وقال مساهل إن "روح التفاؤل تسود أوساط الليبيين، وردود أفعالهم بشأن الدعوة للتوحد تحت مظلة سياسية واحدة كانت جيدة"، وأضاف أنه كان هناك "قبول لمبدأ الحوار الليبي الليبي". غير أن أحد المقربين من حفتر قال لـ"العربي الجديد"، إنه "حرص على استقبال مساهل استقبالا عسكريا بكل تفاصيله، وهي عادة لم يتبعها سابقا، في رسالة واضحة أنه لا يعتمد سوى السلاح حلاّ". وردّاً على دعوة مساهل للانضواء تحت مظلة مدنية سياسية، أصرّ حفتر "بأنه منشغل في قيادة محاربة الإرهاب، وأن أمور السياسة من المبكر الحديث عنها".
وعلى الرغم من شيوع أنباء عن نجاح مساهل في إقناع رئيسي مجلسي النواب والدولة، عقيلة صالح وعبد الرحمن السويحلي، بالجلوس معا في العاصمة الإيطالية روما اليوم، إلا أن زيارته إلى مصراته، قطب الصراع والمدينة الأكبر سياسيا وعسكريا في غرب البلاد، بدت صادمة له، فحالما هبطت طائرة مساهل في مطار مصراته فوجئ بمظاهرة عارمة منددة بالمجلس البلدي للمدينة وشعارات ترفض أن يكون رئيس المجلس البلدي للمدينة، محمد أشتيوي، ممثلاً لها، وهو الذي كان يستقبل مساهل في تلك الآونة، ليكتفي الأخير بلقاءات عابرة في أحد الفنادق القريبة من المطار وتحويل وجهته إلى طرابلس.
وتعيش مصراته على وقع انقسام كبير منذ أكثر من شهر بين المجلس البلدي الداعم للاتفاق السياسي ومخرجاته، وحراك يقوده المجلس العسكري للمدينة لرفض تمثيل المدينة على طاولة حوار تجمعها باللواء "حفتر"، الذي يقاتل قواتها (القوة الثالثة) بالجنوب الليبي.
وعلى الرغم من نهاية الزيارة الجزائرية التي لقيت اهتماماً دولياً ومحلياً، إلا أن شكل المبادرة الجزائرية لم يتضح حتى الآن، ما يطرح سؤالاً حول ما إذا كانت ضمن مساعي دول الجوار الثلاث، التي عرفت باسم "المبادرة الثلاثية"، أم أن الجزائر ستذهب باتجاه حل آخر للأزمة الليبية، وهو ما يرجحه مراقبون للشأن الليبي.
لكن ما رشح حتى الآن عن مضمون الحل الجزائري، قد يتوافق مع تصريحات المبعوث الأممي لدى ليبيا، مارتن كوبلر، بشأن إمكانية التعديل على الاتفاق السياسي، حيث اقترح مساهل، بحسب مصادر مقربة من حفتر، تقليص حجم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق وتشكيل حكومة جديدة والعمل على إنشاء مجلس أعلى يتشارك حفتر رئاسته مع رئيسي البرلمان والمجلس الأعلى صالح والسويحلي.
وكان كوبلر قد حدد نقاط الاختلاف بين الأطراف الليبية أثناء مقابلة له مع فضائية الجزيرة، بالقول إن "التعديلات التي يراها الليبيون ضرورية باتفاق الصخيرات هي مسألة تشكيل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بـ3 أعضاء بدلاً من 9، ودور الجنرال خليفة حفتر ومسألة تسلسل القيادة للجيش الموحد وفصل المجلس الرئاسي عن رئاسة الوزراء".
ويرى محللون أن رؤية دولية بشأن ليبيا بدأت في التبلور، وأن الجزائر بدت الشريك الأساسي والمقبول من كل الأطراف المحلية والدولية بسبب عدم انحيازها وحيادها حيال الملف الليبي، فعديد من المسؤولين الممثلين لدول كبرى في العالم عقدوا لقاءات موسعة مع ساسة الجزائر أخيراً.
ويبدو أن الحراك الجزائري المدفوع برغبة دولية، سيكون الأكثر فاعلية في كشف العثرة الحقيقية أمام التوافق الليبي، فلا يزال البرلمان يماطل في تكوين لجنة حوار من المفترض أن تتألف من 15 نائبا مقابل 15 آخرين من المجلس الأعلى للدولة. كما أن الجنرال المتقاعد دفع بقواته، اليوم الجمعة، للاستمرار في قصف قاعدة تمنهنت، في الجنوب الليبي، في رسالة ضمنية لرفضه مبدأ الحوار ومنطق المفاوضات من أجل التسوية.