تؤكد شبه النتائج الرسمية للانتخابات العامة في إسرائيل، بعد فرز وإعلان أكثر من 97% من الأصوات الصحيحة، وتوزيع مقاعد الكنيست على الخريطة الحزبية، أنّ رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو، يخطو نحو تشكيل حكومته الخامسة.
وحصد حزب "الليكود" برئاسة نتنياهو، في الانتخابات البرلمانية، الثلاثاء، 35 مقعداً، فيما خسر معسكر اليمين بقيادة خصمه الجنرال بني غانتس، الفرصة لبناء كتلة مانعة من 61 مقعداً، تحول دون تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة القادمة.
وبيّنت النتائج أنّ معسكر اليمين بقيادة نتنياهو، يحصل على 65 مقعداً من أصل 120 مقعداً، مقابل 55 مقعداً للمعسكر المضاد؛ منها 10 مقاعد للقائمتين العربيتين: الجبهة والعربية للتغيير وتحالف التجمع والقائمة العربية الموحدة، واللتين لا تحسبان في معسكر الوسط، وتعتبران خارج أي كتلة حاسمة ضد نتنياهو.
وكانت مفاجأة الانتخابات عملياً، في ترسيخ حزبين كبيرين، يملك كل منهما 35 مقعداً، حصدها كل منهما، أي "الليكود" بقيادة نتنياهو، و"كاحول لفان" بقيادة غانتس، على حساب الأحزاب الصغيرة التي تدور في فلكهما.
فقد تحطّم حزب "العمل" الذي كان يملك 24 مقعداً، وحصل على 6 مقاعد فقط لتذهب بقية مقاعده لحزب "كاحول لفان". أما في اليمين فقد تراجع حزب "البيت اليهودي"، وحصل في تحالفه الجديد مع حزب "عوتصماه يهوديت" و"إيحود لؤومي" على 5 مقاعد فقط، بعد أن كان يملك 8 مقاعد في الانتخابات الماضية. كما تراجع حزب "كولانو" بقيادة موشيه كاحلون، من 10 مقاعد إلى 4 مقاعد فقط.
وبخصوص الأحزاب العربية، ومع أنّها حصلت على عشرة مقاعد، إلا أنّ ذلك يشكّل ضربة وتراجعاً لتمثيل الفلسطينيين في الداخل من 13 مقعداً كانت للقائمة المشتركة للأحزاب العربية، إلى 10 مقاعد للقائمتين العربيتين، بفعل استياء المجتمع الفلسطيني من شق القائمة المشتركة للأحزاب العربية، بعد انسحاب عضو الكنيست أحمد طيبي منها بشكل رسمي، في 16 يناير/كانون الثاني الماضي، مطالباً بمزيد من المقاعد لحركته، في محاولة لابتزاز الأحزاب العربية.
وقد اضطرت قائمة الجبهة، في الساعة الأخيرة من تقديم القوائم رسمياً، في 21 فبراير/شباط الماضي، إلى التحالف مع حركة أحمد طيبي، مقابل منحه موقعين مضمونين في المواقع الستة الأولى على لائحتها، خوفاً من عدم اجتيازها نسبة الحسم، ورفضها البقاء ضمن القائمة المشتركة بعد انسحاب طيبي منها، وبقاء ثلاث مركبات فيها.
وانعكست حالة التذمر في المجتمع الفلسطيني، بنسبة إقبال ضعيفة على صناديق الاقتراع، حتى ساعات المساء الثلاثاء، مما دفع الأحزاب العربية لإطلاق نداءات الساعات الأخيرة، لرفع نسبة التصويت عند الفلسطينيين في الداخل، خاصة بعد أنّ بدأ أقطاب اليمين الإسرائيلي يجاهرون بوجوب إسقاط قائمة عربية لضمان بقاء "الليكود" في الحكم.
إسرائيلياً، أعلن نتنياهو، منذ الليلة الماضية، حتى قبل إعلان النتائج الرسمية، أنّه بدأ اتصالات مع حلفائه "الطبيعيين"، في إشارة لأحزاب "الحريديم" التي تعززت قوتها، وارتفعت حصيلتها إلى 16 مقعداً (بواقع 8 مقاعد لحركة "شاس" ومثلها لـ"يهدوت هتوراة").
كما أجرى اتصالات أولية مع تحالف أحزاب اليمين الديني بقيادة رافي بيرتس، زعيم "البيت اليهودي". وأعلن موشيه كاحلون بدوره أنّه أبلغ نتنياهو بقراره تزكيته وترشيحه عند رئيس الدولة، لتكليفه بتشكيل الحكومة القادمة.
ومن المقرر أن يبدأ الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، الأسبوع المقبل، مشاورات رسمية يلتقي فيها بقادة الكتل الممثلة في الكنيست، لحسم هوية المرشح الأفضل لتشكيل الحكومة القادمة. وفي ظل ميزان القوى الجديد سيسعى نتنياهو إلى محاولة تشكيل الائتلاف الجديد، في أسرع وقت ممكن.
ويبدو أنّ نتنياهو سيسعى أيضاً، بحسب ما أعلن النائب الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، إلى إلزام أحزاب الائتلاف الحكومي، بدعم مقترح قانون يمنح رئيس الحكومة حصانة من تقديمه للمحاكمة ما دام رئيساً للحكومة.
ويشكل الملف القضائي المرتقب لنتنياهو، في ظل قرار المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية بتقديم لوائح اتهام ضده بشبهات تلقي الرشاوى والفساد والخيانة العامة، في ثلاثة ملفات مختلفة، التحدي الأكبر الذي سيواجهه في الأشهر القريبة.
وكان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية قرر تقديم لوائح الاتهام، بشرط عقد جلسة استماع مسبقة لنتنياهو في يوليو/تموز، قبل اتخاذ القرار النهائي.