باشر المدعي العام في باريس اليوم السبت، بفتح تحقيق قضائي لتحديد ملابسات مسار التونسي أنيس العامري، المشتبه فيه الرئيسي في اعتداء برلين، والذي قتل على يد الشرطة الايطالية أمس الجمعة. وسيتناول المحققون تفاصيل عبور العامري عبر الأراضي الفرنسية، وكيف وصل إلى مدينة ميلانو، بعد مرور ثلاثة أيام على ارتكابه اعتداء برلين، الذي أودى بحياة 12 شخصاً، وجرح العشرات ليل الاثنين الماضي.
وبات في حكم المؤكد أن العامري مرّ عبر محطة القطارات "بار ديو" في مدينة ليون، ومنها استقلّ القطار إلى مدينة شامبيري الخميس الماضي. ومن هناك اشترى العامري تذكرة أخرى وركب قطار "تي جي في"، في اتجاه مدينة تورينو الإيطالية التي وصل إليها في حدود الساعة التاسعة وخمسين دقيقة ليلاً، ثم استقل قطاراً آخر في اتجاه ميلانو.
وعثر المحققون الإيطاليون على تذاكر القطارات الفرنسية بحوزة العامري، بعد أن أردته الشرطة قتيلاً قرب محطة سيستو سان ديوفاني، عندما أطلق النار على شرطيين إيطاليين أرادا التأكد من هويته.
وتنصبّ التحقيقات حالياً حول آليات المراقبة في محطة القطارات بمدينة شامبيري، وكيفية دخول العامري المحطة وشرائه التذاكر ليستقل القطار من دون أن يخضع لأية عملية تحقق من هويته، خاصة وأن صوره كانت بحوزة أجهزة الشرطة الفرنسية، ونشرتها كل وسائل الإعلام.
وما يزيد الأمر إرباكاً هو أن الأجهزة الأمنية الفرنسية تلقت أمراً من وزير الداخلية برونو لورو غداة اعتداء برلين بتكثيف عمليات المراقبة، على وجه الخصوص في محطات القطارات التي تربطها خطوط بالدول المجاورة ومنها إيطاليا تحديدا. وبحسب التحقيقات الأولية فإن كاميرات المراقبة في محطة شامبيري، أظهرت العامري في أروقة المطار ويستقل القطار باتجاه تورينو.
وتتمحور أسئلة المحققين حول الطريقة التي وصل من خلالها العامري إلى مدينة ليون عبر القطار، وهل مر عبر باريس، وهل استفاد من تسهيلات أو دعم من طرف أشخاص آخرين في فرنسا؟ في وقتٍ تصاعدت فيه الانتقادات حول قصور أمني فرنسي، مكن العامري من الانتقال مسلّحاً بمسدس والتحرك عبر الأراضي الفرنسية، من دون عراقيل رغم الاستنفار الأمني وحالة الطوارئ التي تعيشها البلاد منذ اعتداء 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.
بدوره، أكد مدير المكتب الوطني للقطارات غيوم بيبي في تصريح لإذاعة "إر تي إل"، أن العامري مر عبر محطتي ليون وشامبيري، وأنه لم يتعرض للمساءلة، مشيرا إلى "تواجد رجال أمن بالزي المدني في كل القطارات الرابطة بين فرنسا وإيطاليا".
وشدد وزير الداخلية الفرنسي على ضرورة أن "يحدد المحققون بدقة مسار العامري في التراب الفرنسي" ودعا في نفس الوقت إلى" توخي الحذر بخصوص المعلومات التي تروج في وسائل الإعلام".
من جهته، صرّح المدير العام للأمن الوطني، جان مارك فالكون اليوم السبت، أن "أجهزة المخابرات والشرطة القضائية، تحقق في ملابسات مرور العامري من الأراضي الفرنسية، وأن الأجهزة الفرنسية لم يكن لديها أي ملف حول العامري، قبل ارتكابه اعتداء برلين".