وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أنّ أول مجموعة طيران تضم طائرات "تو-154" وقاذفات "سو-34"، أقلعت من قاعدة حميميم صباح الثلاثاء، وذلك بعد قيام الطاقم التقني بتجهيزها لعودتها إلى مطارات مرابطتها الدائمة في روسيا.
وبث التلفزيون الروسي، صباح اليوم، تقريراً حول تجهيز الطائرات الحربية الروسية للعودة إلى روسيا. ووفقاً للمشاهد التي ظهرت في التقرير، فإن الظلام السائد يدل على أن هذه الاستعدادات بدأت ليلاً، بعد ساعات على صدور الأمر بسحب الجزء الأساسي من القوات.
ويتزامن قرار روسيا بالانسحاب، مع بدء المحادثات السورية في جنيف بين النظام والمعارضة، والتزام أطراف النزاع بالاتفاق الروسي - الأميركي بوقف أعمال القتال بشكل عام، مما يزيد من نقاطها الدبلوماسية، ويضمن لها استمرار حضورها العسكري بقاعدتي طرطوس وحميميم في سورية.
وفي هذا السياق، يرى الأكاديمي والمعارض السوري المقيم في موسكو، محمود الحمزة، أنّ "قرار روسيا بدء الانسحاب من سورية بهذه العجالة جاء بعد إدراكها أن الرئيس السوري بشار الأسد يستغلها، وبصفة خاصة بعد تصريحاته بأنه سيحسم الوضع عسكرياً وتأكيد وزير خارجيته، وليد المعلم، أن الأسد (خط أحمر)".
وأوضح الحمزة، لـ"العربي الجديد"، أن "حادثة إسقاط الطائرة الحربية السورية (ميغ-21) في محافظة حماة، زادت أيضاً من قلق روسيا، لأنها اعتبرت أن السعودية أو تركيا زودت قوات المعارضة بصواريخ أرض - جو".
واعتبر الأكاديمي المعارض أنّ "الروس فعلاً يريدون التخلص من ورطتهم في سورية مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في سبتمبر/أيلول المقبل، ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تقلق القيادة الروسية، كما أن احتمال التدخل البري السعودي - التركي بغطاء غربي سيجعلهم في ورطة حقيقية لا يعرفون كيف يخرجون منها".
ورجح وجود اتفاق ما بين موسكو وواشنطن على تشكيل هيئة حكم انتقالي مع رحيل الأسد بعد عام ونصف العام، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن روسيا تسعى لتحسين علاقاتها مع دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية، لتثبيت إنتاج النفط.
وفي الوقت نفسه، أعرب الحمزة عن دهشته من أن تصريحات بوتين حول الانسحاب من سورية لم تتضمن أي إشارة إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، على الرغم من أن مكافحته للتنظيم كانت الهدف المعلن لبدء العملية في سورية في 30 سبتمبر/أيلول الماضي.
ومع ذلك، تمكنت روسيا من إنهاء عمليتها في سورية بأقل خسائر ممكنة، إذ بلغت خسائرها في الأرواح 4 قتلى فقط، بحسب البيانات الرسمية، وكانت إحدى هذه الحالات انتحاراً، بحسب وزارة الدفاع الروسية.
ومن الناحية السياسية والاقتصادية، يعتبر تدهور العلاقات مع شريك بحجم تركيا أكبر خسارة لروسيا، في ظل الأزمة في العلاقات بين البلدين التي بدأت بعد حادثة إسقاط قاذفة "سو-24" في نوفمبر/تشرين الماضي.
وعلى الصعيد الدولي، استبعدت روسيا احتمال إزاحة حليفها الأسد بالقوة، مثل ما حدث مع العقيد الليبي، معمر القذافي، وفرضت نفسها كقوة دولية لا تستطيع واشنطن تجاهلها.
وعسكرياً، اختبرت روسيا أحدث أسلحتها في ظروف القتال، ومنها صواريخ "كاليبر" المجنحة وغواصة "روستوف على الدون"، والقاذفات الاستراتيجية "تو-160" (البجعة البيضاء) و"تو-95 إم إس"، كما تم نشر منظومة صواريخ "إس-400" بقاعدة حميميم، وهي تعتبر أحدث منظومة للدفاع الجوي في العالم. ونفذ الطيران الروسي خلال فترة العملية في سورية أكثر من 9 آلاف طلعة، بحسب وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.
وأمر بوتين، مساء الإثنين، ببدء سحب الجزء الأساسي من القوات الروسية من سورية، مع استمرار عمل قاعدتي طرطوس وحميميم بشكل طبيعي، معرباً عن أمله أن يسهم هذا القرار في تحفيز العملية التفاوضية.
اقرأ أيضاً: مفاجأة بوتين السورية: الانسحاب يبدأ الثلاثاء