيل اتفاق يقضي بنقل مياه النيل إلى الأراضي المحتلة عبر سيناء، قال المصدر وثيق الصلة بملف الأزمة إن ذلك "ليس مستبعداً، بل من الوارد جداً". واعتبر أن "المشهد بتعقيداته الحالية، لن يحسمه إلا تدخلٌ قوي وحاسم، سواء أكان تدخلاً عسكرياً، أم سياسياً من قبل أطرافٍ تملك أوراق ضغطٍ قوية".
وأوضح المصدر أنه "بالطبع، في حال اللجوء إلى إسرائيل للمساعدة على حلّ الأزمة، سيكون ذلك عبر التمهيد بمراحل عدة، حتى يُكشَف عن دور رسمي لها لإنهاء الأزمة". لكنه رأى أنه "في كل الأحوال، لن يكون ترديد اسم إسرائيل في الأزمة صعباً، خصوصاً على الشارع المصري، في ظلّ إعلان القاهرة أخيراً وجود تعاون وثيق مع تل أبيب في ملف الطاقة وبدء تفعيل اتفاق استيراد الغاز الإسرائيلي".
وأوضح المصدر أن نقل مياه النيل إلى الأراضي المحتلة "مخطط قديم تسعى إليه إسرائيل منذ فترة طويلة، لكنه كان مستحيل التحقيق خلال فترات سابقة"، مشيراً إلى أن "دوائر إسرائيلية باتت ترى أن هذا الحلم أو المخطط بات قريب المنال في الوقت الراهن، أو على الأقل خلال مرحلة قريبة مقبلة، في ظلّ التعثر المصري، والنهج الذي تتبعه أديس أبابا لفرض رؤيتها".
وكانت تقارير متعددة صدرت نهاية العام الماضي، قد أكدت تزويد إسرائيل الحكومة الإثيوبية بمنظومة دفاع جوي متطورة، نُصبَت في محيط سدّ النهضة، للرد على التلويح بأي أعمال عسكرية قد تستهدفه.
ويأتي الفشل الأخير في مفاوضات السد خلال جولة الخرطوم، ليؤكد النيات الإثيوبية بشأن المماطلة، وخصوصاً في ظل صدور تعليمات جديدة من رئيس الحكومة الإثيوبية آبي أحمد للشركات الأجنبية والمقاولين المحليين العاملين في إنشاءات السد، بالتسريع من وتيرة العمل وتقديم جداول زمنية جديدة تتضمن معدلات إنجاز وتنفيذ أسرع، لفرض أمر واقع جديد.