أكد مصدر ليبي رفيع المستوى مقرب من المجلس الأعلى للدولة أن السلطات في طرابلس لا تزال ترفض مطالب وقف إطلاق النار جنوب العاصمة وعودة المسار السياسي، قبل رجوع قوات اللواء خليفة حفتر إلى معسكراتها السابقة.
ولفت المصدر الذي تحدث لـ"العربي الجديد" إلى أن سلطات طرابلس منزعجة بشكل كبير من الموقف الدولي وخصوصا الأميركي والفرنسي، والأمم المتحدة خصوصا بعد الغياب الكامل للدبلوماسية الأميركية، ستيفاني وليامز، التي تشغل منصب نائبة رئيس البعثة الأممية في ليبيا، والتي كانت حتى الأيام القليلة التي سبقت هجوم حفتر تنشط من أجل إنجاح الملتقى الوطني الجامع في غدامس.
وكشف المصدر رفض سلطتي حكومة الوفاق والمجلس الأعلى لمساع يقوم بها دبلوماسيون أميركيون من السفارة الأميركية لدى ليبيا متواجدون في تونس العاصمة، من أجل التوسط لوقف القتال وإعادة الوضع إلى طاولة المفاوضات السياسية.
وفيما لم يشر الدبلوماسي الليبي لموقف حفتر من السعي الأميركي، إلا أن تصريحات المتحدث باسم حكومة الوفاق، مهند يونس، تكشف عن رغبة الحكومة في تغيير الموقف الأميركي، فقد أكد "استمرار الشراكة بين حكومة الوفاق والجانب الأميركي في الحرب على الإرهاب".
وأشار يونس، خلال حديثه لصحافيين يوم أمس الأربعاء، إلى قرب عودة القوات الأميركية إلى العاصمة طرابلس ومدينة مصراته "في إطار التعاون الأمني المشترك"، في إشارة لقوة الأفريكوم التي أعلنت في السابع من أبريل عن نقل مقاتليها من مقرها في قرية بالم ستي في جنزور غرب طرابلس.
لكن الأفريكوم نفت رغبتها في إعادة قواتها لليبيا، مؤكدة خلال بيان لها أمس الأربعاء، أنها "لا تزال على موقفها المعلن في السابع من أبريل الماضي".
وتمكنت حكومة الوفاق من دفع عدد من الفصائل المسلحة الموالية لها في طرابلس ومصراته والزاوية لخوض حرب الدفاع عن العاصمة، إثر إطلاق حفتر حملته العسكرية للسيطرة على طرابلس في الرابع من الشهر الماضي، وإجبار الأخيرة خلال أسبوع على التراجع نحو مناطق الجنوب، بل والسيطرة على أجزاء كبيرة منها والتقدم نحو مدينتي غريان وترهونة اللتين تمثلان المركز الرئيس لقوات حفتر غرب البلاد.
ويعتبر المحلل السياسي عقيل الأطرش، أن "الحكومة ومواليها سواء من النواب أو مجلس الدولة نجحوا في قلب موازين المعادلة التي كانت تميل لصالح حفتر في البداية"، مشيرا إلى أن العامل الميداني كان المؤثر الأول في هذا التغير.
وحاولت وسائل إعلام محلية ودولية موالية لحفتر تسويق الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع حفتر، والذي أعلن عنه البيت الأبيض في التاسع عشر من الشهر الماضي، كمباركة أميركية واضحة لهجوم حفتر على العاصمة.
لكن رئيس حكومة الوفاق، فائز السراج، أكد، إثر إعلان البيت الأبيض عن الاتصال، أن بلاده تعتبر تصريحات وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، التي دعا خلالها حفتر لسحب قواته ووقف القتال، تعبر عن الموقف الرسمي الأميركي.
وتلقى السراج اتصالا هاتفيا من ليندسي غراهام، عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، أول أمس الاثنين، أكد فيه الأخير على أن موقف واشنطن يجب أن يتجه لوقف إطلاق النار ودعم جهود السلام التي ترعاها الأمم المتحدة، واعتبر هذا الاتصال أنه يعكس موقفها أميركيا غير واضح بشأن هجوم حفتر، وأن اتصال ترامب بحفتر لا يعبر عن موقف أميركي مجمع عليه بشأن عملية حفتر.
ويعتقد الأطرش أن "السراج وشركاءه يسعون لتغيير الموقف الأميركي، والحصول على تأكيد واضح من واشنطن باستمرار دعمها لهم، واعترافها بهم كحكومة شرعية وحيدة في البلاد"، مشيرا إلى أن المساعي الأميركية عبر سفارتها لا تشير إلى وجود تغير واضح".
وذكر السياسي الليبي أن هناك عدة عوامل يمكن أن ترجح الموقف الأميركي للتبدل قريبا، وقال في هذا السياق: "حكومة الوفاق أعلنت خلال الأسابيع الماضية عن تمكنها من ضبط عنصرين خطرين من تنظيم داعش داخل العاصمة، لتليها كلمة زعيم داعش أبوبكر البغدادي الذي حث صراحة أتباعه في ليبيا على استهداف مواقع النفط واستثمار القتال الدائر بين الأطراف الليبية، وأعتقد أن الإرهاب والنفط هو ما يهم الجانب الأميركي في ليبيا، وهو ما سيدعوها لتغير موقفها من حرب حفتر".
ويضيف "ما دام الموقف الأميركي ليس واضحا للحكومة في طرابلس سيما بعد وعود أفريكوم بالعودة ثم إعلانها خلاف ذلك، لن تقبل الحكومة بأي وساطة أميركية وستعتبرها سعيا لإنقاذ حفتر من ورطته العسكرية والسياسية"، معتبرا أن موقف قادة طرابلس المتصلب في رفض حفتر شريكا سياسيا بعد حربه على العاصمة هو الأساس حاليا في جهود وقف القتال.
وكان رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، أكد أن القتال لن يتوقف حتى تصل قوات الحكومة إلى الرجمة قاعدة حفتر الرئيسية شرق البلاد.
وعن المسار السياسي، أشار المشري، خلال لقاء أجراه مع فضائية الجزيرة ليل البارحة الأربعاء، على رفضه لحفتر شريكا في أي عملية سياسية مقبلة.