ويأتي اهتمام السودانيين بالرجل باعتباره المحرك لخيوط السلطة في السودان، بعدما أثير أخيرًا عن كونه اللاعب الأساسي في الحكم في البلاد، فضلًا عن كونه مفتاح علاقات السودان بدول الخليج.
وتعددت الأسباب التي تم تداولها بشأن مدير مكتب الرئيس عمر البشير، بينها ضلوعه في صفقات فساد، فضلًا عن الزج باسمه في الأزمة الأخيرة بين دول الخليج وقطر، بمزاعم تسريبه معلومات ووثائق ارتكزت عليها السعودية والإمارات ودول عربية أخرى في اتهامها قطر بدعم الإرهاب.
وساهم غياب الرجل عن المشهد السياسي في السودان، في نشر مزاعم الإقالة، إذ كان متنقلًا بين السعودية والإمارات طيلة الأيام الماضية، والتي سبقت إعلان بعض دول الخليج قطع علاقاتها مع قطر، قبل أن ينهي رحلته الخارجية، ويصل البلاد اليوم.
وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن لوبيات، وجهات خارجية، تقف خلف ما أثير بشأن إقالة طه، بالإضافة لأطراف داخلية غاضبة من خطوة الخرطوم بقطع علاقاتها مع إيران، ومن موقف السودان المحايد تجاه أزمة الخليج، إذ ترى ضرورة الاصطفاف إلى جانب قطر في الأزمة.
إلى ذلك، قطعت مصادر حكومية بقرار إقالة طه، لكنها أكدت أنه لن يتم التنفيذ في الوقت الحالي، بالنظر لارتباط الرجل بملف الخليج، وما يمكن أن يرسله قرار الإقالة من إشارات سلبية للسعودية والإمارات، في هذا التوقيت.
وسبق أن تسربت ضد مدير مكتب البشير وثائق تؤكد ضلوعه في ملفات فساد، كما ارتبط اسمه بعملية إبعاد الإسلاميين عن السلطة، فضلًا عن دوره في إقالة مدير جهاز الأمن السابق، صلاح عبدالله قوش، والذي شكل إبعاده مفاجأة للشارع السوداني، بالنظر لقوة ونفوذ الرجل في
السلطة. وراج وقتها أن طه أسهم بوشاية للرئيس البشير في إقالة الرجل، وإبعاده عن منافذ القرار، إلى أن قبع في السجن بتهمة محاولة قلب نظام الخرطوم في عام 2012.
ويعتبر طه شخصية مثيرة للجدل، إذ ظهر بشكل واضح في الساحة السودانية، وضخمت مهامه، رغم وظيفته التنفيذية، وأصبح مبعوثًا رئاسيًّا للبشير، يجوب عددًا من الدول العربية والأفريقية والغربية، ويلتقي بمسؤولين غربيين وعرب إنابة عن البشير. ويعد واحدًا من اللاعبين الأساسيين في تحسين علاقة السودان بالدول الخليجية، لا سيما السعودية والإمارات، كما حصل الرجل على الجنسية السعودية في وقت سابق.
وللرجل مكانة بين ملوك وأمراء الخليج، ويتمتع بصداقات شخصية مع كثير منهم، خاصة في الإمارات والسعودية، كما لعب أدوارًا مهمة في توفير الأموال لخزينة الدولة في أصعب أوقاتها.
عُيّن طه مديرًا لمكتب الرئيس في عام 2008، واختير في التعديل الوزاري الأخير وزيرًا للدولة برئاسة الجمهورية، إلى جانب منصبه كمدير لمكتب الرئيس.
ويعتبر من الشخصيات التي تحوز على ثقة البشير، وخزان أسراره. ويرى بعضهم أن قربه من البشير، وتمدده في السلطة، خلق له أعداء يتربصون به من حين لآخر، يكيلون له الاتهامات ويبرزون وثائق لاغتيال شخصيته.
كذلك يرى بعضهم أن طه لعب دورًا كبيرًا في قطع العلاقات السودانية الإيرانية، إلى جانب دوره في مشاركة السودان في عاصفة الحزم لإعادة الشرعية في اليمن، والرجل نفسه في حوار سابق أكد أن الرئيس البشير اقترح على الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، حسم تمدد الحوثيين في اليمن. كذلك ساهم طه في مد علاقات الرياض بالدول الأفريقية، بتوجيهات من البشير، إذ أكد في الحوار ذاته أن الرئيس البشير رتب زيارات لأربعين من الرؤساء الأفارقة للسعودية.
وفي هذا السياق، يؤكّد الخبير السياسي، والقريب من القصر الرئاسي، محمد لطيف، أن طه يعتبر أقرب الشخصيات للرئيس البشير، والمبعوث الرئاسي المكلف بالمهام الصعبة. ويوضح أن "هناك من يرى أن طه يتجاوز مهامه واختصاصاته إلى مهام أخرى، كالخارجية والمالية".
ويشير المتحدث إلى أنّ "طه يُعد مفتاح علاقة البلاد مع الخليج. وبقدر ما هو رجل السودان في تلك الدول، يوصف أيضًا برجل الخليج في السودان".
ويرى لطيف أن ما يثار حول إقالة طه مجرد شائعات، مستبعدًا تمامًا اتخاذ أي إجراء في مواجهة الرجل، ويقول "الآن ثمة ظرف دقيق يعيشه السودان الذي يحاول أن يوازن علاقاته مع دول الخليج وقطر، وأي إجراء في مواجهة طه يؤثر في علاقة البلاد بتلك الدول".
ويتابع "بحسب المعلومات، سبب غياب طه عن البلاد يعود لجولة يقوم بها بين السعودية والإمارات، للتشاور حول ما يمكن أن يقدمه السودان لحل الأزمة الحالية بين دول الخليج. كما أن البشير على اتصال دائم بالرجل".