عاد التفاؤل مجدداً إلى أوساط رئيس تكتل "التغيير والإصلاح"، النائب ميشال عون، بإمكانية انتخابه رئيساً للجمهورية اللبنانية في الجلسة المقرّر عقدها في 28 سبتمبر/ أيلول الجاري، عقب تسريبات إعلامية عن إعلان زعيم تيار المستقبل، سعد الحريري، استعداده لانتخاب عون رئيساً نتيجة الاتصالات المستمرة بين الطرفين. غير أنّه تفاؤل لم يدم بعد نفي مصادر "المستقبل" لـ"العربي الجديد"، لذلك.
تلك التسريبات شكّلت هزّة فعلية للأزمة اللبنانية التي وصلت إلى حد تعطيل كل المؤسسات الدستورية وشلّ جلسات هيئة الحوار الوطني بفعل مقاطعة عون لكل ساحات النقاش ومجالس الحكم بدعم من حليفه "حزب الله".
وتشير المعلومات الإعلامية المتداولة إلى أنّ مدير مكتب رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، نادر الحريري، اتصل بعون وأبلغه استعداد كتلة الحريري النزول إلى البرلمان لانتخابه رئيساً للجمهورية، من دون ذكر أي تفاصيل متعلّقة بهذا النقاش والمطالب التي رفعها تيار المستقبل من أجل السير بهذه التسوية.
وفي هذا الإطار، قال مستشار عون، النائب السابق لرئيس البرلمان، إيلي الفرزلي، لـ"العربي الجديد" إنّ "فرص إنجاح التسوية قبل الجلسة المقبلة جدية، وإذا كان الحريري يريد رئاسة الحكومة وإنقاذ البلد فالأمر متاح اليوم بموافقته على انتخاب عون رئيساً، وإلا فالتصعيد مستمرّ، وكذلك الشلل والضغوط السياسية وربما الشعبية".
وأضاف أنّ "التواصل بين عون ومسؤولي المستقبل لم ينقطع، هو تواصل قائم على الرغم من الأزمة والمعركة التي يخوضها الطرفان"، معبراً عن أمله في حلّ الأزمة الراهنة بانتخاب عون وانسحاب الحلّ على باقي المؤسسات الدستورية والحياة السياسية في لبنان.
من جهة ثانية، نفى عضو كتلة المستقبل، النائب أحمد فتفت علمه بالتوصل إلى حلّ بين الحريري وعون، قائلاً إنه "لا يعتقد بأنّ ثمة اتفاقاً على انتخاب عون رئيساً".
كذلك، نفى النائب عن تيار المستقبل، عمار حوري، الموضوع بشكل قاطع مشيراً لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "الاتصال الذي يتم الحديث عنه بين نادر الحريري وعون لا أساس له من الصحة إطلاقاً ونحن ثابتون على مبادرتنا القائلة بترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية وعلى الآخرين التقدّم باتجاهنا".
وفي أجواء تيار المستقبل لا شيء يوحي بأنّ متغيّراً ما طرأ على الساحة الداخلية أو حتى الإقليمية، يمكن له أن يعدّل التركيبة الانتخابية للرئاسة أو يوصل إلى حلّ بين الأطراف المتنازعة محلياً.
وأشارت أوساط المستقبل لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "التواصل بين فريق عون والمستقبل لم ينقطع، تحديداً بين نادر الحريري من جهة ووزير الخارجية وصهر عون جبران باسيل ووزير التربية الياس أبو صعب من جهة أخرى".
وبينت أنّ "هذا الثلاثي ظلّ في حركة اتصالات ولقاءات دائمة"، ولو أنه سبق للحريري أن طرح فكرة ترشيح عون للرئاسة في اجتماع كتلة المستقبل النيابية وووجه بردّة فعل معترضة شبه عامة من قبل النواب وفي المقدمة رئيس الكتلة، رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة الذي يُعتبر زعيم فريق صقور "المستقبل" المعارضين لمهادنة حزب الله وحلفائه، ومن الذين قبلوا على مضض أصلاً بترشيح حليف النظام السوري وحزب الله، النائب سليمان فرنجية للرئاسة".
وسبق للبنانيين أن عاشوا موجة تفاؤل مشابهة في التقارب بين الحريري وعون، قبل سنتين إثر لقاءات تمّت بين باسيل والحريري وثم بين عون والحريري في كل من باريس وروما، لتعود الأمور وتستقرّ على المواجهة وعدم التوافق بين الطرفين.
كما أنه في الأشهر الأخيرة، صعدت بوادر حلّ مرحلية أشارت إلى إمكانية موافقة الحريري على ترشيح عون للرئاسة لفترة محدودة (عام أو عامين) لإرضاء عون، أو حتى إلى حين موعد الانتخابات التشريعية (المفترض إجراؤها منتصف العام المقبل)، إلا أنّ الصيغة الأخيرة تبقى غير منطقية نظراً للفترة الزمنية الفاصلة عن موعد الانتخابات، أي ما يقارب ثمانية أشهر.
وعلى صعيد آخر، قال رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط إنّه لا يرى رئيساً للبلاد في المستقبل المنظور، مشيراً إلى أنّ "من يبتّ في الموضوع الرئاسي هما القوّتان الإقليميتان، إيران وسورية".
ولفت في مقابلة صحفية إلى وجوب عدم التقليل من شأن النفوذ الذي يتمتّع به الرئيس السوري بشار الأسد، مضيفاً أنّ قدرة الأخير على "إفساد الأمور كبيرة، وهدفهم اليوم إخضاع المناطق التي يسيطر عليها الثوار في سورية ويعملون على ذلك تدريجياً بهدف فرض وصاية جديدة على لبنان وربما بمشروط جديدة".
وعبّر جنبلاط، عن أسف للصعوبات التي يواجهها الحريري، مشيراً إلى أنّ "حليفي الأقوى يزداد ضعفاً باضطّراد، وهذا محزنٌ. محزنٌ جدّاً"، في إشارة سلبية إضافية إلى الواقع السلبي الذي يمرّ به تيار المستقبل والمشروع السياسي لآل الحريري.