وقال أكثر من ستة من المسؤولين الحاليين والسابقين، إنّ هذه الحملة التي يدعمها وزير الخارجية مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي جون بولتون، تهدف إلى العمل بالتنسيق مع
حملة ترامب، لتضييق الخناق على إيران اقتصادياً، من خلال إعادة فرض عقوبات صارمة عليها.
وزادت كثافة هذه الحملة، منذ انسحاب ترامب من اتفاق عام 2015 الذي وقّعت عليه سبع دول لمنع إيران من صنع أسلحة نووية.
وقال المسؤولون الحاليون والسابقون إنّ الحملة تصوّر الزعماء الإيرانيين بصورة فظة، مستخدمة أحياناً معلومات مبالغاً فيها، أو تتناقض مع تصريحات رسمية أخرى، ومن بينها تصريحات لإدارات سابقة.
وامتنع البيت الأبيض عن التعليق على الحملة. وامتنعت أيضاً وزارة الخارجية الأميركية عن التعليق على الحملة بشكل محدد؛ بما في ذلك دور بومبيو.
ورفض مسؤول إيراني كبير هذه الحملة، قائلاً، لـ"رويترز"، إنّ الولايات المتحدة حاولت من دون جدوى تقويض الحكومة منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
وقال المسؤول الذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه، إنّ "محاولاتهم ستبوء بالفشل مرة أخرى".
يُذكر أنّ إيران ومجموعة "5+1" (الصين وروسيا وأميركا وفرنسا وبريطانيا إضافة إلى ألمانيا)، أبرمت، في 14 يوليو/ تموز 2015، الاتفاق النووي الذي يلزم طهران بتقليص قدرات برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها.
روحاني لترامب: لا تلعب بالنار
إلى ذلك، حذّر الرئيس الإيراني حسن روحاني، اليوم الأحد، الرئيس الأميركي، متوجهاً له بالقول: "السيد ترامب... نحن رجال الكرامة والشرف، وكافلو أمن الممر الملاحي للمنطقة على مر التاريخ فلا تلعب بالنار لأنّك ستندم".
واتهم روحاني، في كلمته أمام ملتقى أُقيم في طهران بمشاركة رؤساء الممثليات والبعثات الدبلوماسية الإيرانية في خارج البلاد، بحسب ما نقلت وكالة "إرنا" الإيرانية، الإدارة الأميركية الحالية بأنّها "تصارع العالم وتصارع مصالحها الوطنية في آنٍ واحد".
وقال: "لم نشهد من البيت الأبيض حتى الآن ممارسات بلغت هذه الدرجة من انتهاك حقوق الإنسان ومعاداة العالم الإسلامي والشعب الفلسطيني".
وأضاف "ينبغي أن تعلم أميركا أنّ السلام مع إيران هو السلام الحقيقي، والحرب مع إيران هي أم كل الحروب".
ورأى روحاني أنّ وصول ترامب إلى البيت الأبيض "يشكّل تهديداً وفرصة في آنٍ واحد"، معتبراً أنّ "أميركا حشدت كل طاقاتها لمعاداة إيران وإضعافها ولم تصل إلى نتيجة، ووقفت بوجه تقارب أوروبا مع طهران أيضاً بعد التوصل للاتفاق النووي".
وتابع الرئيس الإيراني أنّ بلاده "لعبت دوراً في تحقيق استقرار المنطقة على عكس الولايات المتحدة، فاستطاعت أن تقضي على داعش، بينما دعمت واشنطن التنظيم بالسلاح والمال"، مضيفاً أنّ "نفوذ إيران في المنطقة تاريخي، بينما أصبحت أميركا في عزلة دولية".
ومن ناحية أخرى، أبدى روحاني استعداد بلاده لترميم العلاقات مع دول الجوار، وقال إنّ "السياسة الخارجية الإيرانية في الوقت الراهن تهدف لإصلاح العلاقات مع السعودية والإمارات والبحرين"، مؤكداً أنّ هذه السياسة "ستظل تتبع مبدأ لا شرقية ولا غربية".
ورد الرئيس الإيراني على الانتقادات الداخلية للتقارب الكبير مع موسكو، رغم أنّ ذلك قد يهدد الوجود الإيراني في سورية، وأكد أنّ الأمر "يستند إلى المصالح المتبادلة بين الطرفين"، واصفاً روسيا بأنّها "بلد جار".
وكان روحاني وبعض كبار قادة الجيش قد هددوا بمنع مرور شحنات النفط من دول الخليج إذا حاولت واشنطن وقف الصادرات الإيرانية، وذلك بعدما طلبت واشنطن من الدول الامتناع عن شراء النفط الإيراني، اعتباراً من الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وإلا واجهت عقوبات مالية.
وقال قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري، في بداية الشهر الحالي، إنّه إذا لم تستطع إيران بيع نفطها بسبب الضغوط الأميركية فلن يسمح لأي دولة أخرى في المنطقة بذلك.
ونسبت وكالة "تسنيم" للأنباء إلى جعفري قوله، في 5 يوليو/ تموز الحالي، "سنجعل العدو يدرك أنّه إما أن يستخدم الجميع مضيق هرمز أو لا أحد (سيستخدمه)".
ومضيق هرمز أهم ممر ملاحي لنقل النفط في العالم؛ إذ يمر منه نحو خمس استهلاك النفط العالمي يومياً.
ويمرّ في مضيق هرمز ثلث صادرات العالم من النفط التي تنقل عبر البحار يومياً، وهو يربط الدول المنتجة للخام في الشرق الأوسط بالأسواق الرئيسية في مناطق آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا وأميركا الشمالية وغيرها.
اتهامات بالتخطيط لعمل عسكري
في سياق متصل، قال رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية محمد باقري إنّ لدى بلاده معلومات تفيد بأنّ بعض الأطراف حاولت إجبار الجيش الأميركي على القيام بعمل عسكري ضد إيران، خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية، لكن قادة هذا الجيش وقفوا بوجه ذلك، بحسب قوله.
ونقلت وكالة "فارس" الإيرانية عن باقري قوله، اليوم الأحد، إنّ "مسؤولي الولايات المتحدة لا يصرّحون علناً بوجود تهديد عسكري، لكن إيران تعلم جيداً أنّ الإدارة الأميركية الحالية حاولت إقناع الجيش باتخاذ هذه الخطوة"، داعياً إلى الجهوزية التامة و"التحضير لمواجهة أي سيناريو مقبل".
تركيز على قوة الردع
وفي الوقت الذي يستمر فيه التراشق الإيراني الأميركي، بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، تسعى إيران إلى رفع مستوى قوة الردع، كما فعلت في سنوات الحظر الاقتصادي المشدد عليها بسبب برنامجها النووي.
ويركز المسؤولون الإيرانيون على ضرورة حلحلة مشكلات اقتصاد الداخل، عله يصمد أمام العقوبات الأميركية التي ستعود إليه في أغسطس/ آب ونوفمبر/ تشرين الثاني المقبلين، كما عادوا إلى التركيز على ضرورة تعزيز القوة العسكرية.
وفي هذا الشأن، قال رئيس مجلس الشورى الإسلامي علي لاريجاني، إنّ "قوة الردع الإيرانية ناتجة عن ترميم البنية الدفاعية الداخلية"، مضيفاً، في كلمته الافتتاحية للجلسة البرلمانية العلنية التي عقدت، اليوم الأحد، أنّ إيران "تستطيع تبديل التهديدات والعقوبات الأميركية القادمة إلى فرصة لترميم الاقتصاد الداخلي أيضاً".
ورأى أنّ "ذلك كفيل بمواجهة أميركا التي ستجد في وجهها اقتصاداً مقاوماً"، متهماً واشنطن بأنّها لم تلتزم على الإطلاق بالتعهدات النووية، رغم أنّ تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاثني عشر، أكدت أنّ طهران أنجزت ما عليها.
وأضاف لاريجاني أنّ "الاتحاد الأوروبي توسّل إيران كي لا تخرج من الاتفاق النووي، وألا تتخذ ذات الخطوة الأميركية"، متحدّثاً عن وعود أوروبية لبلاده بضمان تأمين المصالح والمكتسبات بموجب الاتفاق، وهو ما قبله المسؤولون في طهران.
وتابع أنّ "الإيرانيين صبورون وقادرون على الاستمرار بالحوار، لكنهم لن يساوموا على عزّتهم"، حسب وصفه.
وكان المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي قد رفض، في تصريحات، السبت، الحوار مع واشنطن، متهماً إياها بأنّها "ليست أهلاً للثقة"، ملوّحاً هو الآخر بإمكانية إغلاق مضيق هرمز في حال اتخذت أميركا وحلفاؤها قرار منع إيران من تصدير النفط.