زيارة البشير لتركيا: موازنة العلاقات الإقليمية بعد القمة المصرية - السودانية بالخرطوم
يبدأ الرئيس السوداني عمر البشير زيارة إلى تركيا، يلتقي خلالها نظيره التركي رجب طيب أردوغان. وتحمل الزيارة أكثر من دلالة سياسية، خصوصاً أنها تأتي مباشرة بعد قمة الخرطوم التي جمعت البشير والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رغم أن الإعلان عنها ارتبط بافتتاح مطار إسطنبول الجديد.
وأعلنت الإدارة العامة للشؤون الإعلامية في رئاسة الجمهورية السودانية، اليوم الأحد، أن زيارة البشير إلى تركيا، تأتي لحضور افتتاح المرحلة الأولى من مطار إسطنبول الجديد، غداً، بالتزامن مع الذكرى السنوية لتأسيس الجمهورية التركية.
ولفتت الإدارة الإعلامية إلى أن مراسم الافتتاح تأتي بحضور 50 وزيراً للنقل من حول العالم، لافتة إلى أن الوفد المرافق للبشير سيضّم وزير رئاسة الجمهورية، فضل عبد الله فضل، ووزير الخارجية، الدرديري محمد أحمد.
وحول خلفيات الزيارة، اعتبرت مصادر دبلوماسية سودانية أنها تأتي في إطار توازنات السياسة الخارجية السودانية، للحفاظ على العلاقات مع الحلفاء الإقليميين، مشددة على أن تحسُّن العلاقات بين مصر والسودان مؤخراً لا يعني بالضرورة تراجع العلاقات بين أنقرة والخرطوم.
وأشارت المصادر، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن الزيارة تأتي أيضاً ترسيخاً للعلاقات الوطيدة والجيدة التي تربط أنقرة والخرطوم، مؤكدة أن ما يثار حول إمكانية استبدال السودان علاقاته التركية بأخرى خليجية، أو تعظيم أدوار إقليمية أخرى غير الدور التركي، هي فرضية غير صحيحة، مشددة على أن العلاقة بين الجانبين "ترقى إلى درجة التحالف".
وقالت المصادر إن "السودان ليس بلداً تابعاً كي تتجاذبه أهواء القوى الإقليمية"، مؤكدة وجود "استراتيجية ثابتة في إدارة العلاقات والتحالفات الدولية، بما يضمن مصالح الشعب السوداني، ويخدم أهدافه العليا، دون أن تكون الخرطوم في ذلك أداة في يد أي طرف يستخدمها في مواجهة طرف آخر".
وبحسب المصادر، فإن قمة ثنائية ستجمع البشير بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، على هامش الزيارة، وستتناول آخر التطورات في المنطقة.
وكانت زيارة الرئيس التركي إلى السودان في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قد أثارت جدلاً واسعاً ومخاوف لدى التحالف المصري - الإماراتي - السعودي، وقد كانت الأولى لرئيس تركي إلى الخرطوم منذ استقلال السودان في عام 1956، وشهدت توقيع البلدين 12 اتفاقية في مجالات الزراعة والاقتصاد والشؤون العسكرية.
وخلال الزيارة، تمّ الاتفاق كذلك على تأسيس شركة مشتركة بين وزارة الزراعة السودانية والمديرية العامة للشؤون الزراعية التركية، وإطلاق تشجيع للاستثمار الزراعي على مساحة 780 ألفاً و500 هكتار من الأراضي السودانية.
وتأتي زيارة البشير إلى تركيا بعد أيام قليلة من القمة السودانية - المصرية التي عُقدت على هامش الزيارة التي قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الخرطوم برفقة 12 وزيراً، والتي تمّ خلالها التوقيع على مذكرات تفاهم بشأن عددٍ من المشروعات المشتركة، إضافة إلى ميثاق شرف إعلامي يضمن الحفاظ على عدم توتر العلاقات بين البلدين مجدداً، بعد فترة من التراشق المتبادل، الذي أدى إلى سحب الخرطوم سفيرها في مصر مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي، لمدة شهر.
وأكد وزير الإعلام والاتصالات السوداني بشارة جمعة، في تصريحات أعقبت زيارة السيسي الأخيرة، أن المرحلة المقبلة سوف تشهد مزيداً من التشاور والتعاون والتكامل بين مصر والسودان، في ضوء إرادة سياسية قوية لقيادتي البلدين، من أجل تعزيز ذلك التعاون في كل ما من شأنه خدمة مصالح شعبي البلدين الشقيقين، ومصالح دول المنطقة، ودعم أواصر التعاون الأفريقي، خاصة في ضوء تولّي مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الاتحاد الأفريقي في شهر يناير/ كانون الثاني المقبل.