وأكّد مصدر مقرّب من عبدالمهدي لـ"العربي الجديد"، أنّ الأخير "جزع" من الخلافات السياسية وعدم التوصّل لاتفاق، "ويبدو أنه لم يكن يتوقع أنّ الأمر سيشتد عليه لهذه الدرجة، فقد حصل على وعودٍ كثيرة بمنحه الحرية الكاملة لاختيار وزرائه الجدد في الحكومة، ولكن مع أولى خطواته، فوجئ بأنّ لهجة الأحزاب وقادتها تبدلت وتحوّلت، ومن ضمن هؤلاء زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الذي أعطى الحرية لعبد المهدي في البداية، ثم حاصره برفضه لمرشحين لبعض الوزارات".
وأشار المصدر، إلى أنّ "الخلافات ما زالت مستمرّة بين الكيانات السياسية بشأن المرشحين، ومن المحتمل أن يقدّم عبد المهدي تكملة تشكيلته الوزارية ناقصة، في حال عدم اتفاق الكتل على وزارات الداخلية والدفاع، بالإضافة إلى العدل التي تطالب بها الأحزاب الكردية (الاتحاد الوطني الكردستاني)".
وأوضح المصدر أن "تحالف الفتح (الذي يتزعمه هادي العامري) وكتلة عطاء (التي يتزعمها فالح الفيّاض)، يمثلان أكبر عقبة حالية في طريق عبدالمهدي لحسم أمر حكومته، إذ ما يزال الفياض هو أبرز المرشحين، وقد يكون الأوحد، في جلسة اليوم لمنصب وزير الداخلية، وهو ما سيرفضه تحالف سائرون (أكبر كتلة برلمانية)". وتابع المصدر أنّ "عبدالمهدي أبرق خلال الأيام الماضية للفتح بضرورة توفير اسمين آخرين إلى جانب اسم الفياض، وجاء الردّ إيجابياً، ومن المحتمل أن يكون وزير الداخلية الحالي قاسم الأعرجي ضمن المرشحين للمنصب"، لافتاً إلى أنّ "خلاف الكيانات السياسية السنّية على منصب وزير الدفاع، هو الآخر عقبة، وأبرز المتمسكين بالمنصب، هو ائتلاف الوطنية بقيادة أياد علاوي، الذي يرفض التسويات الحالية".
وفي السياق، قال سكرتير الحزب الشيوعي العراقي وعضو تحالف "سائرون" رائد فهمي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "وزارتي الداخلية والدفاع تمثلان حلقة النزاع وعدم الاتفاق بين الكيانات السياسية، ولا نعرف حقيقة ما إذا توصّل عبدالمهدي خلال الأيام الماضية إلى حلول للأزمة أم لا"، مشيراً إلى أن "رئيس الحكومة أمام تقديم الأسماء المتفق عليها عدا الوزارات الأمنية، أو تقديم ورقته كاملة، لحسم الأمر. وعليه إذا فعل ذلك، أن يتحمّل النتائج، إذ ما تزال كتلة عطاء متمسّكة برئيسها (فالح الفياض) للداخلية، وكتلة ائتلاف الوطنية بالدفاع، وهذا التمسّك قد يؤدي إلى فشل جلسة اليوم". وأوضح فهمي أنه "إذا كانت المواقف متشددة، فقد يحسم الأمر عبر التصويت السرّي في البرلمان".
من جانبه، بيَّن عضو تحالف "الفتح" حنين قدو، أنّ "جلسة اليوم قد تستمر حتى الغد، لأنها قد لا تُفضي إلى نتيجة، لكن يمكن القول إن عبدالمهدي حالياً في المراحل الأخيرة من إنهاء ملف حكومته وإكمال التشكيلة، بما في ذلك وزارتا الداخلية والدفاع"، لافتاً في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إلى أن "أعضاء مجلس النواب إذا شعروا بأنهم لن يتمكنوا عبر التصويت العلني من حسم ملف المرشحين الجدليين، ومنهم فالح الفياض، فسيطالبون رئيسهم بالتصويت السرّي، الذي يعتبر أحد الآليات الفعالة".
ويتفق القيادي في "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، ماجد شنكالي مع قدو، في احتمال أن "تستمر جلسة اليوم إلى الغد، لكونها أهم الجلسات، ومن المفترض أن تكون الحاسمة لملف التشكيلة الوزارية". وقال شنكالي في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الأجواء السياسية الحالية تتطلّب إكمال الحكومة العراقية، وعبدالمهدي اليوم في وضع حرج، إذ إن الواقع العراقي لا يحتمل تأخيرا، وهناك أزمات إنسانية تحدث وكان آخرها جراء السيول التي اجتاحت مناطق في البلاد ما أسفر عن استشهاد عراقيين. فضلاً عن التهديد الأمني على الحدود العراقية السورية، بالإضافة إلى الغضب الشعبي في الجنوب، وهبوط أسعار النفط، كل هذا يستدعي الإسراع بحسم ملف الوزارات الشاغرة"، موضحاً أنّ "قضية الاستحقاقات الانتخابية هي حق للكيانات السياسية، ولا تعبّر عن مشكلة، ولكن المشكلة تكمن في كيفية اختيار وتقديم أسماء وشخصيات، قادرة على شغل منصب وزاري مهم".
وتابع شنكالي بالقول، إنّ "الأحزاب الكردية ظُلمت بشأن حصتها من الوزارات، إذ كان من المفترض أن تكون الحصة أربع وزارات، ولكنها أصبحت ثلاثا"، مبيناً أنّ "المكوّن الكردي ما زال له وزارة في تشكيلة عبدالمهدي، ومن المحتمل أن تكون وزارة العدل التي يريدها حزب الاتحاد الوطني".
إلى ذلك، رأى المراقب للشأن العراقي محمد عماد، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "عبدالمهدي لن يأتي إلى مجلس النواب، إلا بعد الاتفاق مع الكتل السياسية، خصوصاً مع سائرون والفتح، بشأن ما تبقى من وزارات شاغرة"، مضيفاً أنّ "قدومه بدون أي اتفاق مع هذه القوى، يعني أنّ تكملة تشكيلته الوزارية لن تمرّر، وحتى إن حصل هذا التوافق والاتفاق مع عبدالمهدي، فإنّ الأخير لن يقدّم الوزارات الثماني، بل سيقدم 5 أو 6 وزارات، لأن الاختلاف ما زال مستمراً على الدفاع والداخلية والعدل". وبيّن عماد أنّ "جلسة اليوم هي عبارة عن فرض إرادات بين الأحزاب وليس أكثر من ذلك، أو كما يسميها العراقيون (كسر خشوم). وفي حال رشّح عبدالمهدي، فالح الفياض لحقيبة وزارة الداخلية، فهنا سيكون صراع إرادات بين تحالف الصدر وشركائه وتحالف الفتح وحلفائه، وهذا أمر مستبعد".