بدأ العد التنازلي للبدء بعملية تهجير أهالي مضايا وبقين والزبداني، والتي كان من المزمع أن تبدأ غدا الثلاثاء، لكن قد يجري تأخيرها، لساعات أو أيام قليلة، إلى حين استكمال الاحتياجات اللوجستية، وذلك ضمن الاتفاق الذي أجراه "جيش الفتح"، والذي تعتبر "هيئة تحرير الشام" التي تضم "جبهة فتح الشام" (النصرة سابقا) عاموده الفقري، في وقت يجد عشرات آلاف المدنيين المحاصرين في هذه البلدات أنفسهم بين خيارين لم يستشاروا أو يشاركوا في وضعهما.
وفي السياق، قال الناشط الإعلامي غيث عيسى، من مضايا، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "كان من المقرر البدء بتنفيذ الاتفاق، بحسب الاتفاق الأوّلي يوم غد الثلاثاء، لكن أعتقد أنه قد يؤجل قليلا"، مبينا أنه "إلى اليوم، لم يصدر أي شيء رسمي عن "جيش الفتح"، غير أن المعلومات الواردة منه تفيد بهذا".
وبيّن أن "عدد المهجّرين من البلدات مفتوح لكل من يريد، ويقدّر عدد الراغبين في الخروج إلى اليوم بأكثر من 3500 شخص، والعدد قابل للزيادة. أما آلية الخروج فمع خروج أول دفعة من مضايا والزبداني وبقين ستخرج مقابلها دفعة من الفوعة وكفريا. والدفعة الثانية من الفوعة وكفريا ستكون مقابل 1500 معتقل من معتقلات النظام، غالبيتهم من النساء. أما الدفعة الثالثة فستكون من الفوعة وكفرية مقابل دفعة من مخيم اليرموك في جنوب دمشق".
وقالت ناشطة مدنية في مضايا، طلبت عدم ذكر اسمها، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "أكثر من 40 ألف مدني محاصرون بشكل مطبق منذ عام 2015، والجميع يتابعنا كأنهم يشاهدون فيلما سينمائيا، يحصون عدد موتانا من الجوع والمرض، وآلام جرحى القصف والقنص المتواصل، ويعجبون بقدرتنا على العيش على وجبة واحدة في اليوم، وكيف نؤمّن ما يمكن إشعاله للطهي أو التدفئة. كل ذلك قمنا به ليس ليتفاخر به أحد، بل لأننا مصرّون على نيل الحرية والكرامة التي خرجنا من أجلها عام 2011، ونعلم أن ثمنها باهظ".
وتتابع: "كنا نناشد فصائل المعارضة والعالم، لكي يتم كسر الحصار وتحييد المدنيين عن الأعمال العسكرية، لا أن يتم وضعنا أمام خيارين لا نطيق أيا منهما، فإما تهجيرنا وهو تهجير قسري، أو وضع أعناقنا تحت سيف النظام، وكل ذلك بحجة وجود مقاتلين، ولا نعلم متى يمكن أن نعود إلى بيوتنا وأرضنا، حتى إننا نجهل ما سيحل بها، وهل سيسكنها غيرنا أم أنها ستعتبر مصادرات حرب ونُحرم منها للأبد؟".
يشار إلى أن النظام و"حزب الله" اللبناني قاما، في عام 2015، بجمع مئات العائلات النازحة من الزبداني في ريف دمشق، وأجبروها على الدخول إلى بلدتي مضايا وبقين المتلاصقتين، في حين حوصر نحو 160 مقاتلا من أبناء الزبداني في مربع لا تتجاوز مساحته كيلومترا مربعا، ليصل العدد إلى أكثر من 40 ألف مدني، جلّهم من النساء والأطفال، ليتم حصارهم بشكل مطبق وأخذهم رهائن مقابل أهالي الفوعة وكفريا في ريف إدلب، المحاصرين من قبل جيش الفتح، والذين سيتم تهجيرهم كذلك بحسب الاتفاق الأخير بشكل كامل.